رئيس المجلس الأعلى للقضاء أكد أن من حق الصحافة تسليط الضوء على مكامن الخلل في عمل أيٍّ من السلطات الثلاث

المستشار يوسف المطاوعة لـ«الراي»: متفائل بإقرار قانون تنظيم القضاء في دور الانعقاد المقبل إن تبنته السلطة التشريعية كأولوية

1 يناير 1970 08:29 ص
اختيار أعضاء السلطة القضائية شأن قضائي ينبغي ألا يتدخل به أحد... ولا ضير أن يكون ابن القاضي قاضياً

في رأيي الشخصي... التسرّع بإنشاء مجلس الدولة قفزة في المجهول

نحن مع مبدأ مخاصمة القضاة في حالات الأخطاء المهنية الجسيمة

ما يهمنا كقضاة أن يكون القانون محققاً لتطوير القضاء ويؤكد استقلاله ويحفظ لنا الحِيدة والكرامة

استقلال القضاء أمر دستوري لا يصح الجدل حوله ... والموضوع محل اهتمام السلطة التشريعية

نسعى بأن يكون القضاء وطنياً صرفاً... وتكويت القضاء مطلب وهدف استراتيجي لدى المجلس الأعلى للقضاء

مجلس الدولة استحقاق دستوري لكن أحكام الدستور لا تقتضي حتمية تطبيقها بتوقيت معين

نعترف بأن تأخر الفصل في الخصومات أمر واقع وبعض الأحكام تصدر عن اجتهاد خاطئ

المحكمة الدستورية تقوم بدور أساسي ومفصلي في حماية الدستور ونصوصه وصون الحريات

ليس من الضروري أن يكون حامل مؤهل علمي بدرجة عالية صالحاً للعمل بالقضاء كما لا يعني أن من يحصل على تقدير جيد لا يصلح

عمل إدارة تنفيذ الأحكام مهم ومكمل للقضاء والحكم الذي لا ينفذ هو والعدم سواء

نسبة تنفيذ الأحكام في الكويت مرتفعة ونطمح أن نطور عمل إدارة التنفيذ

نسعى للتوسع في فتح دوائر مغلقة في «التمييز» رغم صعوبة توفر المستشارين المؤهلين للعمل فيها

لا توجد إشكاليات في قبول وكلاء النيابة طالما أن مجلس القضاء يضع الضوابط والشروط

للتفتيش القضائي دور مهم في إصلاح القضاء

المرأة الكويتية ستكون قاضية مستقبلاً وهذه سنة التطور

قضاؤنا مستقل قولا وعملاً ولا يملك أحد التدخل في أحكامه

القضاء الإداري الخاضع لمجلس القضاء يقوم بدوره على أكمل وجه ويحتاج فقط للتنظيم

نسبة القضاة الكويتيين لغير الكويتيين 65 في المئة وإذا بلغنا نسبة 90 في المئة فقد حققنا التكويت
أكد رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس محكمة التمييز رئيس المحكمة الدستورية المستشار يوسف جاسم المطاوعة تفاؤله بإقرار قانون تنظيم القضاء في دور الانعقاد المقبل، إن تبنته السلطة التشريعية كأولوية.

وإذ فتح المستشار المطاوعة الصدر أمام «الراي» في حوار مطول، مثنياً على اهتمامها بالسلطة القضائية، ومعرباً عن إيمانه بأن من حق الصحافة بشكل خاص تسليط الضوء على مواطن الخلل في عمل أي سلطة من السلطات الثلاث، شدد على أن «ما يهمنا كرجال قضاء أن يكون قانون تنظيم القضاء محققاً لتطوير القضاء»،

ويؤكد استقلاله ويحفظ لرجال القضاء الحيدة والكرامة»، معلنا أن القانون بأبعاده أو مراميه، يجب أن يكون أسمى من أن يُنظر إليه نظرة قاصرة أو أن توضع في سبيل إقراره العقبات أيا كانت، وأن استقلال القضاء أمر دستوري لا يصح الجدل حوله والموضوع محل اهتمام السلطة التشريعية رئيساً وأعضاء.

واعتبر المستشار المطاوعة، في رأيه الشخصي...أن التسرع في إنشاء مجلس الدولة قفزة في المجهول، «ولنا في التجارب المشابهة والقضاء المقارن عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد».

