الغاية تبرر الوسيلة أسلوب «الإخوان»... لكن السؤال: هل تقع الحكومة مجدداً في فخ التجربة؟

«حدس» تطوي «الجناسي» في ملف «الصفقات»

1 يناير 1970 11:02 م
• شباب الحراك أصدروا بياناً غير متلون ربط بين الوحدة المجتمعية وإرجاع الجناسي

• معلومات عن إصرار «حدس» على تولي حقيبتي «العدل والأوقاف» في الحكومة المقبلة

• «الحركات المتسلقة» ستسقط مثلما سقط كثير من «إخوانها» في الدول الأخرى

• الحكومة تحولت «حضناً دافئاً» لاحتواء «عدو الأمس» متناسية مسيراته ودخانه ونيرانه

• جماعة «الإخوان» تبقى متقلبة وأمام عينها الحكومة «فريسة» لاصطيادها متى ما ضعفت
من كرسي الموالاة الذي جلست عليه في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، إلى كرسي المعارضة الذي «ركبت» معه موجة الحراك في «الشارع» تزامناً مع الربيع العربي، تعود الحركة الدستورية اليوم إلى كرسيها العتيد محتضنة العباءة الحكومية الكويتية بكثير من «السمع والطاعة» تاركة شعارات «الربيع» و«الرئيس الشعبي» و«تضحيات الشباب» و«القيود الأمنية» و«ملفات الجناسي» في مكتبة «الاخوان» مؤرشفة بعنوان «الغاية تبرر الوسيلة».

هكذا يبدو المشهد اليوم متجلياً بلا مواربة، يرصده المراقبون بوضوح بعد الانقلاب «الميكيافيلي» الذي مارسته «حدس» منذ محطة «الحنث بالقسم»، ورفع ملف الجناسي المسحوبة شعاراً رئيساً لتبرير المشاركة في انتخابات «الصوت الواحد»، وصولاً إلى البيان الذي أصدرته أول من أمس بعنوان «الوحدة الوطنية مصير وليس اختيارا» وفيه غابت المطالبة بإعادة الجناسي مكتفياً بدعوة على استحياء «لإنهاء الملفات العالقة والحساسة».

لكن في المقابل خرج البيان «النقي» الذي أصدره شباب الحراك، «صادقاً» وواضحاً حاملاً مطالبات وطنية تنشد الصلاح والاصلاح بعد تأكيدهم على «أن تماسك ووحدة النسيج الاجتماعي لا يتحقق الا بارجاع حق المواطنين المسحوبة جناسيهم ظلماً وجوراً لأسباب سياسية» باعتباره «أمرا لايمكن المساومة عليه أو تأخيره»، في اشارة واضحة على مخاوف دخول «ملف الجناسي المسحوبة» ضمن أجندة «التسويات» و«المساومات» التي تديرها «حدس» وتتقنها جيداً لاسيما في حسابات الزمن والوقت والتوقيت و«الكر والفر».

ففيما كان بيان الشباب الموقع من ناشطين بينهم خالد الفضالة ويوسف الشطي والدكتور مشاري المطيري وآخرون ملتزماً بمطالباته السابقة بـ«الاصلاحات السياسية» و«تنظيم العمل السياسي» كونه «اليوم أصبح ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى»، تراجع بيان الحركة الدستورية عن مطالبات سابقة وردت في مشروع ائتلاف المعارضة الذي صدر في 2014 متضمناً الدعوة إلى «اقامة نظام انتخابي ديموقراطي برلماني كامل وصولاً إلى الحكومة المنتخبة». وفي حين أيضاً، تنصلت «حدس» من عناوين هذا المشروع في بيانها بقيت مطالبة الشباب ثابتة لجهة «احترام ارادة الأمة وصون الضمانات والمكتسبات الدستورية والتي على رأسها أن الأمة صاحبة السيادة ومصدر جميع السلطات».

وبين (المواقف النقية) و (المتلونة) لم يجد مراقبون بداً من التأكيد على ان (الحركات المتسلقة) التي تصعد على أكتاف الصادقين وتستثمر مساعيهم وتضحياتهم في الوصول إلى اهداف مصلحية ستسقط مثلما سقط كثير من (اخوانها) في الدول الاخرى».

