عرض مسرحي بهيج تستمر عروضه طوال أيام العيد

«زين عقلة الإصبع»... ضميرنا معيار إنسانيتنا!

1 يناير 1970 05:17 ص
هبة مشاري حمادة: أستمد أفكار مسرحياتي من الظروف المحيطة وأجندتي الخاصة

مي الصالح: لا نبحث عن الربح... بل ننشغل بتحقيق الإشباع الفني لجمهور العمل
كعادتها تبهرنا شركة «زين» للاتصالات، بالتعاون مع شركة «joy»، بالعمل المسرحي الذي تقدمه كل عام، حيث ظهرت إمكانات رائعة هذه المرة أيضاً في أبهج عرض مسرحي، وهو «زين عقلة الإصبع» من تأليف هبة مشاري حمادة وألحان بشار الشطي وتوزيع ربيع الصيداوي وإخراج سمير عبود وتولت الإشراف العام مي الصالح، ويتقاسم بطولة المسرحية كل من الفنانين فاطمة الصفي، بشار الشطي، حمد أشكناني، علي كاكولي، مروى بن صغير، فرقة شياب، شهد العميري، راما رابط وفتحية جعفر.

وبدعوة خاصة من شركة «زين» للاتصالات حضرت «الراي» أول عروض المسرحية، وذلك على خشبة مسرح نادي كاظمة في منطقة العديلية، والتي تستمر طوال فترة عيد الفطر السعيد.

العرض الذي ينتمي إلى المسرح الغنائي الاستعراضي كان باهراً منذ الوهلة الأولى من جميع النواحي، بدءاً من الديكور الرائع المعبر عن كل لوحة، والذي برغم ضخامته كان مهيأً للتغيير في ثوانٍ معدودة، سامحاً للممثلين بالتنقل من لوحة إلى أخرى، كذلك الأمر بالنسبة إلى الأزياء التي أطل بها الممثلون والتي تدل على شخصياتهم بوضوح كبير، إلى جانب الإضاءات المتناغمة والمتماشية مع الحالة المسرحية، ولا نغفل عن جمال وروعة الموسيقات التي وزعها باحترافيةٍ لافتةٍ ربيع الصيداوي والألحان التي صاغها بشار الشطي، بعدما قدمت له هبة حمادة كلمات تجمع بين الجمال والسلاسة، أما الأداء التمثيلي فقد كان مباراة للإتقان والتناغم بين الممثلين جميعاً، وقد خرج منها الكل فائزين بلا استثناء، إذ استطاع كل واحد منهم أن يكون خلال النطق بجملته المسرحية بطلاً منفرداً، ومع احترافية الرؤية الإخراجية للمخرج سمير عبود توزّع هؤلاء الممثلون فوق خشبة المسرح بصورة صحيحة منحت كلاً منهم حقه الكامل في الظهور.

النص المسرحي الذي كتبته هبة مشاري حمادة هذا العام لا يقل أهمية عن نصوصها المسرحية السابقة، حيث امتلك «زين عقلة الإصبع» موضوعاً اجتماعياً وهدفاً أساسياً بنيت عليه القصة والأحداث، حيث أرادت هذا العام أن تسلط الضوء على أهمية الضمير ودوره الكبير في حياة الإنسان في ظل غيابه أو تراجعه لدى كثير من البشر، وبلورت حمادة هذه القضية من خلال شخصية فتاة تدعى «زين» أصبحت صغيرة جداً كحجم عقلة الإصبع، لتجد نفسها حينها مندمجة مع مجموعة من الحشرات الصغيرة والحيوانات، فتتوالى الأحداث والمغامرات معها حتى تكبر شيئاً فشيئاً لتعود إلى حجمها الطبيعي مجدداً.