وأكد المستشار المطاوعة «نحن مع مبدأ مخاصمة القضاة في الحالات التي فيها انحراف لأخطاء مهنية جسيمة، كاشفاً أنه سبق أن أحيل بعض رجال القضاء إلى التفتيش وتم رفع الحصانة القضائية عنهم، وقُدّموا لمجلس التأديب وصدرت بحقهم قرارات وصلت إلى العزل، منوهاً بأن للتفتيش القضائي دوراً مهماً في إصلاح القضاء.

ورأى المستشار المطاوعة أن المرأة الكويتية ستكون قاضية مستقبلا «وهذه سنة التطور»، مشدداً على أن «قضاءنا مستقل قولاً وعملاً، ولا يملك أحد التدخل في أحكامه».

وتطرق المستشار المطاوعة إلى تكويت القضاء، معلناً السعي إلى أن «يكون القضاء وطنياً صرفاً، وتكويت القضاء مطلب وهدف استراتيجي لدى المجلس الأعلى للقضاء».

وأعرب المستشار المطاوعة عن «فخره على المستوى الشخصي، كما تفخر المحكمة الدستورية بالدعم والأمر الفوري من حضرة صاحب السمو بتنفيذ أحكام المحكمة فور صدورها».

وإذ اعتبر المستشار المطاوعة أن مجلس الدولة استحقاق دستوري، رأى أن أحكام الدستورلا تقتضي حتمية تطبيقه بتوقيت معين، وأقر بأن التأخر في الفصل بالخصومات أمر واقع وأن بعض الأحكام تصدر عن اجتهاد خاطئ.

وقال المستشار المطاوعة إن المحكمة الدستورية تقوم بدور أساسي ومفصلي في حماية الدستور ونصوصه، وصون الحريات من خلال أحكامها وقراراتها وتفسيرها، وأن طبيعة عمل المحكمة الدستورية أنها ذات صبغة سياسية وتلعب دوراً مهماً وأساسياً في هذا الجانب، وقد مارست مهمتها تلك على نحو يتصف بالمهنية والتجرد.

وأوضح المستشار المطاوعة أن القضاء الإداري الخاضع لمجلس القضاء يقوم بدوره على أكمل وجه ويحتاج فقط للتنظيم، وأشار إلى أن نسبة تنفيذ الأحكام في الكويت مرتفعة «ونطمح إلى أن نطور عمل إدارة التنفيذ»، لافتاً إلى وجود توجه لإعمال مبدأ الثواب والعقاب وأنه سيكون لعمل إدارة التنفيذ اهتمام في المؤتمر «الذي سنعقده بداية العام القضائي».

ونوه المستشار المطاوعة إلى أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في عددد الطعون المنظورة أمام محكمة التمييز، و«سنسعى للتوسع في فتح دوائر مغلقة في (التمييز) رغم صعوبة توفر المستشارين المؤهلين للعمل فيها وما قد ينشأ من احتمال تعارض الأحكام».

وأشار المستشار المطاوعة الى أن نسبة القضاة الكويتيين لغير الكويتيين 65 في المئة «وإذا بلغنا نسبة 90 في المئة سنكون قد حققنا التكويت»، معلناً أنه لا توجد إشكاليات في قبول وكلاء النيابة طالما أن مجلس القضاء يضع الضوابط والشروط وهو المعني بالأمر وليس أي جهة أخرى، وموضحاً أنه ليس من الضروري أن يكون الحاصل على مؤهل علمي بدرجة عالية صالحاً للعمل بالقضاء، كما لا يعني أن من يحصل على تقدير جيد لا يصلح، مؤكداً أن اختيار أعضاء السلطة القضائية شأن قضائي لا ينبغي أن يتدخل به أحد، ولا ضير أن يكون ابن القاضي قاضياً.

ورأى المستشار المطاوعة أن قانون الأسرة اقتراح قضائي بحت، والصعوبات التي تواجه تنفيذه لا تقلل من إنسانيته ورقيه.

