كافحوا «أبغض الحلال» من أجل استقرار الأسر العربية

جمعيات مصرية لمكافحة الطلاق: نسبته في الكويت 35 في المئة والإمارات 48 في المئة ومصر 34.5 في المئة ... في السنة الأولى

1 يناير 1970 06:51 ص
| القاهرة - من هناء محمد |
غدا «الطلاق» في المجتمعات العربية، ظاهرة سيئة اجتاحت أقطارا، كانت تنظر الى الطلاق باعتباره جريمة لا تغتفر، ويبرر باحثون معنيون بالظاهرة، تلك الظاهرة لأسباب عدة، أهمها الزواج المبكر وما ينتج عنه من عدم استقرار بين الزوجين، فضلا عن التسرع وعدم ضبط النفس الذي بدأ يعاني منه الكثير من الشباب في الوطن العربي وعدم اعتمادهم على أنفسهم.
دراسة حديثة صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء في مصر، بينت أن في مصر «240» زوجة يطلقن يوميا، حتى وصل عدد المطلقات الى مليونين و459 ألف مطلقة في السنة.
كما كشفت الدراسة أن أعلى نسبة للانفصال تحدث في السنة الأولى وتبلغ 34.5 في المئة، أما السنة الثانية فتبلغ نسبة الانفصال 12.5 في المئة، كما أوضحت، أن أعلى نسبة طلاق تحدث في سن الـ «30».
دول الخليج شهدت بدورها اطرادا لافتا في نسب الطلاق، والذي كان نادر الحدوث قبل سنوات قليلة في الفترة الأخيرة، حيث وصلت نسبته في قطر الى 38 في المئة، وفي الكويت الى 35 في المئة، وفي البحرين 34 في المئة، وفي الامارات وصلت نسبة الطلاق الى 48 في المئة من اجمالي حالات الزواج.
الى ذلك، يتبنى عدد من الجمعيات المصرية التي تقدمت بطلبات لتدشينها مكافحة الطلاق وتوفير حياة مستقرة للمطلقة، لأن المجتمعات الشرقية تنظر للمرأة المطلقة نظرة دونية شديدة ويرفض دمجها في المجتمع ما يعوق المرأة عن الاستمرار في حياتها السوية، وتضطر اما للاستسلام والانعزال عن المجتمع أو الاتجاه في الطريق غير الصحيح، وفي كلتا الحالتين، يخسر المجتمع عضوا كان من الممكن أن يسهم في نجاحه وتطوره، ولاتزال هذه الجمعيات تنتظر القرار بالموافقة على اشهارها.
أستاذة الاجتماع في جامعة بنها الدكتورة هالة منصور، قالت: للأسف أصبح الطلاق في مجتمعاتنا العربية ظاهرة لم نعتد عليها، والسبب في ذلك وجود خلل واضح في العلاقات الأسرية والاجتماعية ساعد في انتشاره التطور التكنولوجي وغزو الانترنت والفضائيات التي تعرض نماذج لعلاقات اجتماعية غربية مختلفة تماما عن نشأتنا، لذلك لابد من البحث عن طريقة لمكافحته من خلال التوعية بمخاطره على الأسرة، وخاصة التي بها أولاد، وهو ما سيؤثر حتما بدوره على المجتمع، فالتفكك الأسري هو بداية ظهور الجريمة.
مضيفة - في تصريحات لـ «الراي»: ان جزءا من المسؤولية في الطلاق يقع على عاتق الآباء والأمهات لجهة تعميق دور الأسرة في نفوس أبنائهم وترسيخ مبادئ الاستقرار وتحمل المسؤولية وتقديس الحياة الزوجية، وأن يكون للأهل دور ايجابي في علاج بعض المشكلات التي تحدث في بداية حياة أبنائهم الزوجية كي تمر بهم سفينة الحياة هادئة.
وقالت: من ضمن أسباب الطلاق الجوهرية الزواج المبكر، وما ينتج عنه من عدم استقرار وبالتالي زيادة التوترات بين الزوجين وصعوبة التفاهم، وكثرة تدخل الأهل والأقارب في شؤونهما واعطاء الأمور أكثر من حجمها الطبيعي، واستمرار بعض الخلافات التي سبقت الزواج الى ما بعد الزواج، كالخلاف على قيمة المهر والمؤخر والشبكة وتأثيث الشقة والهدايا والاستعداد للزفاف، وكذلك تأخر الحمل والانجاب.
