ولي رأي

أحزاب وأحزاب

1 يناير 1970 04:05 م
لأننا تعودنا في عالمنا العربي والإسلامي على الحزب الواحد الذي يرأسه الرئيس الدائم في الدولة، والذي يرى أن الدولة ملك خاص له ولعائلته، وأن على الشعب أن يطيع أو يُعاقب، لم نتعجب عندما طالب البعض من نوابنا بتجريم العمل الحزبي في الكويت، واعتبار الحزبية خيانة وطنية.

ولكننا لو نظرنا للدول المتقدمة في العالم التي تؤمن بالحرية والمساواة وتكافؤ الفرص، الجمهورية منها والملكية، لوجدناها تديرها حكومات حزبية جاءت للسلطة عن طريق انتخابات حرة، أحزاب ينتمي إليها كل مواطن يعيش في البلد، من دون النظر إلى أصله أو دينه أو لونه أو جنسه.

ففي أميركا - أقوى دول العالم وأغناها - مثلاً، يتبادل الحكم فيها حزبان، الجمهوري والديموقراطي، وكان رئيسها السابق ابن مهاجر أفريقي حكمها 8 سنوات. وفي بريطانيا - أعرق الدول - تبادل الحكم فيها حزبان، العمال والمحافظون، وعمدة عاصمتها لندن آسيوي الأصل، مسلم الديانة. والهند بلد المليار نسمة - تقريباً - بعشرات الأعراق واللغات والأديان، حكمها معظم الأحيان، حزب المؤتمر، منذ استقلالها عن بريطانيا، ووصل بها إلى شبه الاكتفاء الذاتي اقتصادياً، وأدخلها النادي النووي عسكرياً. أما تركيا، فقد نقل حزب العدالة دولته من بلد على شفا الإفلاس إلى سابع أقوى دولة اقتصادياً في العالم خلال عقدين من الزمان.

إذاً فالعيب ليس في الأحزاب والحزبية بل في ثقافة المجتمع وقبول حكامه بالديموقراطية، ومشاركة جميع فئات الشعب في الحكم.

المعيب أن بعض من جرّم العمل الحزبي من النواب وصل إلى كرسيّه عبر انتخابات فئوية جرّمها مجلس الأمة منذ سنوات، والفوز فيها ليس لمن قدم خدمات للبلد أو لصاحب الكفاءات، بل لمن حصل على أصوات أكثر من فئته، ومن الطبيعي أن يكون ولاؤه لمصلحة هذه الفئة بالتعيينات والمناصب والامتيازات، والمشين هو اختيار الحكومة بعضاً من هؤلاء وزراء فيها مع علمها بهذه النظرة الضيقة للوطن والمواطنين.

نحن ضد الأحزاب عندما تكون طائفية أو عنصرية أو ذات مرجعية خارجية، ولكن ما نراه من فشل في تحقيق أي إنجاز، برلمانياً كان أم حكومياً، ما هو إلا نتيجة العمل الفردي غير المنظم، والتنافس غيرالشريف بين النواب والوزراء سعياً من كل فرد فيهم إلى مصالح فئته، وليست مصالح المواطنين كافة.