مقابلة / «الأولى من نوعها في الكويت»
أحمد أمير لـ «الراي»: أنجزت عملية انفجار «الأورطي» بـ «القسطرة»... وبنج موضعي
| حاوره حمود العنزي |
1 يناير 1970
09:32 ص
رغم إجادتي لهذه العملية يتجدد خوفي كل مرَّة... فعمر المريض أمانة كبيرة
أجريت هذه العملية كثيراً أثناء بعثتي في كندا
المريض كان كويتياً يبلغ 69 عاماً ولديه مشاكل صحية صعبة جعلته في حال الخطر
أنصح الناس جميعاً فوق الـ 65 عاماً بضرورة الفحص الدوري على القلب والأوعية
العملية صارت متوافرة بكل أدواتها ومتطلباتها في مستشفى العدان ويجب الاهتمام بالإحصائيات
قليلون هم الأشخاص الذين يكون واجبهم أن يُنقذوا إنساناً من حافة الموت!
والدكتور أحمد أمير واحد من هؤلاء.
طبيب كويتي في الخامسة والثلاثين من عمره، يعتز كثيراً بأنه قبل شهرين نجح في إنقاذ مريض يقارب السبعين من قبضة الوفاة بعد إصابته بانفجار في الشريان الأورطي، ليحمد الله على أن العلم الذي اغترب عن «ديرته» من أجله سبعة أعوام كاملة، مكّنه من إعادة المريض إلى أسرته من جديد، بعد عملية صعبة هي الأولى من نوعها في الكويت!
«الراي» التقت الطبيب البارع، لاعب «الجودو» السابق الذي حقق إنجازات في نادي القادسية، وسألته عن العملية التي كان له السبق في إجرائها في الكويت، ولماذا تكتم على هذا الإنجاز شهرين كاملين، ليقول الطبيب الحاصل على البورد الكندي للجراحة العامة وجراحة المناظير من جامعة «ميغيل» والبورد الكندي لجراحة الأوعية الدموية وقسطرة الشرايين من «أوتاوا» إنه صار يُجري هذا النوع من العمليات في مستشفى العدان في الشهور الماضية، معترفاً بأنه في كل مرة يتجدد خوفه، لأنه لا ينسى أبداً أن حياة المريض أمانة كبيرة، وأنه يكون مسؤولاً عن الحفاظ عليها في غرفة العمليات.
الدكتور الكويتي الشاب تحدث عن أيام اغترابه في كندا، والتقدم الطبي هناك، وأحلامه في ثقافة طبية في الكويت تقوم على الإحصائيات، من أجل مساعدة أكبر للمرضى والأصحاء... إلى جانب قضايا أخرى تأتي في هذه السطور:
• لعلها أول عملية من نوعها في الكويت تلك التي أجريتها، وهي انفجار الشريان الأورطي لمريض كان بين الحياة والموت، وعالجتَها بالقسطرة وتحت بنج موضعي؟
- بالفعل، هذه هي أول عملية تتم في الكويت... وكانت لمواطن كويتي، وأتذكر القصة جيداً منذ بدايتها قبل شهرين، وكان يوم سبت تحديداً، أتاني اتصال من المستشفى أن هنالك مريضاً يبلغ 69 عاماً من عمره، مصاب بانفجار في الشريان الأورطي... وهذا الأمر في حد ذاته كارثة، وهناك نزيف داخلي، فهُرعتُ فوراً، واكتشفت أن المريض يعاني مشاكل صحية أخرى، وبرغم أنني أجيد إجراء عمليات الفتح والقسطرة، إلا أن حالة المريض لم تكن تتحمل الجراحة في الفتح.
• الموقف محير إذاً، وشعور المسؤولية تجاه مريض على حافة الموت... كيف تصرفت؟
- الحمد لله رب العالمين، كانت الأدوات متوافرة، وأتت في وقت مناسب، وكل شيء احتجت إليه كان متاحاً، في مستشفى «العدان»، وهذا في حد ذاته أمر مهم للغاية، وخلال دقائق أخذنا المريض من غرفة العناية المركزة، و«طرت» به إلى مركز «سلمان الدبوس»، وأجرينا له «القسطرة».