وفي ما يلي نص اللقاء:

• ما تقييمكم لأداء القضاء باعتباركم رئيساً للسلطة القضائية؟

- أولاً أقول إن هذا اللقاء أسعدني لإيماني بأن من حق الصحافة بشكل خاص كشف وتسليط الضوء على مواطن الخلل في عمل أي سلطة من السلطات الثلاث المنصوص عليها في الدستور، وكذلك حق الإعلام بشكل عام في متابعة الشأن القضائي كونه جزءاً من الشأن العام. ومن هذا المنطلق أقول إن القضاء الكويتي قضاء قد تكاملت له المقومات التي تعينه على القيام بدوره المنشود من تشريعات حديثة تنظم عمله وتكفل حق التقاضي، وتحقق مبدأ المشروعية ومبدأ تعدد درجات التقاضي، وكفالة حق الدفاع، فضلاً عن أن جميع رجال القضاء يدركون جسامة المسؤولية بتولي القضاء ويعملون - ما وسعهم الأمر- على تحقيق العدالة بين المتقاضين وتطبيق حكم القانون الصحيح، ويعاونهم في رسالتهم هذه أجهزة معاونة على قدر كبير من التدريب والمهنية، كما أن التقييم المتجرد يوجب القول بأن قضاءنا مستقل قولاً وعملاً ولا يملك أحد التدخل في أحكامه، وهو كذلك قضاء عادل ومتطور، وكل ذلك لا يعني أننا قد اقتربنا من الطموح المطلوب، بل نعترف بأن التأخير في الفصل في الخصومات أمر واقع، وأن بعض الأحكام تصدر عن اجتهاد خاطئ أو عن قلة تدريب وخبرة.

• كونكم رئيساً للمجلس الأعلى للقضاء، وهو من يشرف على القضاة وأعمالهم، ما الخطط والبرامج التي يسعى المجلس إلى تحقيقها؟

- يتبنى المجلس الأعلى للقضاء أهدافاً استراتيجية ومرحلية، أهمها تكويت القضاء، وفِي هذا الصدد نقول إن تبني استراتيجية تكويت القضاء لا يعني الاستعجال بالأمر أو الإخلال بالثوابت القضائية أو خفض مستوى الأحكام القضائية، فنحن في المجلس الأعلى للقضاء نؤمن بضرورة أن يكون القضاء وطنياً صرفاً، وسنسعى لذلك دون أن نخل بتلك الثوابت، وكمرحلة توصلنا إلى تحقيق هذا الهدف، فقد توسعنا في أعداد المقبولين للعمل في النيابة العامة تمهيداً لنقلهم الى القضاء حتى قارب عدد المقبولين المئة، وتم قبول المرأة الكويتية في القضاء وستصبح قاضية في المستقبل وهذه سنة التطور، ونحن مستمرون في القبول بشكل دوري وفقا للحاجة والخطط الموضوعة للتكويت، وفِي الوقت الحالي تبلغ نسبة رجال القضاء والنيابة العامة الكويتيين الى غيرهم اكثر من65 في المئة، ومن المعروف ان التكويت اذا بلغت نسبته 90 في المئة،‏ فقد تحقق المطلوب رغم ان تكوين رجل القضاء وقبل ذلك اختياره ليس بالأمر السهل، فالعمل في القضاء لا يمكن ان يقارن مع الوظائف الاخرى لاختلاف طبيعة العمل وحجم المسؤوليات، ولذلك نتابع بشكل دائم نشاطات معهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية في إعداد من يقبل للعمل في القضاء، فضلا عن التدريب المستمر لرجال القضاء.

ومن الأهداف التي يتبناها المجلس أيضا الحفاظ على استقلالية القضاء وتطويره ورفع كفاءة العاملين فيه، كما نسعى لجعل العدالة اقرب للمتقاضين من خلال التوسع في انشاء محاكم في المحافظات المختلفة، بالتعاون مع الهيئات العامة والجمعيات والوزارات التي لعملها ارتباط بالقضاء، وامتداد اعمال جلسات المحاكم والعمل على تسهيل إجراءات التقاضي وتبسيطها، واختصار بعض الإجراءات مع سرعة الفصل في الدعاوى وسرعة تنفيذ الأحكام التي تصدرها تلك المحاكم والمحاكم عامة، وهذا يستدعي العمل على استخدام الوسائل الالكترونية الحديثة في رفع الدعاوى والإعلان والتنفيذ، وكلها أمور موجودة وتمت دراستها وتم تطبيقها وتجربتها ولا تحتاج الا التوسع في استخدامها وتعاون الجميع لانجاح وتعميم استعمالها، والمجلس بصدد تحديد برنامج زمني لتفعيل كل ما سبق، كما نأمل ان تتكامل تلك التطلعات مع تطلعات مماثلة في الجانب الاداري والاجهزة المعاونة للقضاء.

