رواق

ضد الضد

1 يناير 1970 04:13 م
في ما أسماها حرباً على الإرهاب، أطلق الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن جملته الشهيرة: «إن لم تكن معي، فأنت ضدي»، وهي تترجم نهج الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، ولكن عند المواطن الكويتي يجوز لبوش ما لا يجوز لترامب، سواء اتفق مع بوش أم اختلف مع ترامب، فهو في الحالتين يترجم أقوالهما أفعالاً، ولو خالفها...

فالكويتي يتقبل كل شيء إلا الاختلاف الذي يفسد كل قضايا الود وهو يشن عليك حروباً ستارها «اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية»، ومع ذلك يحوّله إلى خلاف ولو مفتعل.

يختلف معك على شيء آخر للتمويه ظاهرياً، وباطن الخلاف أنه خلاف للاختلاف يتحول لاختلاق صراع لا ينتهي إلا بعد أن يصرع أحد الطرفين الآخر.

قد تتصور للوهلة الأولى أن الخلافات أو الاختلافات لقضايا محورية أو أسباب جوهرية، لكن الواقع أنها في معظم الأحيان كل القصة وما فيها «شربت أنا قبلو وشرب ورايا»!

لو اختلف كويتيان حول لون سيارة أو حقيبة، على سبيل المثال لا الحصر، فلن يقرا بأن اللونين جميلان، ولكن لكم لونكم ولي لون، بل سيثور ويفجّر الخصومة ويفجر فيها معتبراً لونه عنوان الفخامة والحداثة والرقي ولونك منافٍ للذوق العام والعادات والتقاليد، وقد يبحث عن فتوى بأن لونك مكروه ليكرهك باللون ثم يكرهك.

يُؤْمِن الكويتي باللون الواحد ويعتبر اللون الآخر تلوثاً بصرياً وضوضاء فكرية ونشازاً، فيعادي الجمال بتنوع الألوان والفصول والملامح، لأن التنوع سيد الموقف.

تجد الكويتيين يتشابهون وكأنهم كويتي واحد، يسيرون في سرب قاده قائد الحرب ضد كل من حلق في غير سربه أو سبح عكس تياره، لذا صار شعار الكويتيين: «قلد تسلم».

كل كويتي يقلد الكويتي الآخر في المطعم والمشرب والمسكن والملبس والحل والترحال، وكل كويتي يقول إنه بدأ أولاً بالفعل المقلد وإنه النسخ الأصلية التي تطابق مقلديها وتختلط بها لندرة التوثيق والتدوين.

وأي توثيق يمكن أن يكون لحدث عابر، كمعرفة موعد افتتاح مطعم على سبيل المثال هو عند الكويتي حدث ضخم، كاكتشاف فاسكو دي جاما رأس الرجاء الصالح أو اكتشاف كولومبوس لأميركا. ولو قللت من اكتشافه وزعمت أنك كنت تعرف قبله، ستصبح ضد وضد الضد أيضاً وأكثر ضدداً مما يمكن أن تتصور.

فعند بوش «إن لم تكن معي، فأنت ضدي»، وعند الكويتي «إن لم تكن مثلي فأنت... هيلقي».

وللهلاقة بقية.

reemalmee@