من جانبها، قالت مديرة «مركز أهالينا» لدعم وتنمية الأسرة المصرية ايمان عوف: ان الفكرة التي تنادي بها هذه الجمعيات تهدف الى النهوض بالمجتمع، فالأسرة الصغيرة هي جزء من المجتمع يؤثر فيه ويتأثر به، وفي الوطن العربي - ومصر خصوصا - تعتبر المرأة مكونا رئيسيا للأسرة، فبعد أن كان يقتصر عملها على رعاية الأطفال والاهتمام بشؤون بيتها أصبحت تسهم اقتصاديا في معيشة الأسرة، وفي مصر الكثير من العائلات التي تعولها نساء.
وأكدت في تصريحات لـ «الراي»: ان الفقر أبرز أسباب الطلاق في الوطن العربي - وفي مصر تحديدا - وما يترتب عليه من خلافات وعدم تحمل الزوج نفقات الأسرة وعدم مراعاة الزوجة والأولاد للظروف الصعبة التي يمر بها الزوج.
وأوضحت، أن الواقع العربي، لا يختلف كثيرا عن الدول الأوروبية، فالمرأة هي المرأة سواء كانت شرقية أو غربية واستشهدت باحدى الدراسات التي ذكرت أن 79 في المئة من حالات الانفصال سببها معاناة الزوجة من انعدام المشاعر وعدم تعبير الزوج عن عواطفه لها وفقدان أي وسيلة للحوار بينهما.
أما عن امكان ممارسة المطلقة حياة طبيعية بعد الانفصال، قال استشاري الطب النفسي الدكتور ناجي جميل: المطلقة تكون أكثر عرضة للاضطرابات النفسية «القلق والتوتر والاكتئاب»، وخصوصا في المجتمعات الشرقية التي تنظر للمرأة المطلقة نظرة مشينة، وهناك الكثير من المطلقات اللواتي يترددن على العيادات النفسية.
جميل، نصح المطلقات باتباع خطوات عدة للتخلص من أزمتهن، منها أن تدرك المطلقة أن سعادتها مرتبطة بنوعية تفكيرها، وأن تنظر للمرحلة المقبلة على أنها تحدٍ وتنسى الماضي ومتاعبه، وتهتم بحياتها الخاصة، وأن يكون لها هدف تحاول انجازه على المستوى الشخصي، وتحرص على تطوير نفسها من خلال حضور دورات تدريبية لتعلم اللغات والالتحاق بمعاهد الحاسب الآلي، ولا تجعل الزواج هدفها الوحيد الذي تسعى اليه، وتبتعد عن الاحساس بالشفقة على ذاتها، ولا تجعل نظرة المجتمع السبب في بعدها عن الحياة الاجتماعية وانطوائها.
وعن رأي الشرع والقانون، أشار أستاذ الشريعة والقانون في جامعة الأزهر الدكتور عبدالله النجار، الى أن فكرة مكافحة الطلاق فكرة مفيدة للمجتمع، وذلك للزيادة غير الطبيعية في نسبة الطلاق في المجتمعات العربية، والتي ترجع الى أن الزوجين لا ينظران الى الزواج كما كان السابقون ينظرون اليه، حيث كانوا يعتبرونه رباطا مقدسا يؤمنون ايمانا جازما بالأدلة الشرعية التي ترشدهم الى الصبر، فصبر الزوجة على زوجها عبادة، وصبر الزوج على زوجته عبادة.
وأضاف: تغيرت النظرة وأصبح الزواج مصلحة، فالمرأة تريد مرتقى اجتماعيا واقتصاديا ومهنيا، والزوج يريد في الزوجة - الغانية والفنانة - التي يراها على شاشات التلفزيون والانترنت أو على صفحات الجرائد والمجلات، الا أن الواقع بعد الزواج يصدمهما ويصابان بنوع من المواجهة القاسية، فلا يصبران ولا يفكران وتكون النتيجة طلب الطلاق الذي يصبح الحل المرضي في ظل الأجواء المشحونة بالعناد والندية.