الحوار العقيم على «المصطلح الملتبس» يُستأنف اليوم بعدما عطلته حرب يوليو 2006 وأحياه «اتفاق الدوحة»

الاستراتيجية الدفاعية للبنان ... تلازم مساري الدولة والمقاومة أم «الطلاق»؟

1 يناير 1970 07:07 ص
| بيروت - «الراي» |
طوال أعوام الانقسام السياسي الحاد الأخيرة على الساحة اللبنانية، ما انفك موضوع «الاستراتيجية الدفاعية»، الذي كان يقفز إلى الواجهة حيناً ويتراجع أحياناً أمام ثقل قضايا وطنية أخرى، يشكل «الطيف الحاضر الغائب» أبداً_، إذ ترى فيه غالبية من اللبنانيين «قطبة مخفية» و«مكمن الشرور» كنتيجة طبيعية لتركيبة لبنان القائمة على وجود قوة مسلحة على هامش الدولة وقواها الشرعية.
وبعدما نسفت الحرب الإسرائيلية على لبنان النقاش في شأن استراتيجية الدفاع الوطني في صيف العام 2006 ها الحوار يعود برعاية رئيس الدولة هذه المرة. ولكن، بعيداً من الفرص المتاحة لخلق هوة في جدار «الجدل العقيم» عن الاستراتيجية الدفاعية، لا بد من قراءة معاني مصطلح «استراتيجية الدفاع الوطني» وماهيتها وأبعادها على المستويات كافة.
قبل حرب يوليو 2006 بين «حزب الله» وإسرائيل، شكّل موضوع «استراتيجية الدفاع الوطني» بنداً أساسياً ورئيسياً على طاولة الحوار الوطني اللبناني الذي انطلق في مارس 2006 بإدارة رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد سلسلة من الاغتيالات والتوترات الأمنية والسياسية وانقسام حاد طبع المشهد اللبناني منذ اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وانسحاب الجيش السوري عام 2005. وفي الجولتين الثامنة والتاسعة الأخيرتين من الحوار، قام الأطراف المتنازعون، الذين لم يكونوا ربما يعون أنهم يخوضون في 29 يونيو 2006 الجولة الحوارية الأخيرة بعدما أطاحت الحرب بالجلسة التي كانت مقررة في 25 يوليو، بطرح تصورهم ورؤيتهم الخاصة عن هذه الاستراتيجية وعلاقة الدولة بالمقاومة والسلاح غير الشرعي على أرض الجمهورية.
في تلك المرحلة من التحاور، لم يقدم رئيس مجلس النواب نبيه بري مطالعته أو تصوره بعدما اتخذ لنفسه صفة «مدير الحوار الحيادي»، في حين أكد زعيم «التيار الوطني الحر» النائب المسيحي ميشال عون أن الجميع يريد توحيد السلاح شرط أن تكون الدولة قادرة وقوية ولفت الى أن طرح الاستراتيجية الدفاعية عملياً يستوجب بناء الدولة القوية، مطالباً بمعالجة السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها.
في المقلب الآخر، وزع «اللقاء الديموقراطي» برئاسة النائب الدرزي وليد جنبلاط، الذي كان يخوض في تلك المرحلة أشرس حرب على «ميليشيا حزب الله» كما كان يسميه، ورقة عن الاستراتيجية الدفاعية تختلف عن الورقة المشتركة التي تقدمت بها قوى 14 مارس وتمنى، حينها، أن تبقى الورقة سرية. وحسب المعلومات، فإن الورقة ذكرت أن لا إجماع وطنياً على مسألة بقاء السلاح في يد «حزب الله»، خصوصاً أن السيادة على مزارع شبعا لم تُحسم بسبب عدم تجاوب النظام السوري.
