نافذة... الأمل

«لوفر أبو ظبي» يضيء فنون العالم

1 يناير 1970 05:06 ص
«لا يوجد بلد يمكن أن يتطور حقاً ما لم يتم تثقيف مواطنيه»

قالها مانديلا بالأمس... واليوم تجتهد دولة الإمارات لتنفيذها!

إن «لوفر أبو ظبي» أو «لوفر الصحراء» كما يطلقون عليه، الذي ستفتح أبوابه في 11 نوفمبر المقبل، ليحتضن الجمهور المتعطش للفن والإبداع، فيرويه بكل ما يحمل إلى العالم من جمال ورسائل سلام وتسامح، هو بصمة ثقافية إماراتية جديدة على جبين وطننا العربي نفتخر ونعتز بها بكل محبة!

و«لوفر الصحراء» المشروع الأول من نوعه في البلاد العربية، الذي يحمل اسم متحف «اللوفر» الأساسي الكبير في باريس، والأضخم من حيث تصدير الثقافة الفرنسية إلى الخارج، هو ثمرة اتفاق وقع عام 2007 بين حكومتي أبو ظبي وفرنسا، وانتظرنا عشرة أعوام من الجهد والعطاء لتحصد ثماره الطيبة أجيال بعد أجيال.

إن تضافر الجهود للارتقاء بالثقافة من الأمور المهمة التي نحتاج إليها وبشدة في وقتنا الحاضر، وهذا ما أعربت عنه وزيرة الثقافة الفرنسية فرانسواز نيسن في المؤتمر الصحافي الذي عقد في العاصمة الإماراتية منذ أيام، وعبرت فيه عن سعادتها وفخرها بأن بلادها ساهمت في تشييد هذا الصرح الثقافي، ووظفت فيه خبرتها بإدارة المتاحف، وليست إقامة مثل هذا المتحف إلا رد مشترك في زمن تتعرض الثقافة للاستهداف.

لم يعترض الفرنسيون على تصدير الثقافة يوماً، لكنهم رفضوا في البداية أن ينقص منسوب اللوفر، الذي يعد أكبر متحف فرنسي وأوسع متحف في العالم، لكن الثقافة بما فيها الجامعات والمتاحف ومراكز الأبحاث باتت سلعة يمكن أن تروج في العالم، فتصيب دول العالم بأهميتها وتعميم فائدتها.

ستتزين أبو ظبي بجوهرتها الجديدة «لوفر الصحراء» الذي نقش تفاصيل جماله المعماري الفرنسي العالمي جان نوفيل، الحائز جائزة «بريتكز العالمية»، والذي حرص على أن يكون المبنى متوافقاً مع الجغرافيا المحيطة، فكان مزيجاً جميلا بين الحضارة الإسلامية وفن العمارة العربية مع أبرز مقومات فن العمارة المعاصرة، فتصميمه جسد كل ذلك التناغم، وكان مستوحى من أشكال الأسواق العربية التقليدية بممراته الواسعة المسقوفة، أما سماء المتحف فتزينت بقبة كبيرة ذات فتحات هندسية تشبه سعف النخيل المتداخلة في نظام يقدم أشعة النور، فتغطي الممرات وقاعات العرض الضخمة التي بلغت مساحاتها 9200 متر مربع، وتضم الأعمال الفنية النادرة لبعض فناني مدارس القرن العشرين المؤسسين والرواد، أبرزها أعمال فنية معارة من متاحف فرنسية كبرى كاللوفر ومتحف أورساي، وقصر فرساي، لفنانين من العالم، كدافينشي، مونيه، ماتيس، فان غوغ، وغيرهم الكثير من الفنانين المميزين.

كل ذلك بجانب قاعات العرض الدائمة للأعمال التي يقتنيها المتحف، وأعمال مختلفة يسلط الضوء من خلالها على مختلف الحضارات، فيبين التأثيرات المشتركة للثقافة وأوجه التشابه والاختلاف التي تتجاوز حدود الجغرافيا والتاريخ والأعراق، كل ذلك شيد على مساحة 24 ألف متر مربع.

جوهرة أبو ظبي «لوفر الصحراء» يمثل حجر زاوية لحماية التراث الإنساني من الهمجية التي تهدد الآثار والتحف النادرة، فالحضارة الإنسانية يجب أن تحمى وتحفظ من موجة العنف وكل الأعمال المدمرة، فوجود مثل هذا المتحف يعد رسالة سلام وتسامح إلى العالم.

كما أن موقعه المميز في قلب المنطقة الثقافية، في جزيرة السعديات التي تحفل بمؤسسات ثقافية عريقة تتسم بطابعها وحجمها المميز، يضيف إلى النشاط في هذه الجزيرة قيمة ومستوى واحتفالاً بكل ما هو من جماليات الحياة التي تغني العقل والذوق معاً. إلى جانب فرع لمتحف «غوغنهايم» النيويوركي للفنون المعاصرة، والمتحف الوطني الذي يحمل اسم الشيخ زايد بن سلطان، قائد النهضة الثقافية الاماراتية، وصاحب الرؤية الحكيمة والبصيرة الطامحة دائماً إلى تعليم شعبه وتثقيفه، حين قال «إن تعليم الناس وتثقيفهم في حد ذاته ثروة كبيرة نعتز بها، فالعلم ثروة، ونحن نبني المستقبل على أساس علمي».

حقاً؛ إن تثقيف الأجيال وتربيتهم على تذوق الفنون والتعايش مع الحضارات الأخرى هي الثروة الحقيقية التي تزين الشعوب، فتهانينا للشعب الإمارات على هذا الإنجاز الثقافي الحضاري، ونهنئ أنفسنا، نحن العرب، على «لوفر الصحراء».

* كاتبة كويتية

Amal.randy@yahoo.com