حقوق المنفسين

صحوت على مزاج سيّئ، لم يفسده أحد، لكنه أفسد يومي، حتى صرت أمام خيارين لا ثالث لهما: أعبّر عن هذا المزاج السيئ أو أكتمه وأتظاهر بعكسه، وكنت أعتقد أنني في الخيار الأول يغلبني مزاجي وفي الخيار الثاني أغلبه حتى تبين لي العكس.

لا يمكن تجاوز المزاج السيئ إلا بالتعبير عنه، أما تجاهله فسيعيده أسوأ مما كان حتى كان التنفيس عن المزاج السيئ بالتنفيس باللهجة الكويتية التي يظهرها المواطن النفيسة أو النفسية عندما ينفس على المحيطين به.

ولكل مواطن حق في التنفيس، حاله حال الحقوق الأخرى، وعلى الرغم من أن التنفس أو التنفيس يبدو ظاهرياً ظاهرة سلبية، إلا أنه في واقع الأمر ظاهرة إيجابية يتم من خلاله التنفيس عما يختلج الخاطر ويتجاوز ضغوطات الحياة وما أكثرها.

من حق الشخص ألا يبادلك نفس التحية المكررة المستنسخة كل صباح ويردد كالببغاء صباح الخير، وهو الذي يضمر لك الشر، لعله يذكرك بدعوة بظهر الغيب تخفيها تكشيرته البيضاء الصادقة بدلاً لتلك الابتسامة الصفراء إذا ما كانت عبئاً عليه.

من حق الشخص أن يغلق بابه ولا يستقبلك ولا يلبي دعوتك ولا يبرر ذلك. نعم، من حقه ألا يبرر ومن حقه ألا يرد عليك، فمن أبسط حقوقه أن يكون بأشياء لا يريد أن تشاركه بها ولا تعرفها أصلاً.

من حق كل شخص أن يكون صادقاً مع نفسه ومعك، ولو اتهمته بالطاقة السلبية، وهو اتهام إن دل على شيء، فهو يدل على رغبتك في أن يكذب عليك الآخرون بوهم اسمه الطاقة الإيجابية.

البشر، كل البشر، كتلة من المشاعر والأحاسيس يتداخل فيها ما هو سلبي مع ما هو إيجابي وتتفاوت نسبية السلبي من الإيجابي بحسب التفاعل البشري معها. والإنسان أحادي الإحساس، يقترب من عديم الإحساس، كيف يمكن أن تضحك وقلبك يقطر دماً، هل من الممكن أن تستأصل إنسانيتك من خلال الحزن الذي في داخلك لترضي البشر حتى يقولوا عنك بشوشاً ومتفائلاً وأنت تقاتل لانتزاع حق مسلوب أو طرد همّ مغلوب قد يكونون هم من سلبوك لهذا الحق أو تسببوا في همك فلماذا يتهمونك!

إن حياة خالية من الهموم والمشاكل والمنغصات والمعاناة هي حياة سطحية استعراضية ستنتهي قريباً بإسدال ستارة الفرح المصطنع ليبدأ عرض الحزن الكبير وحدك عندما يفوت الفوت ولا ينفع الصوت.

من حق كل إنسان أن ينفس، ولأنني منفسة اليوم، كنت أمام خيارين لا ثالث لهما، أنفس ولا اكتب مقالاً أو أكتب مقالاً عن حقوق المنفسين قد يفتح المجال أمامكم للتنفيس عليّ، وهو من حقكم.

reemalmee@