ولفتت الورقة الى أن المقاومة نشأت، أصلاً، كرد فعل على الاحتلال ومن الطبيعي أن تفقد مبرر وجودها بعد زواله، وسأل «اللقاء الديموقراطي»: هل صواريخ «حزب الله» هي للدفاع عن لبنان أم لأغراض خارجة عن متطلبات الدفاع؟ ولماذا لا يقدم الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله أي تصور لتطوير الجيش والإفادة من إمكاناته؟ ولماذا لم يناقش خيار دمج المقاومة في الجيش؟
بدورها، رأت «القوات اللبنانية»، أحد أبرز الأطراف المسيحيين الفاعلين في فريق 14 مارس، على لسان رئيس هيئتها التنفيذية الدكتور سمير جعجع أن سلاح «حزب الله» يشكل خطراً على وحدة الدولة لأن لا مشاركة في قرار السلم والحرب. وأشار جعجع إلى أن المقاومة نشأت في مرحلة لم تكن فيها الدولة موجودة إلا أن الأوضاع لا تحتمل مقاومة ودولة وطالب باستقدام قوات دولية تكون مهمتها الردع وليس المراقبة، مقترحاً إقامة منطقة عملانية تشمل الحدود كلها مع إسرائيل وتتسلمها قوات نخبوية من الجيش تعتمد أسلوب المقاومة على أن يحل «حزب الله» قواته وتشكل عناصره احتياطاً لهذه القوات عند الضرورة.
من جهته، قدم حزب «الكتائب اللبنانية» مذكرةً طالبت الدولة بنشر قواتها على الأراضي اللبنانية كلها لا سيما المحررة من الاحتلال الإسرائيلي. وسأل رئيس «الكتائب» أمين الجميل عن معنى التفرد بإمرة السلاح والتنسيق مادامت المؤسسة العسكرية ليست شريكاً في القرار القتالي الذي يتخذ بمعزل عنها.
وتابع: «ما معنى أن تمارس المقاومة أعمالها في اطار السرية من دون أن يكون للجيش اللبناني علاقة واضحة بهذا الأمر؟ وهل صحيح أن التنسيق المفترض يستبعد عامل الثقة بين الجيش والمقاومة كي يظل التفرد سائداً على مستوى القرار ومستوى القتال ومستوى القيادة؟».
وبين الطرح القائل بقيام دولة قادرة وقوية قبل أي حديث عن الاستراتيجية الدفاعية والطرح المؤكد أن لا تعايش بين الدولة والمقاومة، جاء طرح النائب غسان تويني الذي طالب بألا تكون المقاومة للدولة ولا الدولة مع المقاومة بل أن تكون الدولة اللبنانية دولة مقاومة وأن يكون قرار الحرب والسلم في يد الدولة. وذكّر تويني بمشروع الإمام المُغيَب موسى الصدر القاضي بقيام مقاومة شعبية في الجنوب من جيش نظامي وجيش شعبي على أن يصبح كل مواطن جندياً ويتم حل الميليشيات وإرسالها الى الجنوب ودمجها بالناس ما يشكل دفاعاً شعبياً حقيقياً.
هذه الطروحات كلها وجدت طريقها إلى العلن غير أن الحرب التي حصلت نسفت، حينها، الحوار عن الاستراتيجية الدفاعية لتُطرح المسألة بقوة، بعد هدوء القتال، عبر الخطابات والمنابر السياسية، خصوصاً أن فريق 14 مارس رفعَ الصوت عالياً، داعياً إلى وضع تصور واضح ودقيق لهذه الاستراتيجية وحصر قرار الحرب والسلم بيد الدولة وحدها منعاً «للانجرار إلى مغامرة جديدة يدفع ثمنها الوطن بأسره». لكن المشهد العام الذي تكوّن، في ما بعد، جرّاء انسحاب وزراء «حزب الله» وحركة «أمل» من الحكومة، التي وصفوها خلال الحرب بالمقاومة، ومطالبة المعارضة بأطيافها كافة بتشكيل حكومة وحدة وطنية ووضع قانون انتخاب نيابي عادل وبدء الاعتصام في وسط بيروت، وصولاً إلى الفراغ في الموقع الأول في الدولة، كلها تطورات أبعدت «الاستراتيجية الدفاعية» عن مجال التداول على حساب المسائل الوطنية الأكثر إلحاحاً.