• وماذا عن البنج الموضعي؟
- الحق أن الرجل لم يكن يتحمل بالمرة إخضاعه للبنج العام... وأجرينا القسطرة التي استغرقت ساعة كاملة... وطوال الفترة كان في المقابل يأخذ دماً، وكنت أسد الشريان بالقسطرة من الداخل، كي أسيطر على الموضوع، وبعد ساعة انتهى كل شيء، والتمدد كان كبيراً، تقريباً 6 سنتيمترات، وبعد القسطرة اختلف الأمر تماماً، فقد أبعدناه بفضل الله عن حافة الخطر.
• ما شاء الله... أنقذتَ إنساناً في جو من الخوف والتوتر وضغط المسؤولية؟
- الحمد لله، وبعد ثلاثة أيام خرج المريض من المستشفى... وهذا إنجاز كبير، خصوصا أنه كان على وشك الموت، ونسبة دمه (4)، والإنسان الطبيعي تكون نسبة دمه (12) تقريباً.
• وهل هذه الحالة سهلة بالنسبة إليك، أو مرت عليك من قبل؟
- في كندا كنا نجري مثل هذه العملية بشكل أسبوعي، وأنا كنت مبتعثا في كندا لمدة سبع سنوات حصلت على تخصص الجراحة العامة، وأخذت البورد الكندي في الجراحة العامة في جامعة «ميغيل» في «مونتريال»، وبعدها اتجهت إلى أوتاوا، حيث حصلت على البورد الكندي في جراحة الأوعية الدموية وقسطرة الشرايين.
• لكن ما السر وراء تكتمك على هذا الإنجاز طوال شهرين كاملين؟
- نعم كنت أتعمد كتمان الموضوع.. ولهذا سبب طبي وجيه... فقد عدت من كندا منذ قرابة سنة، وتخصصي هو الأوعية الدموية والقسطرات، وهذا تخصص جديد في الكويت، ولكنه عالمي في الوقت نفسه، فهو موجود مثلاً في كندا وأميركا والسعودية وكثير من دول أوروبا. لكن بالنسبة إلى الكويت، أنا أول طبيب متخصص في هذا المجال.. وعندما بدأنا في «السيرفس» الجديد، وتحديداً في مستشفى العدان، اتفقنا على ضرورة تسجيل الحالات وإجراء تقييم لها، قبل السماح بنشر أي موضوع عنها، وبالاتفاق مع وزارة الصحة بالكويت، وبموافقتهم وإدارة المستشفى أنشأنا الوحدة، وبدأنا إجراء الحالات. وأجريت العملية لعدد من الحالات، والحمد لله رب العالمين نجحت، وعندما وصلنا إلى هذه المرحلة، واطمأننا إلى استمرار النجاحات، قررنا السماح بإعلان الأمر. فقد كان تكتمنا على الموضوع يهدف إلى مزيد من الدراسة والاطمئنان والتحقق من النجاح، لمصلحة المرضى.
• وهل الأدوات والاحتياجات متوافرة الآن في الكويت لمثل هذه الحالات؟
- نعم، في مستشفى العدان... والمعدات موجودة. ومنذ منتصف شهر أكتوبر الماضي بدأتُ العمل في الكويت، بعد الابتعاث سنوات في كندا. والعلاج والمعدات متوافرة لدينا هنا - وأنا أتحدث عن مستشفى العدان - سواء لعمليات الفتح التقليدي أو عن طريق القسطرة، وبالطبع لكل عملية معدات مختلفة.
• وكم كان فريق الأطباء والمساعدين معك أثناء العملية؟
- أنا من أجريت العملية... وكنا جميعاً داخل الغرفة أربعة أشخاص فقط.
• وهل عملية الانفجار في الشريان الأورطي هذه تُجرى في دول الخليج والوطن العربي؟
- في السعودية والكويت خليجياً، لكنني لا أعرف ما إذا كانت تُجرى في دولة أخرى من الوطن العربي.
• بصراحة، ماذا عن الخوف والقلق أثناء العملية؟
- أقول شعوري... مع أنني أجريت العملية كثيراً، إلا أنني أعترف بأن الخوف أمر لا بد منه، وهو يتجدد في كل مرة، لأن هناك إنساناً وضعه الله بين يديك، والعمر أمانة كبيرة، ومسؤوليتي الحفاظ عليها، والمريض له عائلة تنتظر خارج غرفة العمليات، ولعلك لا تتخيل عدد الذين كانوا ينتظرون خارج غرفة العملية، ولا شك أنني أريد أن أحقق نجاحاً بعد تعب السنين والاغتراب وسهر الليالي، وكنتُ أريد أن أثبت للناس أن هناك تقدماً في هذا المجال.
