لم أرَ في حياتي ممارسات واستغفالاً للعقول كالتي ينتهجها «التجمع السلفي»، فكلنا يذكر كيف قامت قيامة هذا «التجمع» ضد إسقاط القروض العام الماضي، مجيشاً أقلامه ضد هذا المشروع، وجند مشايخه ليدلوا بفتاواهم العوجاء ضد إسقاطها، آمنا بالله... كان هذا رأيهم وموقفهم في مسألة تهم شريحة كبيرة من المواطنين! ولكن هل يستطيع هذا «التجمع» أن يبرر لنا موافقته على ضمان الودائع في البنوك، والتي وافق عليها بالإجماع، ومعهم في ذلك وزيرهم في الحكومة أحمد باقر، أما كان أولى يا «تجمع» أن تولوا إسقاط الفوائد أهمية كما أوليتم ضمان الودائع عنايتكم ورعايتكم؟ لدي سؤال يلح علي وبقوة هنا وبحاجة إلى رد من مشايخ «التجمع»: هل ضمان الودائع في البنوك حلال أم حرام؟ وإن كنت أجزم تماماً أنهم لن يردوا على تساؤلي هذا لأن فتاواهم مقتصرة على مصالح تجمعهم فقط، أي وبصريح العبارة ما لهم شغل!
* * *
في خضم الأحداث الساخنة يبدو أن هناك من يحاول إبعاد الأنظار عن مشروع المصفاة الرابعة، مستغلاً انشغال الساحة في قضايا أخرى لا تقل أهمية عن مصفاة النكد، والملاحظ أن حركة «حدس» بدأت ترسل إشارات إلى الحكومة بعدم رضاها عما تتعرض إليه المصفاة الرابعة من تعطيل، ومماطلة من وجهة نظرها، بإطلاقها تصريحات تتهم الحكومة في قضايا أخرى، و»حدس»، كما هو معروف عنها أنها تتخذ من الشعار المكيافيلي الشهير منهجاً وطريقاً في تعاملها مع الأحداث! إن كانت الحكومة حقاً تريد نزع فتيل كثير من الأزمات عليها ألا تترك الحبل على الغارب لوزرائها، وتحديداً ممن يتبعون التكتلات الدينية، فهي وحتى هذه اللحظة في دوامة أزمات متتالية تجعل العاقل حيراناً مما يجري لها! وإذا أرادت أن تنجو بنفسها وتعود إلى السكة، بعيداً عن منصة الاستجوابات، فعليها أن تحاسب وزراءها في كل خطوة بدلاً من التخبط واللامبالاة التي نراها، والتي شجعت على زيادة الاحتقان وتكالب الأزمات عليها الواحدة تلو الأخرى!
***
وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة جوبه بمعارضة شديدة من النواب لتعيينه ثلاثة وكلاء من خارج وزارته، ولم تجد محاولات الترقيع نفعاً، خصوصاً أن هذا التعيين تفوح منه رائحة «التجمع السلفي» الذي ينتمي إليه الوزير، متخطياً بذلك الموظفين القدامى من أبناء الوزارة، فهل ستكون خطوة الوزير هذه مقدمة لاستجوابه مع انهمار الأسئلة الكثيرة عليه، والتي تستفسر عن مدى أحقية هؤلاء في هذه المناصب؟
مبارك محمد الهاجري
كاتب كويتي
[email protected]