• أين يقف قانون تنظيم القضاء؟

- هناك رؤية مشتركة على كافة المستويات بضرورة إقرار قانون تنظيم القضاء، والمجلس الأعلى للقضاء سبق ان كلّفني بالتنسيق مع كل الجهات المعنية في هذا الامر. واؤكد ان الموضوع محل اهتمام من السلطة التشريعية رئيسا وأعضاء، وقد بادر بعض الأعضاء بتقديم اقتراحات لإعادة النظر في قانون القضاء الحالي، فضلا عن ان هناك مشروعا بقانون سبق إرساله لمجلس الأمة وأبدينا عليه بعض الملاحظات.

وفِي السياق ذاته اؤكد ان ما يهمنا كرجال قضاء ان يكون القانون محققا لتطوير القضاء ويؤكد استقلاله ويحفظ لرجل القضاء الحيدة والكرامة، فالقانون بأبعاده ومراميه يجب ان يكون أسمى من ان ينظر اليه بنظرة قاصرة، او ان توضع في سبيل إقراره العقبات أيا كانت، لان استقلال القضاء امر دستوري لا يصح الجدل حوله وانا متفائل باقرار القانون في دور الانعقاد المقبل، ان تبنته السلطة التشريعية كأولوية.

• سبق أن أبديتم تحفظكم كسلطة قضائية على مشروع قانون انشاء مجلس الدولة، فهل هذا التحفظ مبدئي او حول شكل ومضامين مشروع القانون؟

- مجلس الدولة استحقاق دستوري بالأصل لا يملك احد ان يتجاهله، ولكن احكام الدستور التي لا تقرر الا مزيدا من استكمال الأوضاع التي تبناها الدستور وترك للمشرع توقيت اختيار اقرارها لا تقتضي حتمية تطبيقها بتوقيت معين، بل ان من حسن السياسة التشريعية عدم الاستعجال في إقرار اي تشريع اوتعديله ما دام في منظومة التشريع النافذة ما يسدّ اي اختلال، وعلى مستوى القضاء الاداري المنضوي تحت مظلة القضاء العام، ويخضع لاشراف مجلس القضاء فهو قضاء قائم بدوره، بل اصبح قضاء متميزا على المستوى القضاء الاداري العربي، وتجربة ينظر اليها بكثير من الاحترام والتقدير.

إن كل ما يحتاجه القضاء الاداري هو العمل على تطويره وتنظيم اختصاصه على نحو واضح، وقد يكون في انشاء محاكم ادارية بكافة الدرجات وتتمتع بسلطات ادارية معينة، مع بقائها تحت مظلة القضاء العام ومجلس القضاء ما يحقق التطلع الوارد بالدستور، ويكون مرحلة انتقالية يتم تقييمها تمهيدا لما تليها من مراحل.

وفي رأيي الشخصي، فإن التسرع في انشاء مجلس الدولة في ظل الظروف القضائية والعامة الحالية هو قفزة في المجهول، ولنا في التجارب المشابهة والقضاء المقارن عبرة لمن كان له قلب او ألقى السمع وهو شهيد.

• هناك تساؤلات عن دور التفتيش القضائي، وهل اعمال السلطة القضائية لا تنتقد، وما دور التفتيش القضائي في متابعة سلامة أسباب الأحكام والالتزام بأحكام التمييز؟

- للتفتيش القضائي دور مهم في إصلاح القضاء، بل انه الاداة الفاعلة في الرقابة على عمل القضاة بهدف توجيههم لتطبيق القانون على نحو سليم، والالتزام بأحكام التمييز، فضلا عن تلقي الشكاوى على القضاة، سواء المهنية منها او المسلكية، بل ان ترقية القضاة لا تتم الا بعد ان يخضعوا لدورتين تفتيشيتين وان يحصل القاضي على تقدير بدرجة معينة، ودورتين تنشيطيتين في المعهد القضائي.

