يعقوب العوضي / غباء الاستخبارات الأميركية

1 يناير 1970 06:25 ص
قبل ان يغادر «الجمهوريون» البيت الأبيض بعد أعوام ثمانية عجاف، تولى فيها جورج بوش الابن قيادة الولايات المتحدة، كانت وبالا على العالم برمته وبالذات العالمان العربي والاسلامي، بداية نريد ان نقول ان المشاهد التلفزيونية التي عرضتها الفضائيات الأميركية في لحظة اصطدام الطائرات بأبراج التجارة العالمية في نيويورك في ما سمي بعدها مباشرة باعتداءات 11 سبتمبر لعام 2001 واتهام اسامة بن لادن القيام بها وبإعلانه الحرب على أميركا، هو عرض غبي بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، فقد قامت الطائرات باصطدامها المباني ومنها مبنى البنتاغون وهو المكان الأكثر سرية ومناعة في العالم وتعرضه إلى تخطيط هذا البدوي والذي مازال يعيش في مغارات افغانستان بين الأميين والجهلة وقد دبروا هذا المخطط الرهيب في اقتحام أقوى دولة في العالم، والعرض الذي شاهده العالم كله لم يكن عرضا متقنا والإخراج فيه كان يحمل كمية كبيرة جدا من الغباء والجهل، فقد شابه الكثير من الثغرات الضعيفة التي دانت مخرجيه رغم ان الولايات المتحدة هي الدولة الأولى في السينما العالمية وتوجد بها مدارس عدة لتدريس الفن والسينما والاخراج والتصوير.
لقد كان مخرج هذه التمثيلية ناجحا فقط في تصوير الحدث أثناء وقوعه في شكل ينم عن براعة فيه واتخاذ الأماكن المناسبة للقطات كي تظهر للعالم في شكل واضح وسليم من دون اهتزاز في الصورة والرؤية والرداءة، ورغم عدم معرفتنا بفن الإخراج والتصوير السينمائي والتلفزيوني فقد كانت الصورة المبثوثة عبر الفضائيات متقنة تماما، ذلك ان الجمهور المشاهد كله يتشارك بعضه مع بعض في الاشادة بما ظهر على الفضائيات من عمل تلفزيوني كامل، وهذا الكمال في الصور هو الذي اوجد غباء الاستخبارات الأميركية وفضحها امام العالم، فكيف يتمكن المصور المحترف التصوير بهذه الدقة والوضوح عندما يفاجأ بحدث مثل الذي صار للمباني كلها، التي اصيبت بالطائرات، فما بالنا بالهواة الذين صوروا هذه الاحداث بعد وقوعها مباشرة فقد كانت صورهم مهتزة، رديئة الشكل والصورة والوضوح. ورغم ما حدث فإن نظريات غسيل المخ كلها كانت مجهزة لبثها عبر وسائل الاعلام الاميركية الرهيبة، وكذلك الغربية التي اتهمت العرب والمسلمين في العالم بأنهم مرتكبو هذه الجرائم التي يعجز عن تنفيذها العالم العربي والاسلامي كله، بمخططيه ومفكريه وعلمائه ومهندسيه وعباقرته في مجالات الحياة كلها، فهذا الامر لا يمكن للعالم العربي والاسلامي القيام به حتى لو كان في استطاعته القيام به لما كان يجرؤ على ذلك، فما بالنا والذي احدث هذا الحدث الهائل هو البدوي الذي يعيش في صحراء ومغارات لا تسكنها غير العقارب والوحوش وثعابين الصخور الجرداء؟ فعملية الغسيل مازال تأثيرها مترسخا في عقول كثيرين من العرب والمسلمين، وهذا ما يلاحظه المشاهد للفضائيات عندما يتحدث احدهم عن احداث 11 سبتمبر ويقوم بإلقاء اللوم على اسامة بن لادن وتنظيمه الصحراوي، فتدمير هذه الابراج نابع من حقد يهودي صهيوني رهيب خططته ونفذته المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة بواسطة الاستخبارات الأميركية ضد المسلمين والعرب عبر اعوام طوال من الممارسة الإعلامية في خلو الساحة من القيادات والمنظمات العربية والاسلامية التي تجابه هذا الإعلام الصهيوني المتغلغل في الحياة الأميركية لشرح ماهية الإسلام وطبيعته السمحة في التعامل مع الديانات الاخرى بعد الفتوحات الإسلامية في عهودها المبكرة، بما في ذلك دوره في الحضارة الإنسانية والغربية المعاشة اليوم بالذات.
والأمر الآخر الذي ينم عن غباء الاستخبارات الأميركية، هو السؤال الذي قد يطرح نفسه على الساحة الإعلامية بالقول في ما إذا كانت هذه الاحداث هي من صنع اسامة بن لان وتنظيمه الذي استطاع ان يخترق اقوى الأماكن سرية في العالم بأربع طائرات ويدمر ابراج التجارية العالمية ومبنى البنتاغون، فهذا الإنسان الذي تمكن من تنفيذ هذا المخطط الرهيب، فباستطاعته إذا ان يحصل على القنابل الذرية بالثمن الذي دفعه لتنفيذ مخططه لإلقائها على واشنطن ونيويورك وبقية المدن الأميركية، طالما ان الذين يقودون الطائرات المهاجمة لا تعنيهم حياة الآخرين ولا حياتهم الشخصية، اذا كان همهم الأول هو تدمير أميركا وهزيمتها تجاه كل قوى السلام في العالم، ومن هنا يمكننا القول ان غباء إدارة الاستخبارات الأميركية وصل إلى درجة كبيرة وهائلة من الضخامة المصاحبة للبهرجة الإعلامية التي مارستها هذه الإدارة وبثتها عبر الفضائيات وقد خانها الاخراج الممتاز والجيد الذي من المفترض ان يكون حاضرا في مثل هذه الاحداث، وكي ندلل على صدق ما نقول هو الفشل الذريع الذي اسقط الحزب الجمهوري سقطة مدوية في الانتخابات الأخيرة وفوز «باراك اوباما» «الديموقراطي» على مرشح «الحزب الجمهوري» جون ماكين، فوزا تاريخيا لم يحصل عليه احد من الرؤساء في تاريخ انتخابات الولايات المتحدة منذ تأسيسها حتى اليوم، بعد ان تبين لكثيرين من الاميركيين كذب ادعاءات الاستخبارات الأميركية في ما يتعلق بمخطط اسامة بن لادن وتنفيذه لهجوم الطائرات على أهم الأماكن سرية في العالم.
يعقوب العوضي
كاتب كويتي
[email protected]