ويعيد المراقبون إلى الأذهان كيف «تأسدت» الحركة الدستورية في منتصف اكتوبر 2012 واستفحلت أمام «وسطاء» طلبوا من ممثليها البرلمانيين آنذاك تأجيل تجمع «كفى عبثا» في ساحة الارادة لتزامنه مع مؤتمر التعاون الآسيوي الذي نظمته الكويت وحضره عدد غير قليل من قادة دول العالم... يومها كانت موازين القوة تتبدل لمصلحة حركات الاخوان في مصر وتونس وليبيا واليمن، لذلك رفضت الحركة الكويتية الوساطة لتأجيل التجمع الشعبي مقررة المشاركة فيه بكامل عدتها وعتادها رغم تنظيمه في ظروف استثنائية كان الاستقرار الداخلي فيها مهدداً خصوصاً في ضوء ما حدث في كثير من الدول العربية.

وفي هذا المشهد، يتذكر النائب رياض العدساني كل هذه التفاصيل، مؤكداً في مواقفه أن «الكويت حالياً أكثر استقراراً من 2012»، لأن «الشارع هادئ بلا تظاهرات ولا مسيرات»، بخلاف تلك الفترة التي كانت فيها «الحركة تحرك الشارع»، بحسب قوله، في تأكيد مباشر على أن مطالبات «التهدئة السياسية» التي تقودها «حدس» حالياً خاضعة لمصلحتها قبل مصلحة الكويت بعدما كانت طرفاً مشاركاً في مسيرات شعبية ضخمة شهدتها الكويت تزامنت مع تظاهرات عربية سقط فيها آلاف القتلى، وهي الفترة التي أجمع «الوطنيون» على خطورتها في تاريخ الكويت وكانت تتطلب هدوءاً لتجاوزها بخلاف الوضع الراهن الذي يشهد استقراراً داخلياً وتكاتفاً شعبياً لافتاً مع النظام.

غير أن المثير في هذه «الاستدارة» والعودة إلى كرسي الموالاة وفق مقتضيات «المصلحة التنظيمية» يتجسد بموقف الحكومة التي تحولت على ما يبدو «حضناً دافئاً» لاحتواء «عدو الأمس» متناسية مسيراته ودخانه ونيرانه، في ظل ما يحكى عن صفقات يجرى الاعداد لها، منها الدخول في الحكومة الجديدة بحسب المفاوضات التي جرت وتجري، وسط تواتر معلومات عن اصرار «حدس» على تولي حقيبتي «العدل والأوقاف».

ويتساءل مراقبون في هذا السياق: هل تدرك الحكومة ماذا فعلت «حدس» فيها منذ اعلان مقاطعتها انتخابات «الصوت الواحد» في العام 2012 ؟ ويعيد هؤلاء التذكير بأن «الحركة» خلال جولتين انتخابيتين غابت عنهما كانت وقوداً للتأجيج والتأزيم والتصعيد حتى نفد الوقود، فقدت القدرة على التحريك والتهييج اثر سقوط مشاريع ائتلاف المعارضة وانتهاء «مطالبات» السقف العالي، واستنفدت كل المحاولات قبل ان يتحول المزاج الشعبي بالاجماع رافضاً الخروج للشارع ومفضلاً الاحتكام إلى الصناديق.

ويرى المراقبون أن أي استجابة من الحكومة مع مشاريع «حدس» ورغبتها في احياء التحالف من خلال تسويق موقفها على انها قائدة للمشهد البرلماني وقادرة على أن تكون غطاء حامياً لها خلال المرحلة المقبلة، هي «خطوة غبية» ستفشل حتماً في في أول اختبار لها لاسيما بعد موقفها الأخير «الصادم» في استجواب الوزير الشيخ محمد العبدالله الذي انتهى بتوقيع «النواب الحدسيين» جميعهم كتاب طرح الثقة، ما يؤكد ان الحركة ستبقى دائماً متقلبة وأمام عينها الفريسة لاصطيادها متى ما ضعفت وتهاوت.

ويرى المراقبون ان الحركة الدستورية «ستواصل خلال الفترة المقبلة تقديم المواقف الداعمة لفكرة الالتفاف خلف النظام في مثل هذه الظروف لاسيما بعد الحديث عن لقاء سيجمع النواب بالقيادة السياسية قريباً للدخول بوجه أبيض بعد أن كان أسود طوال 5 سنوات».