| د. تركي العازمي |
لا يوجد عاقل على وجه هذه الأرض يعتقد ولو مجرد الاعتقاد بأن الفساد المؤسسي متصل بفرد. إنه منظومة/شبكة تتكون من أفراد وسبب تفشيه يعود لما سنطلق عليه بـ «الإملاءات غير السوية»!
لنترك مفاهيم القيادة الأخلاقية التي حصلت عليها درجة الدكتوراه على ذلك الرف، ونعرض لكم أوضاعنا الفاسدة بالأمثلة:
تدني مستوى التعليم: مجموعة معينة تمنح الحق في بحث تطوير التعليم بشقيه العام والعالي عبر إملاءات خارجية غير مبنية على معايير سليمة ولم يتم الإعلان عنها بشفافية، وبالتالي عندما تغيب الكفاءات نحصل على النتيجة التي نعيش فصولها وكان آخرها (مثلاً) قرار التعليم العالي بإلغاء الاعتراف بالجامعات الأجنبية والعربية وقضية الفلاش ميموري ومنهج الكفايات وفصل التطبيقي عن التدريب وعدم تنفيذ مرسوم جامعة جابر وكارثة قبول الطلبة الأخيرة وتظلمات الوظائف الإشرافية!
الصحة: قياديون تربطهم المصالح على حساب جودة الخدمات الصحية ويستمرون في تنفيذ إستراتيجيات عمل تعود لهم بالنفع والعائد المادي وكان آخرها فضيحة «الممرضات» وتغيير تصميم مستشفى العدان!
الطرق: تقود مركبتك بين الطرقات وتتعرض مركبتك لمطبات على هيئة «حفر» أو برك ماء... لا صيانة ولا رقابة لأن مجموعة محددة ترك لها أمر متابعة وضع جودة الطرق والاختناقات المرورية منذ عقود وهم ينفذون إملاءات معازيبهم أو أنهم حصلوا على مناصبهم عبر إملاءات!
تفريخ الهيئات: تجد اللجان تشكل من مجاميع لإنشاء هيئات بقصد تنصيب «ربعهم» على مناصبها وفي الآخر وبعد أن تحققت الأهداف يأتون ويقولون لك هناك تداخل في الاختصاصات!
التظلمات الإدارية: أحكام نهائية حصل عليها البعض بعد أن تم منح المناصب لغير مستحقيها ولم تتم إزاحة المتسببين في ذلك وأحكام باعتماد شهادات لم تعتمدها وزارة التعليم العالي: فهل حاسبوا المتسببين؟
الاستثمارات الخارجية: خسارة تلو خسارة يعود سببها لإملاءات «حط فلان... شيل فلان» وإن تقدمت الكفاءات فطبيعي أن تخرج من نافذة المقابلات الشخصية... ويتكبد المال العام خسائر مستمرة.
ارتفاع الأسعار: مجموعة ترفع الأسعار ولا تجد من يراقبها ولك في ارتفاع أسعار برميل النفط الذي واكبه زيادة في الأسعار وبعد أن هوى سعره ظلت الأسعار مرتفعة مع أن بعض الأسواق المجاورة خفضت الأسعار إلا الكويت «اللي يرتفع ما ينزل»!
التواصل الاجتماعي: إملاءات بعضها كما يشاع مدفوع الأجر «تسب وتقذف» برموز وأفراد لمصالح مجاميع معينة، بعضها يحاسب والبعض الآخر يظل كما هو «حر» في ما ينشره!
الانتخابات: واضحة فيها الإملاءات والتدخلات عبر الدعم وخلافه وفق منهجية (ما نبي المجموعة الفلانية تنجح في الدائرة الفلانية? وفلان لا ينجح) ومشاهدها واضحة للعقلاء.
وقس عليها ما تشاهده. ولو تتبعت مع مجموعة من النزهاء أصحاب العلم والخبرة لوجدت أنها بالفعل تدار عبر إيحاءات أو إملاءات حتى عندما يقع الظلم على فرد ما (عبر رسائل توصلها مجاميع لأصحاب القرار) فإنه لا يسمح للمظلوم بالدفاع عن نفسه!
ما هو الحل؟
أنتم أصحاب الحل... حكموا عقولكم وتباحثوا الأمر بعد أن بلغ الفساد حدا لا يطاق ووزعت المجاميع المفسدة لتعبث بالمنظومات الإدارية وتستولي على المال العام من دون حسيب ورقيب.
أنتم عندما تصلحون حالكم يصلح وضع البلاد والعباد، وعلى العقلاء من أصحاب القرار أن يبحثوا عن الكفاءات كل ومجاله ليوجهوا لهم أسئلة منها: ما هو سبب تدني مستوى العمل والإنتاجية والخدمات؟ ومن هم سراق المال العام؟ وماذا يريد الشارع الكويتي؟
ابحثوا عن فهد الرجعان... اسألوا عن فساد المشاريع? متلقي العمولات? تدني مستوى الخدمات? سوء أداء نواب رقابياً وتشريعياً، وغيرها من المشاكل التي يعاني منها المواطن والمقيم والطفل الصغير والشيخ الكبير؟
إنها إملاءات. توصيات. ترشيحات. تصورات. توقعات. لا تتعدى الأساس في كونها إملاءات تخدم مجموعة تريد الانفراد في الصفقة (منصب/مشروع/منتجات معينة/عمولة) ولها تكتيك غريب للوصول لأصحاب القرار أو محاصصة «تقسيم معين يخدم غايات محددة»!
غياب الشفافية والمعايير والدراسات وجهل أحبتنا الناخبين بمهام النائب أدى إلى هذه الحال من فساد صعب تصور تشعباته وأطرافه الظاهر منها والخفي (وهو الأكثر إفساداً).نريد قيادة علنية. نريد كفاءات نزيهة وفق معايير محددة تهدف إلى الارتقاء بالعمل ويتم تعيينها أو إيصالها عبر فتح باب التقدم لكل من يرى في نفسه الكفاءة/الجدارة. ونريد منظومة عمل إلكترونية وتدقيقا داخليا وخارجيا للكشف عن كل سلوك غير أخلاقي والمفسد يحال للنيابة كي يتم ردع كل نفس فاسدة... الله المستعان.
[email protected]Twitter: @Terki_ALazmi