الحريري يزور سلام متضامناً... و«مشاكَسة» بين عون وبري

«مُحاكَمة» حقبة الـ 2014 تُدْخِل لبنان حقلَ اضطرابٍ سياسي

1 يناير 1970 01:11 ص
... انتصارٌ عسكري سرعان ما تحوّل انتكاسةً سياسية. هكذا هو حال لبنان العائد للتوّ من انتصارٍ ناقصٍ في معركة «فجر الجرود» بعدما شابتْها ملابسات الصفقة بين «حزب الله» و«داعش»، إلى فائضٍ من العِراك السياسي الذي حرَف الأنظار عن تلك الصفقة ومغزاها، بإطلاق محاكماتٍ سياسية - إعلامية قبل القضائية لمرحلةٍ بالغة الحساسية والخطورة كانت شهدتْها البلاد العام 2014، وجرى خلالها خطْف «النصرة» و«داعش» لجنود وعناصر أمن لبنانيين أثناء مواجهةٍ في بلدة عرسال (ذات الغالبية السنية) الواقعة على الحدود «المفتوحة» مع سورية.

ورغم أن «حزب الله» برّر صفقته مع «داعش» وضمانه انتقال الإرهابيين من الحدود اللبنانية الى الحدود العراقية بالكشف عن مكان وجود جثامين العسكريين اللبنانيين الثمانية، فإن تَدافُعاً جرى بين أصواتٍ طالبتْ بمساءلة «حزب الله» عن سرّ صفقةٍ بدتْ وكأنّها لتهريب قتَلة العسكريين اللبنانيين وحرمان الجيش من الإطباق عليهم بعدما جرى حشْرهم في المربّع الأخير، وبين حملةٍ تصاعُدية بدأتْ سياسيةَ لفتْح ملف أحداث عرسال 2014 وانطوتْ على اتهاماتٍ بحق رئيس الحكومة آنذاك تمام سلام وقائد الجيش في حينه العماد جان قهوجي وعلى خشيةٍ من تصفية حساب مع عرسال، وتُوِّجتْ بطلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون فتْح تحقيق قضائي يتناول ملابسات ما جرى في 2014.

وإذ كان رئيس الحكومة سعد الحريري طَمْأن الى أن التحقيق لن يكون انتقامياً، فإنه اضطرّ أمس الى القيام بزيارة «تَضامُن» ذات دلالات للرئيس سلام معلناً «كفى مزايدات وكلاماً في الهواء»، ومُدافِعاً عن الرئيس السابق للحكومة الذي «كان هدفه حماية لبنان من الفتنة السنية - الشيعية ومن الإرهاب ومنْع تفجير البلد»، وداعياً الى «وقف الاتهامات التي تضيّع على لبنان انتصاره برفْع العلم لأول مرة على الجرود مع سورية»، ومعتبراً «ان ما يعنيني هو التحقيق الذي طالب به رئيس الجمهورية حول كيفية مقتل العسكريين ولماذا قتلوا. لكننا ننسى أمراً رئيسياً، أن من قتلهم هو (داعش) الارهابي». وأوضح انه «في الحوار بيننا وبين (حزب الله)، كانت هناك أمور نتفق عليها رغم الخلافات بيننا، وهي استقرار لبنان وأمنه. لذلك أتمنى على الجميع عدم المزايدة، فكلنا مسؤولون، كل القيادات السياسية التي كانت على الطاولة يومها مسؤولة بسبب خلافاتها السياسية»، واعداً بأن عرسال لن تكون مكسر عصا فـ «ما حدا بيسترجي يمدّ إيدو على عرسال، فأنا هنا والجيش اللبناني للجميع».

وقد أثنى سلام على كلام الحريري معلناً «همّنا كان الحفاظ على لبنان وعلى عرسال»، محذراً من «أعداء الداخل وحملاتهم الشعبوية».

ورغم محاولات الحريري، الذي يبدأ اليوم زيارة لموسكو يلتقي خلالها الرئيس فلاديمير بوتين، تشكيل «خط دفاع» عن سلام، تُرْخي المخاوف من الخلْط بين «السياسي والقضائي» في مقاربةِ ملابسات أحداث 2014 والتعامل بانتقائيةٍ مع وقائع تلك المرحلة بأجواء داكنة في البلاد تعكسها السجالات العلنية «غير المباشرة» بين كبار المسؤولين، وسط اندفاعةِ الرئيس عون بـ «كلامِ يومي» عن الحاجة الى التحقيق، مع انتقادٍ ضمني يوجّهه للمسؤولين السياسيين والعسكريين في المرحلة التي جرتْ فيها أحداث عرسال، مقابل إطلاق رئيس البرلمان نبيه بري تحذيرات متوالية من «المحاكمات السياسية» الجارية عبر الإعلام، مدافعاً عن القرارات التي اتُخذت آنذاك، في حين بدا رئيس الحكومة وكأنه «يعضّ على الجرح» في ظل حرْصه على موجبات التسوية السياسية في البلاد من جهة وعدم قدرته في الوقت نفسه على تَحمُّل «أثمان» استضعافه عبر الحملات التي تستهدف بيئته.

ولم تكن زيارة الحريري لسلام الحدَث الوحيد في بيروت أمس، إذ كانت بارزة «تغريدة» لرئيس الجمهورية بدتْ رداً ضمنياً على بري وسأل فيها: «هل يعلم مَن يسعى لعرْقلة التحقيق قولاً أو فعلاَ أنه يشجع على الثأر والانتقام الفردي؟»، داعياً الى «الاختيار بين الدولة وعدالة القضاء أو العشيرة وعدالة الثأر».