وفور انتهاء العرض، صرّحت الكاتبة حمادة لـ «الراي» بالقول: «هذا العمل المسرحي يتكلم عن مدى فعالية الضمير، حيث إننا صرنا نفتقد في أيامنا الحالية أمراً مهماً جداً هو محاسبة النفس في عصر باتت فيه رقابة أنفسنا لأنفسنا غير مجدية، بعدما أصبحنا أشبه بأشياء للعرض فقط في مواقع التواصل الاجتماعي نسعى للظهور أمام الجميع بأجمل صورة، متناسين أن المهم هو كيفية مشاهدة أنفسنا عندما نكون وحيدين بعيداً عن كل تلك البهرجة»، وتابعت: «فكرة المسرحية تتمحور حول شخصية (زين) تلك الفتاة المشاغبة والمشاكسة وقليلة الإحساس بالآخرين، والتي يصغُر ضميرها في يوم من الأيام، إلى حد أنه غضب منها قائلاً لها (أخاف في يوم من الأيام أن أختفي)، ولهذا أريد أن أُشعر الجمهور كيف أن المرء يمكنه العيش إن كان صغيراً، ومن ثم حولها فعلياً إلى فتاة صغيرة جداً في الحجم حتى بات حجمها قريباً من كثير من الحشرات، كالذباب والنحل والصراصير»!

حمادة تابعت «أن الضمير قال للفتاة (زين) إنها في حال أرادت العودة إلى حجمها الطبيعي يجب عليها أن تتعلم كيفية تكبير ضميرها، وهناك تبدأ مغامرات زين عندما تجد نفسها في مكان اندمجت فيه مع مجموعة حتى أضحت جزءاً منها، وبعد كل مغامرة كانت تمر بها، كان ضميرها يكبر شيئا فشيئاً حتى عادت في الختام إلى حجمها الكامل».

وأردفت حمادة: «أستمد أفكار مسرحياتي من الظروف الحياتية المحيطة بنا والأجندة الاجتماعية التي أمتلكها، فهي التي تمنحني أفكار الأعمال التي أكتبها، حيث حرصت على أن تكون مسرحية (زين عقلة الإصبع) كسابقاتها باللغة العربية البيضاء، كما حاولنا في هذا الموسم أن تكون الأغاني بسيطة جداً، وأن يكون العمق في المعنى من دون أن أي تقعر في الكلام، وصعوبة بالمفردات، خصوصاً مع وجود ذلك التوافق الكبير بين الكلام الذي أكتبه والألحان التي يقدمها بشار الشطي مع رؤية المخرج سمير عبود والأداء التمثيلي من الفنانين الذين يشاركوننا كل عام، فيترجَم ذلك كله في النهاية إلى عمل فني ناجح يليق بالجمهور كباراً وصغاراً».

في السياق ذاته قالت المشرف العام ومنتجة المسرحية مي الصالح بالقول: «لن أُطيل الحديث عن (زين عقلة الإصبع)، بل أرغب في أن يأتي الجمهور إلينا ويشاهد بأمّ عينيه ما نقدم له من عمل مسرحي راقٍ، وكل ما أريده من المشاهدين هو التركيز على الكلمة والقصة وموضوع (الضمير) الذي هو محور العمل، بحيث إنه كلما صغر ذلك الضمير يصغر الشخص نفسه في أعين الناس والعكس صحيح»!

وواصلت الصالح: «صحيح أنني منتجة المسرحية، ومن ثم أهتم بالمردود المادي، لأنه يساعدني على مواصلة تقديم أعمال أخرى جيدة، لكنني في الوقت ذاته يهمني بالدرجة الأولى المضمون الذي نقدمه للجمهور الذي نعتز به ونقدره»، معربة عن اعتزازها بتقديم عمل باهر يضاهي العروض العالمية، ومتابعةً: «لا شك أن هذا الأمر يستلزم تكلفة مادية كبيرة، لتغطية نفقات العرض»، ومختتمةً حديثها بالقول: «لكنك تعلم أن شركة زين للاتصالات لا تبحث عن الربح المادي من وراء العمل المسرحي على الرغم من ضخامة ما تقدمه على الصعيد الإنتاجي، بل يشغلها أن تحقق الإشباع الفني لجمهور العمل».