• وهل لهذه النوعية من العمليات أجهزة وأدوات معينة؟
- نعم. مثلا الدعامات الواحدة منها بخمسة آلاف دينار، ولدينا كمية من الدعامات ولله الحمد وفرها لنا مستشفى «سلمان الدبوس»، وطلبنا كمية أخرى للاحتياط.
• الشريان ما أهميته بالضبط للإنسان؟
- الشريان... يعتبر الأساس في جسم الإنسان، وحجمه من 2 إلى 3 سنتيمترات، وهو المضخة الأساسية التي تخرج من القلب وتغذي بقية أعضاء الجسم.
• وهل الشريان يختلف في الجسم مع مر السنوات؟
- نعم، قد يتمدد مع تقدم العمر، خصوصاً عند كبار السن.
• وبماذا تنصح الناس في هذا المجال؟
- الرجال بعد عمر الخامسة والستين، ومن لديهم أمراض الضغط والقلب، والمدخنون هؤلاء عرضة أكثر لتمدد الشريان، والنساء أنصحهن كذلك بضرورة الكشف المبكر، وللأسف ليس لدينا في الكويت إحصائية عن انتشار هذا المرض. فمثل هذه الإحصائيات تساعدنا على أن نعرف أكثر، ومن ثم نحقق مساعدة طبية أكبر لمصلحة المرضى والأصحاء معاً، وهناك حالات تأتي إلينا في مراحل متأخرة. إذا بدأنا في الفحص المبكر، فسنعرف عدد الحالات لدينا، وسنجري إحصائيات، وقد أجرينا عمليات لعدد من الحالات، والحمد لله تكللت بالنجاح.
• هل هناك إشارات لمن يعاني شيئاً في الشريان والقلب؟
- نعم، وقد لا يعلم الشخص ما يحدث في شريانه، وقد يتمدد من دون أن يعرف، ويموت فجأة. وهناك في دول التقدم العلمي عملوا الفحص المبكر لهذا المرض، ونحن في مستشفى العدان أول مستشفى كويتي حكومي يجري هذا الفحص، وبدأنا في ذلك منذ ثلاثة شهور... كي نتمكن من فحص المرضى قبل وصولهم إلى حالة الانفجار.
• وبعد الانفجار لا سمح الله... كيف يكون وضع الإنسان؟
- النسبة متعادلة، فمن يعيشون خمسون في المئة، ومثلهم يكون مصيرهم الوفاة، وهذا المرض منتشر عند كبار السن أكثر من غيرهم.
• هل تتوقع أن بقية المستشفيات في الكويت ستحذو حذوكم في مستشفى العدان، وستوفر السبل للعلاجات وزيادة الخبرات؟
- جراحة الأوعية الدموية الآن تغيرت عن الجراحة التقليدية، وفي الماضي كان العلاج بالفتح فقط، أما الآن فالجيل الجديد مختلف، ونحن في مستشفى العدان نوفر هذا الشيء،
ولكن بقية المستشفيات الأخرى لا أعلم ماذا لديها من عمليات.
• دكتور أحمد... من تكون؟
- أنا أحمد أمير، طبيب كويتي، حصلت على بكالوريوس الطب من ايرلندا سنة 2007، وعمري 35 سنة، ومن إنجازاتي التي أعتز بها حصلت على بعثة في جامعة «ميغيل» الكندية في سنة 2009 في برنامج الجراحة العامة، وكنت لاعب «جودو» سابقاً، ولدي إنجازات مع نادي القادسية.
• بماذا تحب أن تختم هذا اللقاء مع صحيفة «الراي»؟
- شكراً لكم. ويهمني أن أثير وعي الناس بأن جراحة الأوعية الحديثة تجمع بين جراحة الفتح التقليدية وجراحة القسطرات. وتعتبر أحد أهم الإنجازات التي توصل إليها العلم عالمياً، وفي الكويت بدأنا بهذا الأمر، وهذا التخصص موجود والعلاج موجود، وأنصح الناس جميعاً فوق الـ65 عاماً بضرورة الفحص وعمل سونار للبطن لا يستغرق أكثر من خمس دقائق، وما قصرتم يا «الراي».