بين «بصمة الديوان» والمرض المهني الياباني... مجرد شعرة

«كاروشي»... بالغترة والعقال!

1 يناير 1970 08:56 م
• اليابانيون ينتحرون من الإفراط في العمل ويتحاشون الحصول على كامل رصيد إجازاتهم ولا يغادرون مقر العمل قبل مغادرة المدير!
فيما لا تزال ارتدادات قرار ديوان الخدمة المدنية بتعميم البصمة على جميع الموظفين، بمن في ذلك شاغلو المناصب القيادية من مراقبين ومديرين ومن أمضى في الخدمة 25 سنة، استحضر البعض من مؤيدي القرار مفردة «كاروشي» اليابانية، والتي تعني بالعربية «الموت من ضغط العمل»، واقترحوا إلباس العبارة الغترة والعقال لتتواكب مع قرار ديوان الخدمة الجديد، الذي يبدو أن الجدل في شأنه سيستمر، إلى موعد تنفيذه في سبتمبر المقبل، وربما بعد الموعد أيضاً.

ويرى مناصرو قرار ديوان الخدمة في إلغاء البصمة أن مصطلح «كاروشي» لا بد أن يرتدي الغترة والعقال ويتفانى في عمله ويقدمه بكل إخلاص، تأسياً بثقافة العمل اليابانية، التي أدهشت العالم، خصوصاً لجهة الإنجازات التي تتحقق في الجامعات والمدارس والمصانع والشركات، الناجمة عن حب العمل والتفاني فيه، مستشهدين بالثقافة الوظيفية في اليابان، التي تنظر إلى الموظف المستنفد رصيد إجازاته بالكامل، على أنه «شخص ضعيف»، إلى درجة أن الموظف يحتاط لاستياء زملائه منه إن هو حصل على الإجازة أو أفرط فيها.

وتميل الثقافة الوظيفية في اليابان إلى الاستزادة في العمل، حتى لو كان الفائض عن ساعات الدوام طوعياً، غير مدفوع الأجر، إذ من المصطلح عليه ألا يغادر العاملون مقر عملهم إلى بيوتهم قبل مغادرة مدير العمل في الشركة أو المصنع اللذين يعملون فيهما، فلو أنهى الموظف ساعات عمله ووجد رئيسه ما زال في الدوام، فإنه يستنكف عن المغادرة خجلاً، ولا يغادر قبل مغادرة المدير.

وأظهرت دراسة يابانية ارتفاع أعداد اليابانيين المصابين بمرض «كاروشي» ما كبد الاقتصاد الياباني خسائر تصل إلى 138 مليار دولار سنوياً، ولمجابهة هذا المرض المهني، رصدت الحكومة اليابانية 3.5 مليون دولار للعام المالي المقبل من أجل إطلاق برنامج يشجع الشركات الصغيرة والمتوسطة على تقليل ساعات الدوام، كما ستطلق برنامجاً أيضاً لتدريب الشركات والموظفين على تبني قواعد محددة للعمل.

وتاريخياً، ظهرت أول حالة «كاروشي» في العام 1969، حيث أقدم مواطن ياباني على الانتحار بسبب الإفراط في العمل.

... وإلى الرافضين قرار الديوان، فقد رفض رئيس قسم علم النفس والاجتماع في جامعة الكويت الدكتور عويد العنزي في تصريح لـ «الراي» قرار تطبيق البصمة «الذي ستكون له انعكاسات سلبية» كما يقول، مضيفاً «أن البصمة ليست حلاً»، ومشيراً إلى أن تشجيع وتحفيز الموظفين هو الحل لخلق بيئة عمل مناسبة.

وأضاف العنزي «أن قرار البصمة لن ينجح في إلزام الموظفين بالبقاء في مقار أعمالهم، إذ من الممكن أن يقوم الموظف بالبصمة ويخرج فوراً، فإذا أردنا أن نحقق الإنتاجية الحقيقية فهذا الأمر يأتي من خلال الاحترام والتقدير، لذا فإن القرار يحتاج إلى إعادة نظر ودراسة من جديد».

وقال العنزي «إن القرار جاء دون دراسة أو تطبيق تدريجي، وقد تكون له آثار سلبية»، مستشهداً بقرار تطبيق البصمة في جامعة الكويت، قائلاً «أنا أشاهد بعض الموظفات يدخلن إلى مقار أعمالهن ثم يبصمن ويغادرن فوراً، وهذا خير دليل على أن البصمة ليست حلاً».