ونحن نأمل ان نصل الى التفتيش على القضاة وفحص عمل كل منهم مرة واحدة على الأقل كل عام قضائي، اما عن اعمال القضاة فهي تعرض على درجات المحاكم المختلفة وتعدل الأحكام اذا خالفت القانون، فاستقلالية القضاء تمنع ان يتدخل احد في احكامه او يعيبها ما دام طريق الطعن عليها مفتوحا، فاغلب القضايا تنظر من تسعة من رجال القضاء، وقد يصل عددهم الى اكثر من ذلك، وهو امر تتدنى معه نسبة الخطأ او مخالفة القانون، وهذا ما يعزز القول بأن القضاء كفيل بأن يصلح ذاته بذاته، كما ان مما يعزز شفافية عمل القضاة علنية الجلسات وتسبيب الأحكام ومتابعة رؤساء المحاكم لاعمال القضاة، ومع ذلك فنحن مع مبدأ مخاصمة القضاة في الحالات التي فيها انحراف لأخطاء مهنية جسيمة، واستكمالا للموضوع فانه سبق ان احيل بعض رجال القضاء الى التفتيش وتم رفع الحصانة القضائية عنهم وقدموا لمجلس التأديب المشكل من كبار رجال القضاء وصدرت بحقهم قرارات وصلت الى العزل، كما ان القانون يتيح ان يحال من يثبت عدم اهتمامه بعمله القضائي بتقرير من التفتيش الى عمل اداري.

• هناك من يرى ان قانون محاكم الاسرة قد تم الاستعجال بإقراره ولم تكن محاكم الاسرة مستعدة للعمل به، فما وجهة نظركم في هذا الموضوع؟

- قانون محاكم الاسرة اقتراح قضائي في بداية الفكرة واهداف القانون واضحة وراقية، فهو يرمي الى إيجاد كيان قضائي يعنى بقضايا الاسرة وقاض مختص بكل أسرة وصندوق ضمان اجتماعي لغير القادرين على سداد النفقات المحكوم عليهم بها، وأماكن خاصة ومجهزة لرؤية المحضون بعيدا عن مخافر الشرطة، او أماكن النزاعات وأطرافها، بل ان القضايا التي للتصرف بأنها من قضايا الاسرة تنظر امام تلك المحاكم، ما دام اطرافها يشكلون أسرة واحدة، والقانون أنجز على نحو مرضٍ، وان اعترض تنفيذه بعض الصعوبات فهو امر لاينال من طابعه الإنساني ورقيه، وتلك العقبات والصعوبات قادرون على حلها وقد اتخذنا بعض الإجراءات الكفيلة بمعالجة اي قصور، منها استئجار بعض المباني ونقل بعض دوائر محاكم الاسرة الى المباني الجديدة، وتوفير الجهاز الاداري وأقسام تنفيذ الأحكام، وتم تزويد تلك الأقسام بقضاة للتنفيذ.

• اثير في الفترة الماضية جدل حول القبول في النيابة العامة، وان هناك اشكاليات في القبول فهل من توضيح لهذا الامر؟

- لا توجد لدينا أي اشكاليات في القبول طالما ان من يضع شروط القبول هو المجلس الأعلى للقضاء، فهو المعني بتلك الشروط وتعديلها حسب رؤيته وحاجة القضاء لاعداد المقبولين، وهو الاقدر على اختيار من يعمل بالقضاء والشروط والضوابط التي وضعها المجلس وأوكل تطبيقها الى فريق عمل من خيرة رجال القضاء، تحت إشراف ومتابعة من لجنة من مجلس القضاء، تعتمد اعمال الفريق المعاون، ثم يعرض الامر برمته على كامل المجلس الأعلى للقضاء للفحص والتأكد من صحة الاختيار وسلامة الإجراءات.

ليس بالضرورة ان من حصل على مؤهل علمي بدرجة عالية انه يصلح للعمل بالقضاء، كما انه لايعني ان من حصل على مؤهل علمي بدرجة اقل انه لايصلح للعمل بالقضاء، فهناك معايير دقيقة تمس الجانب الشخصي والاجتماعي والبيئة الاسرية والقدرات الشخصية والسمت العام والاخلاق وغيرها من المعايير، مع التأكيد بأن الدرجة العلمية محل تقدير وتكشف عن اجتهاد وإقبال، ولا يمكن ان يستبعد صاحب تلك الدرجة الا اذا لم تتوافر فيه المقومات الاخرى المطلوبة في رجل القضاء، اذ ان تكوين رجل القضاء واختياره امر ليس بالسهل، ويتعين ان تراعى عند الاختيار المواصفات العلمية والأخلاقية.