وكان رئيس البرلمان أبلغ الى محطة «ام تي في» اللبنانية انه لن يسمح «بالاستفراد بقائد الجيش السابق العماد جان قهوجي الذي ليس هو المسؤول عمّا حصل في السابق، وما يجرّبوني بهذه المسألة»، معلناً «اذا فُتح الملف لن يغلق على حساب قهوجي بل سينال من كل المتورطين»، مضيفاً: «لستُ المعني بتغطية تمام سلام وجان قهوجي سواء سياسياً أو حتى مذهبياً لكن هل يُعقل هذا الكمّ من التزييف على حسابهما؟ الحقيقة ان الفتنة السنية - الشيعية العام 2014 هي مَن منعتْ تحرير العسكريين».

وإذ أعلن عن مهرجان الخميس المقبل في ساحة الشهداء للاحتفال بالنصر بحضور الرؤساء الثلاثة، أسف «ان نصر الجرود ودحر (داعش) أَدْخلنا في أتون التجاذب السياسي والتراشق عوض ان يوحّد اللبنانيين ويجعل عيدهم أكبر».

«آن الأوان لإنهاء ازدواجية السلاح»



جعجع: نظام الأسد لا يقلّ «داعشية» عن «داعش»



| بيروت - «الراي» |

عاود رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع وضْع ملف سلاح «حزب الله» في صدارة المشهد السياسي، معلناً انه «آن الأوانُ كي يتمّ وضعُ حدٍّ لازدواجيّة السلاح» في لبنان، ولافتاً الى ان «سياج لبنان الوحيد هُو الجيشُ».

وجاء كلام جعجع في كلمة ألقاها عصر أمس بعد القداس الاحتفالي لـ «شهداء المقاومة اللبنانية» الذي أقيم في معراب بحضور حشد كبير من المناصرين، ورسم خلاله «خريطة طريق» العناوين التي ستشكل نقطة ارتكاز في الانتخابات النيابية المقبلة (مايو 2018).

وانطلق رئيس «القوات» مما أظهرتْه معركة «فجرالجُرود» من أن «للُبنان جيشاً قويّاً يلتفُّ جميع اللبنانيين حولهُ»، ليسأل تبعاً لذلك «لماذا نترُكُ المجال واسعاً أمام حزبٍ يتجاوزُ الشرعيّة وترفُضُهُ غالبية اللبنانيين، ويستعدي الأكثريّة السّاحقة من أصدقاء لبنان في الشّرق والغرب انطلاقاً من سياساته، ويستمطرُ على لبنان العقوبات والويلات».

رأى انه «عوض أن يُعطي تحريرُ الجُرود من الإرهابيين الدّولة اللبنانيّة قُوّة دفعٍ كبيرةٍ باتّجاه بسط سيادتها على كامل تُرابها الوطنيّ... نجدُ بعض الأطراف مُنزعجاً من الانتصار الكامل الذي أوشك الجيشُ على تحقيقه، مُحاولاً حرمانهُ من جني ثمرة هذا النّصر، معنويّاً أوّلاً وبالمُحاسبة القضائيّة ثانياً». وقال: «ها هو (حزب الله) مدعُوماً من النّظام السُّوريّ، وقبيل إطباق الجيش اللُّبنانيّ على ما تبقّى من مُسلّحي (داعش) المُحاصرين في مُربّعهم الأخير، يتولّى مُفاوضة هؤُلاء المُسلّحين ثُمّ يُسهّلُ خُروجهم وكأنّ لا أسرى لنا قُتلوا (عسكريو الجيش) وكأنّ لا لبنانيين ينتظرون اعتقال هؤلاء القتلة الإرهابيين».

وإذ أكد «اننا مع كُلّ تحقيقٍ يجري»، قال: «لكن من دُون إغفال الفصل الأخير والأهمّ: مَن عمل على تهريب (داعش) وتخليصها من قبضة العدالة؟».

وفيما اعتبر أن الوُصول إلى حلٍّ جذريٍّ للأزمة بسورية «يكمُنُ في التّخلُّص من (داعش) و(النُّصرة) والتّخلُص بالتوازي من مُسبّباتهما، أي النّظام السُّوريّ الذي لا يقُلُّ (داعشيّةً) عن (داعش)»، ردّ على محاولات أطراف لبنانيين «الضّغط لإقامة علاقاتٍ سياسيّةٍ مستجدة بين الحُكومة اللُّبنانيّة وبين نظام بشار الأسد»، معتبراً أنه «قبل أن يُحاول هذا البعضُ إنجاز الاتّفاقيّات على أنواعها أو إعادة النازحين فليُعيدُوا لنا أسرانا ومفقودينا في السُّجون السُّوريّة، ولتُلغ مُعاهدةُ الأُخُوّة والتّعاوُن والتّنسيق... وليُسلّم المحكومون بقضيّة تفجير مسجدي التّقوى والسّلام وعلى رأسهم علي المملوك، ولتُرسّم الحُدودُ مع سورية وليُعترف بلُبنانيّة مزارع شبعا».

ورأى أنه «بمقدار ما تُشكّلُ ازدواجيّةُ السّلاح والقرار الاستراتيجيّ مُعضلةً كُبرى للُبنان، بالمقدار ذاته يُشكّلُ تفشّي الفساد مُعضلةً كُبرى ثانية للُبنان»، معلناً تبعاً لذلك «هلُمُّوا جميعاً كي نستطيع سويّاً إنجاز ثورة بيضاء نحن بأمس الحاجة إليها»، معتبراً ان «سلاح الاقتراع والدّيمُوقراطيّة الكفيلُ وحدهُ بإحداث ثورةٍ بيضاء تُطيحُ بكُلّ ما تشكُون منهُ».