جعفر رجب / تحت الحزام / «ستيف أوستن» في التربية

1 يناير 1970 05:57 م
في السبعينات كان التلفزيون يعرض مسلسلا اسمه «رجل الست ملايين دولار» وسمي بهذا الاسم لان الحكومة الأميركية - في المسلسل - صرفت عليه ستة ملايين دولار، من اجل انتاج رجل يحمل مواصفات خارقة واسمه «ستيف اوستن»!
في الكويت 2008 تم انتاج مباني «الستة ملايين دولار»، وهي عبارة عن ثلاث مدارس جديدة تم افتتاحها في جنوب السرة، كلفة كل واحدة منها ستة ملايين دولار!
المبلغ مغر، ولكن في سبيل التربية كل شيء يهون، خاصة انها لـ«عيال الديرة»!
بهذه الستة ملايين تم بناء المدرسة بمواصفات متطورة جدا:
وضعوا نظام تكييف متطورا جدا، لدرجة انها لا تشتغل في الرطوبة، ولا يمكن التحكم بدرجة حرارتها إلا عن طريق خبير استراتيجي من الشركة، وقد علق مصدر مسؤول، انه عند دخوله المدرسة، ومن شدة البرد شعر بأنه في ثلاجات المشرحة!
الملاعب متطورة جدا، فلا عشب صناعي، ولا طبيعي، ولا «ترتان» ولا «تان تان» غطت ملاعب السلة والطائرة، بل هي «مزفتة» بالقار الأسود، الذي لو سقط عليه طالب لسقط إلى الدرك الأسفل من النار وارتد عن الإسلام، وسيصبح يهوديا من حزب «شاس»!
الصالة المباركة للرياضة، خاوية على عروشها، فالأرضية من الاسمنت المسلح، والمضاد للصواريخ، ولو سقط نفس الطالب الذي سقط في ساحة الملعب، لتشهد الشهادتين وأعلن توبته وعودته للإسلام، وسافر للحرب مع الطالبان!
الملاعب ليست مهمة، الأهم الفصول الدراسية، اللهم لا حسد، فقد استطاعوا أن «يجمعوا» جميع الأبواب المهترئة والمسكربة، والسيراميك «إلى طايح بجبدهم» في منطقة «أمغرة»، لتركيبها في المدارس، ولم ينسوا وضع لمسة جمالية، بوضع زجاج «بوسيم» الذي انقرض مع آخر بيت تثمين في شرق، وميزة الأبواب، إذا فتحت لاتغلق، وإذا أغلقت تحتاج إلى أربعة وأربعين صنديدا من صناديد العرب لفتحها، أو إلى عامل إيراني متخصص في حمل الثلاجات!
وعند فتح الباب، ستدخل إلى الفصل، أضف إلى الفصل ليمون، وملح، وخبز لبناني، واستمتع بوجبة سردين!
المباني جديدة، ولكنها تعاني من الشيخوخة المبكرة والزهايمر، وجميع الأمراض المستعصية... هذا بعض مما في هذه المدارس المليونية، وما لم اقله أكثر، والخافي أعظم، وأعظم!
لو عندي ستة ملايين دولار لبنيت مدرسة تحت البحر، وتعمل بالطاقة الشمسية، ولبلطتها بالرخام الايطالي، وزينت جدرانها «بشورافسكي» ووضعت نصف المبلغ في جيبي... أما هذه المدارس فلا اعتقد انها كلفت أكثر من ثلاثمئة وعشرين دينارا!
في أميركا انتجوا مسلسل «رجل الستة ملايين دولار»، ونحن انتجنا مسلسل «رجل يسرق الستة ملايين دولار»!
***
المواطن اقتصاده ماشي عـ«السلف»، وبالسياسة ابتلي بـ«السلف»، انه وضع يقطع «الخلف»!
***
الرجاء من الثلاثي أن يذهبوا اليوم «بكير» للمجلس، ويقدموا استجوابهم، ولا ينسوا أيضا شراء طابع «بو نص» دينار، حتى لا يكون عذرهم اليوم: ما قدمنا الاستجواب لأنه ما كان عندنا خردة نشتري طابعا من الماكينة!
جعفر رجب
[email protected]