رأي قلمي

للحرية حقيقة...!

1 يناير 1970 01:35 ص
إن مسؤولية توفير المناخ الصحي والعقلي لممارسة الحريات بضوابطها وآدابها مشتركة، وتقع على عاتق الأسرة أولاً، ثم الحكومات والمؤسسات والأفراد ثانياً. ولا بد من تهيئة الظروف الملائمة والموائمة لدين وعرف البلد، لضمان سلامة ممارسة الحريات بشكلها الصحيح، والمطلوب قبل فتح أبواب الحريات أمام البشر تهيئة المناخ اللائق لتأدية الحريات، ولا بد من التنبيه على كل من يتكلم بما يشاء وفي ما يشاء أن يراعي أحكام الدين والأخلاق والنظام العام والسلامة العامة، وحقوق الآخرين وحرياتهم.

الحرية كلمة ينشد حقيقتها كل فرد ويسعى إليها، وجاء الإسلام يضمن الحرية للإنسان، لأنها إحدى مقومات الشخصية، وأساس أي مجتمع إنساني، ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار، لا يمكن مطلقاً ممارسة الحريات الممارسة الصحيحة بضوابطها وآدابها من دون توفير وتهيئة المناخ المناسب لممارستها على أصولها التي استقيناها من الدين والعادات والتقاليد السائدة في المجتمع. ولقد خلق الإنسان حرا ومنح حرية الاعتقاد والدين والتعبير عن رأيه وغيرها من حريات. وفي ظل الممارسة الصحيحة للحرية بالتأكيد ستؤتي ثمارها المرجوة من بعد غرسها في المناخ المناسب لها صحياً وعقلياً. كلنا يعلم أن للحرية ضوابط وآدابا، ومن ضوابط هذه الممارسة ألا تتعارض الحريات مع الدين والأخلاق، وقوانين الدولة، وحقوق الآخرين وحرياتهم.

وإن لم نوفر هذا المناخ فستفتح أبواب الفوضى والغوغائية على المجتمع بأكمله، وستعج الساحة بالفوضى الفكرية السوداء، وسوف توسع هوة الخلاف بين أفراد المجتمع الواحد، وستكون الأجواء قابلة لإثارة وإشعال أدنى فتيلة للفتن تحت مبرر الحرية المطلقة والديموقراطية اللا مسؤولة. لذا كان لابد من إرشاد الناس إلى ضوابط الحرية وآداب ممارستها في زمانها ومكانها، من دون التعدي والتضييق على الآخرين وإجحاف ومصادرة حقوقهم تحت ذريعة «أنا حر وافعل ما شئت».

إن توفير المناخ الصحي والعقلي من الحمايات والإجراءات التي لا بد اتخاذها لتحصين وتطعيم الناس اللقاح الذي يرفع من مناعة الفرد ضد الحرية القمعية وغير المقيدة بالضوابط والآداب، وليس القصد منها التضييق على حريات الناس ولكن المقصد حتى لا تفتح أبواب الحرية على مصراعيها من دون التحرز من أضرارها وعواقبها الوخيمة، وحتى يتم أخذ الحيطة والحذر من أعداء الحرية السفهاء الذين يمارسون أفعالهم المشينة باسم الحرية وهم من دمّر مفهوم الحرية وهدم الضوابط والقيود، التي لو التزم بها الفرد ولم يتعد حدودها لكانت تربة الحريات خصبة لإجراءها بحكمة وسداد. وإن لم نتجرع جرعات الحرية بمعيار ومكيال مقنن ومنظم ستختل موازيين ومعايير ضوابط وآداب الحريات وتقضي على المجتمع بأكمله بتفشي كل أنواع الفساد، وبعدها نقول:على المجتمع السلام. إن زادت جرعة الممارسات عما وصف لنا في الوصفة الربانية سوف تعصف بكل من يمارسها من دون ضوابط وقيود وآداب، وتنعكس سلباً على الجماعة قبل الفرد. لذا علينا أن نثقف أنفسنا والناس بكيفية إنزال هذه الوصفة على واقعنا وممارستها الممارسة الصحيحة الصائبة التي لا تضر الآخرين، ولا تنعكس بالسلب على أفراد المجتمع فيصبح المجتمع مجتمعا ضحلا منحطا لا يحمل أدنى مسؤولية لتصرفاته، ولا يعتريه الاهتمام بحريات الآخرين، ويصبح همه الوحيد خرق الضوابط والآداب، وحتما سينتج عنها التعدي والتجاوز على حريات غيره.

فلا نلوم ونؤنب الناس على خرقهم للمبادئ والقيم الأخلاقية وتجاوزهم الخطوط الحمراء من مساحة الحريات المسموح لهم بها من دون أن نوفر ونهيئ المناخ السليم الصحي النقي لممارسة حرياتهم واحترام وتبجيل حريات الآخرين.

[email protected]

mona_alwohaib@