وفي الأشهر اللاحقة، ازدادت حدة التوتر السياسي في الداخل اللبناني حتى بلغت الأمور حد المواجهة في الشارع عبر حوادث السابع من مايو 2008 التي فجرت الاحتقان في العاصمة بيروت وفي الشمال وعكار والجبل بين «تيار المستقبل» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» و«حزب الله» وحركة «أمل» وكسرَت مقولة «حزب الله» الدائمة أن السلاح لم ولن يوجه للداخل. وفي ظل اللجوء إلى السلاح وسيلةً للحسم السياسي، جاء «اتفاق الدوحة» الذي مهد لتشكيل حكومة وحدة وطنية وانتخاب رئيس للجمهورية واقرار التعديلات الانتخابية على أن يُصار إلى البحث في مسألة «الاستراتيجية الدفاعية»، التي أصر فريق 14 مارس في الدوحة على التطرق اليها، بنداً وحيداً على طاولة الحوار الوطني برعاية رئيس الجمهورية.
وبعد نحو أربعة أشهر على توقيع «اتفاق الدوحة»، دعا رئيس الجمهورية ميشال سليمان، مستفيداً من أجواء المصالحات التي عمت البلاد، الأفرقاء إلى الحوار في القصر الجمهوري، في بعبدا، في ظل أخذ ورد عن حصر النقاش في الاستراتيجية الدفاعية أم توسيعه ليشمل مواضيع أخرى. وإذا كانت المناخات المرافقة للحوار تبدو إيجابية خلافاً للمناخات السابقة، فإن مواقف الأطراف السياسيين من الاستراتيجية الدفاعية تظهر هي نفسها، في حين تُسجل استدارة واضحة الملامح للنائب جنبلاط الذي أكد أن المرحلة الحالية تستوجب الارتقاء إلى حجم المسؤولية بما يفسح المجال أمام مناقشة استراتيجية دفاعية وطنية ترتكز على عناصر أساسية أبرزها الاستفادة من القدرات القتالية للمقاومة، ومرجعية الدولة في قرار الحرب والسلم وتكريس اتفاق الهدنة الذي يجمد حال الحرب مع إسرائيل من دون أن يعني السلام.
وبغض النظر عن نسب نجاح هذا الحوار في إحداث هوة في جدار «الجدل العقيم» على الاستراتيجية الدفاعية وخلق تلازم أو أقله تقارب بين مساريْ الدولة والمقاومة، تبدو الحاجة إلى قراءة المعاني العسكرية والسياسية لمصطلح «الاستراتيجية الدفاعية»، وهو كما يبدو مصطلح يحتمل الكثير من التفسيرات والتأويلات والمقاربات، حاجة ملحة. ولهذه الغاية، ومع انعقاد طاولة الحوار الوطني اللبناني اليوم استشفت «الراي» رأي الخبيرين الاستراتيجيين العميد الركن المتقاعد وهبة قاطيشا والعميد الركن المتقاعد أمين حطيط.
قاطيشا
اعتبر قاطيشا أنَ المعنى الأساسي لمصطلح «استراتيجية الدفاع الوطني» له مستويان، الأول ديبلوماسي - سياسي والثاني عسكري، ويشرح: «المستوى الأول للاستراتيجية الدفاعية، أي المستوى الديبلوماسي - السياسي، يستند إلى علاقات لبنان بالشرعية الدولية والأمم المتحدة وبجامعة الدول العربية ومنظومة الدفاع العربي. أما المستوى العسكري فهو المتعلق بمعاهدة الدفاع المشترك بين الدول العربية، من جهة، والخطة الدفاعية المحلية القائمة على عوامل سياسية وعسكرية واقتصادية وثقافية، من جهة أخرى، إلا أن «بيت القصيد في مسألة الاستراتيجية الدفاعية يكمن في الشق العسكري القائم على عمل الوحدات العسكرية والجيوش فوق الأراضي اللبنانية في حال تعرضها لأي اعتداء إسرائيلي».