• هناك من يرى ان في المجتمع الكويتي أصبحت الوظيفة العامة تورث، فابن القاضي يصبح قاضيا، وابن الضابط يصبح ضابطا، وهكذا سائر الوظائف؟

- أيا كانت ابعاد هذه النظرة، فان اختيار أعضاء السلطة القضائية شأن قضائي لاينبغي لأحد ان يتدخل فيه، هذا اولا، وثانيا فان المجلس الأعلى للقضاء يدقق اكثر من غيره في الاختيار، ولا ضير في ان يكون ابن القاضي قاضيا أيضا، ولا يعني هذا تفضيله على غيره، لكننا نعرف بيئته الاجتماعية والمهنية والأخلاقية، وإذا وجد من بين المتقدمين من هو أفضل منه فسيقبل دون تردد وجميعهم في نهاية الامر أبناء الكويت.

• ما هي نظرتكم لإدارة تنفيذ الأحكام ومآخذ تطويرها؟

- تقوم الادارة العامة للتنفيذ بدور مهم ومكمل للقضاء، بل ان عمل تلك الادارة هو من يضفي القوة على احكام المحاكم وهيبتها فحكم لا ينفذ هو والعدم سواء، ومن هنا يولي المجلس الأعلى للقضاء اهتماما واضحا في عمل تلك الادارة من حيث اختيار من يعمل فيها او الإجراءات التي تكفل حصول المحكوم له على حقه وتبسيط إجراءات التنفيذ، ورغم الواقع الذي تعانيه الادارة من عدم وجود شرطة قضائية متخصصة في تنفيذ الأحكام، واختلاق المحكوم عليهم السبيل لتعطيل التنفيذ وإطالة أمده والتسويف فيه، مستغلين النقص التشريعي، فان الادارة على مدى عمرها تبذل جهدها لتنفيذ الأحكام النهائية وفق نصوص القانون، دون تجاوز او تهاون.

وتعتبر نسبة تنفيذ الأحكام في الكويت من النسب المرتفعة، ونطمح ان نطور عمل الادارة ونسعى لتعديل التشريعات وإيجاد اجهزة متخصصة تعين الادارة على تنفيذ الأحكام، وهناك توجيه لإعمال مبدأ الثواب والعقاب وضرورة مراقبة اعمال الادارة بشفافية وحيدة، وسيكون لعمل الادارة وتطويره الاهتمام الكبير في المؤتمر الذي سيعقد في بداية العام القضائي لتطوير القضاء، والذي سبق للمجلس الأعلى للقضاء تبنيه والموافقة على عقده.

• باعتباركم رئيسا لمحكمة التمييز، الا يزعجكم التعارض والاختلاف في المبادئ التي تقررها المحكمة، وما هي آليات ازالة هذا التعارض وتوحيد المبادئ؟

- الأصل الا تتعارض احكام محكمة التمييز لانها محكمة قانون واقرار لمبادئ ملزمة لا تتغير مادام المركز القانوني او الواقع المطروح ذاته لم يتغير، ولكن رغم ذلك فقد يحصل الاختلاف نتيجة اختلاف الوقائع او لطبيعة النص التشريعي ومرونة حمله على اكثر من وجه، فضلا عن ان كثرة عدد الدوائر بالمحكمة في ذات الفرع القانوني، وتعذر الإحاطة بأحكام الدوائر الاخرى لسبب اوآخر قد يسبب هذا الاختلاف، وقد وضع القانون آلية للتعامل مع حالات صدور مبدأين متعارضين من محكمة التمييز، فقرر انه اذا رأت احدى الدوائر العدول عن مبدأ قررته احكام سابقة، ان تدعو الى عقد هيئة عامة للمحكمة تتكون من احد عشر مستشارا برئاسة رئيس المحكمة اومن ينوب عنه ليعرض الامر عليها ولتختار احد المبدأين، ويكون هذا الاختيار ملزما لدوائر المحكمة، وذلك بقصد تحقيق وكسب ثقة المتقاضين.

