وجع الحروف

عقول «قيد الإنشاء»!

1 يناير 1970 11:38 ص
تجلس مع البعض وتشعر بأن الدنيا وإن كثرت مشاكلها، ما زالت الناس طيبة حسنة المعشر متمسكة بالموروث الشعبي من عادات وقيم ترفع لها القبعة.

والبعض الآخر يشعرك بأن كل ما حولك فساد مفسد وإن صح وقوع الفساد بالأدلة على مستوى قيادة مؤسسات عامة وخاصة... هؤلاء حولوا الموروث الشعبي الفعلي المدون في قصص الكبار من أبناء قومي إلى موروث شعبي «مزاين حتى في الطيور والأغنام».

وعلى طاري «مزاين الحيوانات»، تذكر أخي القارئ وأختي القارئة، ما حصل في قرعة توزيع مزارع الأبقار والذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي، انتقاداً للسقوط الحر الذي تمر به الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية... فهي لم تتعظ من توزيع القسائم الزراعية والجواخير ومزارع الأمن الغذائي، وقياديا لم نحرك ساكنا.

هناك عقول «قيد الإنشاء»...؟

هذه العقول دأبت على التمسك بإطار الأخطاء المتوارثة... خطأ يعقبه خطأ والمتسببون متشبثون بمناصبهم وحريصون على بقاء الآلية العرجاء كما كانت من دون تتغيرأو حساب عسير يطول المتسببين.

هذه العقول هبطت عبر «براشوت الواسطة والمحسوبية»، ومقولة «إن حبتك عيني ما ضامك الدهر»، وهكذا هم متمسكون في «عيش حياتك».

أي حياة نريد؟ وأي منهجية نبحث عنها وأي عقول تقبل بالأخطاء نفسها ولا تتعظ؟ حتى المؤسسات التعليمية وتحديداً وزارة التعليم العالي التي اعتمدت شهادات خريجين اتضح في ما بعد أنها «مزورة» أو «مشبوهة» في حين من تخرج في جامعة صنفت بــ Merit أي من أرقى الجامعات في التخصص يرفض التصديق على شهادته... وفي نهاية المطاف يحصل الطلبة على حكم من المحكمة باعتماد شهاداتهم: ألا يجدر بنا محاسبة قياديين في التعليم العالي؟

العقول «قيد الإنشاء» هي تلك التي التصق سلوكها «Attitude» بوضع صنف بالفوقية المزاجية السلوك، وهذه النوعية من العقول تحتاج إلى إزاحة إن كانت في مناصب قيادية لأن السلوك ينتقل إلى التابعين... عارف كيف؟

خذ هذه العبارة «عقول قيد الإنشاء»، وقس عليها كل العقول القابعة في جماجم قياديين، فستجد العجب العجاب وهي محصلة طبيعية للموروث السلبي الذي أصبح قريباً من سلوك متوارث قبلنا به ولم نتحرر منه حتى صار علامة مسجلة لوضع قيادة العديد من مؤسساتنا.

وعلى المستوى الاجتماعي، تركت الأطراف المتصارعة في مواقع التواصل الاجتماعي من دون رادع، فهذا يسب ويتهم ذاك وذاك يطعن في ذمة آخرين، ولم نتحرك لوقف هذا المد الذي أغرق ما تبقى لنا من موروث اجتماعي طيب الخصال... يبدو لي أنه تلقائياً أصبح «قيد الإنشاء».

ما هو المراد اتباعه إذاً؟

كنت قد أشرت في مقالات سابقة، إلى أننا أحوج إلى صيغة اتفاق على منهج للإصلاح يبدأ من رسم «خارطة طريق» تغييرية تبدأ من أعلى الهرم الإداري خصوصاً في التعليم والتربية لأنهما أساس إصلاح الجيل وتربيته وحسن تعليمه ومن ثم الصحة وبقية مؤسسات الدولة.

وعلى صعيد السلوكيات الاجتماعية الدخيلة? فمراجعة قول «من أمن العقوبة أساء الأدب» حري بنا فهم تداعياته وتطبيق القانون على كل من صنف عقله «قيد الإنشاء» عبر عقول رشيدة مكتملة البناء متصفة بالحكمة ومتمسكة بالموروث الاجتماعي السليم. ومن هنا يبدأ الإصلاح الفعلي: فهل فهمنا سبب تأخرنا عن الركب أم نحتاج لأكثر من أزمة/‏كارثة كي نصحو من غفلتنا؟ الله المستعان.

[email protected]

Twitter: @Terki_ALazmi