«أم منيفة»

1 يناير 1970 07:53 م
في مجتمعاتنا العربية، خصوصاً ذات الطابع القبلي، يكون للمرأة دور محدد تضبطه أطر اجتماعية وعادات متوارثة، لكن في هذه الحالة الخاصة في أيامنا، نجد الشيخة ام منيفة تقوم بأدوار لا يستطيع القيام بها رجال عدة، وهي امرأة وحيدة وقفت بثبات إلى جانب زوجها وابن عمها الشيخ محسن عجيل الياور الجربا، الذي عانى المرض وتردت حالته الصحية في مستشفيات بريطانيا باهظة الثمن، قبل أن ينقل الى العاصمة الأردنية عمان حتى وافاه الأجل المحتوم بعد صراع طويل مع المرض.

الكلمات والحروف تعجز عن ذكر القليل القليل من مناقب ومواقف الشيخة ام منيفة الإنسانية. قدر الله سبحانه ان يكون سرير المرحوم الشيخ محسن الجربا، بجوار سرير والدي رحمه الله وغفر لهما. وكانت الشيخة الكريمة لا تفارق زوجها من الصباح الباكر الى نهاية اليوم، تقرأ القرآن والأذكار وتبتهل للمولى ان يشفي شريكها وعضيدها الذي عاشت معه حلو الأيام ومُرّها، والغربة والبعد عن الديار... وكل ذلك ثمنه البقاء والثبات على المواقف العروبية والمبادئ الراسخة.

أم منيفة وحدها تتابع كل الإجراءات الخاصة بالشيخ محسن... تدفع الالتزامات المالية وتتفقد الفحوصات الطبية من دون مساعدة من أحد.

سألتها ذات مرة، لماذا لا تتحمل الجهات الحكومية في الخليج والعراق، نفقات علاج الشيخ، وأنتم تربطكم علاقات مباشرة مع معظم الأسر الحاكمة، ولكم مكانتكم العالية لدى الجميع، فردت: يا مبارك، لا اطلب من احد ولا ارغب بذلك. فالمال الذي لدينا فداء لأبو منيفة... المهم عندها ان يعود الشيخ لمجلسه وربعه.

اؤكد ان الشيخة ام منيفة، هي المرأة التي لا تنكسر والشامخة رغم ظروف الحياة التي عانت منها، وهي ترى في ابنتها الوحيدة منيفة، الأمل وما يسعد قلبها الطيب. ذات يوم، قال لي تاج راسي، والدي رحمه الله، ان ام منيفة «من نوادر النساء الأصايل وبنت شيوخ».

ختاماً، القلب يعتصر ألماً لفقدان الاحبة، لكن هذه حتمية القدر... واقول لأم منيفة: نحن أبناؤك ونفخر ونعتز بكِ يا شيخة، يا كبيرة من كبيرات نساء العرب. اعلم بمكانة والدي لديكم ومكانتكم عندنا... اطال الله في عمرك وجزاك الله عن الشيخ محسن خير الجزاء يا أم الطنايا والسناعيس.

[email protected]