وقد اجتمعت الهيئة العامة للمحكمة في العام القضائي الحالي والماضي، ومارست دورها في توحيد المبادئ، وقد أصدرت كرئيس للمحكمة تعميما باجراءات انعقاد الهيئة وكيفية عملها وضرورة تضمين طلب انعقاد الهيئة المبدأين السابقين والاحكام الصادرة فيهما، ومبررات العدول ان كانت هناك نية للعدول عن المبدأ، وإزاء ما كشف عنه الواقع العملي، سوف نتقدم باقتراح تعديل تشريعي بأن تعطى الجمعية العامة للمحكمة او رئيس المحكمة من تلقاء نفسه الحق في طلب انعقاد الهيئة العامة متى ما وجد تعارضا جديا في المبادئ القانونية.

• في ظل ارتفاع حجم الطعون في محكمة التمييز، هل هناك نية في زيادة دوائر المحكمة؟

- صحيح ان هناك ارتفاعا كبيرا في حجم الطعون المنظورة امام محكمة التمييز خلال الخمس سنوات الاخيرة، حيث ارتفع عددها في الدوائر المدنية من 238 إلى 1762وفي الدوائر التجارية من444 إلى 1284 وفي العمالي من322 إلى 1625 وفي الاداري من 930 الى1783 وفي الجزائي من25 الى 1980 طعنا، والارقام الاخيرة هي عن نصف العام القضائي الحالي، ومن المتوقع ان يتضاعف العدد بما يكشف عن واقع صعب ومعاناة يتعرض لها مستشارو المحكمة وجهازها الاداري، في ظل الطبيعة الخاصة لعمل المحكمة، وفِي سبيل المعالجة السريعة لهذا الواقع فقد تم رصد إعداد الطعون المتراكمة وانشأنا دوائر مغلقة لفحص تلك الطعون وانهاء ما يمكن انهاؤه في غرفة المشورة، بعد التأكد من كافة الإجراءات المطلوبة، وقد نجحت تلك الدوائر في مهمتها ونظرت ما يزيد على ثلاثة آلاف طعن وانهتها على الرغم من انها تقوم بذلك الى جانب عملها الأصلي، وسوف نتوسع في انشاء مثل تلك الدوائر في العام القضائي المقبل، رغم اننا نقدر صعوبة توفر المستشارين المؤهلين للعمل في محكمة التمييز، وما قد ينشأ من احتمال تعارض الأحكام في حالة التوسع في انشاء الدوائر.

• باعتباركم رئيسا للمحكمة الدستورية، هل تواجه المحكمة أي اشكاليات في عملها بعد إقرار قانون الطعن المباشر واللجوء الى المحكمة او التهديد به من السلطتين التشريعية والتنفيذية؟

- لا شك ان المحكمة الدستورية تقوم بدور أساسي ومفصلي في حماية الدستور ونصوصه، وحماية الحريات من خلال أحكامها وقراراتها وتفسيرها لنصوص الدستور، والنظر في دستورية القوانين والتشريعات، بل انها بحكم طبيعة عملها ذات صبغة سياسية وتلعب دورا مهما وأساسيا في هذا الجانب، وقد مارست مهمتها تلك على نحو يتصف بالمهنية والتجرد، على نحو يحق لنا ان نفخربه.

والمحكمة الدستورية في الكويت محل اشادة وتقدير على كافة المستويات العربية والدولية، وهي تواكب في مسيرتها الطويلة الحياة السياسية والتجربة البرلمانية الغنية، والمحكمة بحاجة الى تعزيز امكاناتها المادية والبشرية وتطوير عملها وكوادرها، واقرار لائحة جديدة تنظم عملها وذلك من خلال جمعيتها العامة لانها الاقدر على ذلك.

ولقد قامت المحكمة وجهازها الفني بإصدارات تضمنت كافة المبادئ التي ارستها المحكمة من خلال أحكامها وقراراتها.

وأفخر على المستوى الشخصي كما تفخر المحكمة بالدعم والاحترام الذي تلقاه في عملها، والامر الفوري من حضرة صاحب السمو حفظه الله ورعاه بتنفيذ احكام المحكمة فور صدورها، بما يعكس أهمية دور المحكمة في الحياة الدستورية والسياسية.

شكراً لـ«الراي» على اهتمامها بالسلطة القضائية



توجه المستشار المطاوعة بالشكر لصحيفة «الراي» على اهتمامها بالسلطة القضائية، من خلال متابعة وتغطية أعمالها بشكل مستمر وإجراء هذا اللقاء الموسع.