وأضاف: «عندما تنفد الوسائل الديبلوماسية والسياسية كلها تلجأ الجيوش إلى العمل العسكري، فهل نحن قادرون على ردع إسرائيل في حال كانت لديها أي نية عدوانية تجاه لبنان؟ طبعاً نحن قادرون على تأسيس جيش يشكل رادعاً لإسرائيل».
وهل يشكل «حزب الله» أو المقاومة هذا الرادع بالنسبة إلى العدو، أجاب قاطيشا: «إقامةُ توازن عسكري مع إسرائيل أمر غير ممكن فلا لبنان ولا سورية ولا الأردن قادرون على ذلك، ومن يطالب ببقاء سلاح المقاومة بحجة إقامة هذا النوع من التوازن هو مجرد واهم وأي كلام في هذا الإطار هدفه تضليل الناس لإبقاء سلاح المقاومة. الدخلُ القومي الإسرائيلي يبلغ نحو 170 مليار دولار في حين يبلغ الدخل القومي اللبناني نحو 22 مليار دولار، وبالتالي إقامة أي توازن عسكري في ظل هذا الدخل الاقتصادي أمر شبه مستحيل لأن لا قدرة لنا على شراء الأسلحة كما أن صواريخ «حزب الله» لا تشكل، أبداً، رادعاً لإسرائيل، وأكبر دليل على ذلك التهديدات الاسرائيلية المستمرة التي تؤكد قدرة العدو على دخول لبنان».
وتابع: «الإسرائيليون لا يحلقون فوق الأراضي الأردنية والمصرية والسورية ليس بسبب التوازن العسكري بل نتيجةً عمل ديبلوماسي. وعليه، في إمكاننا أن نقيم رادعاً في وجه العدو الإسرائيلي من خلال عقيدة قتالية جديدة وتبني جيش جديد، والجيش اللبناني هو الوحيد القادر على تشكيل قوة ردع انطلاقاً من جغرافيا لبنان وهنا تكمن قوتنا».
وأكد أن «الصيغة الأنسب بالنسبة إلى الاستراتيجية الدفاعية المنشودة تقوم على بناء جيش قادر وعلى عدم إعطاء العدو هدفاً كبيراً للاعتداء علينا، وهذا يتم عبر خطط عسكرية واستراتيجية. أما الكلام عبر الصحف عن عدم تقديم الولايات المتحدة أسلحة للبنان، فيُراد منه تسويق سياسة معينة تتناقض والمصالح اللبنانية العليا.
ثمة من يريد لبنان سيداً حراً مستقلاً قادراً على الدفاع عن نفسه، وهو قادر على ذلك سياسياً وديبلوماسياً وعسكرياً، وثمة من يريده ساحة صراع لتسويق سياسات إقليمية معينة».
أما عن مدى قابلية المقاومة لتقديم تنازلات تتلاءم وأي طرح للاستراتيجية الدفاعية على طاولة الحوار الوطني، فقال قاطيشا: «المقاومة ليست في وارد تقديم التنازلات كونها تخدم محوراً إقليمياً معيناً، وطاولة الحوار الوطني ما هي إلا للجلوس والحوار وستأخذ وقتاً طويلاً قبل التوصل إلى نتيجة، ولن تصل إليها إلا في حال حدوث تغيير ما على المستوى الإقليمي».
وعن موقف الدولة في حال عدم التوصل إلى أي نتيجة من طاولة الحوار، أوضح قاطيشا أن «الجيش اللبناني هو جيش السلطة غير أنه سيكون محبطاً إذا وجدَ إلى جانبه مسلحين ومقاومة. وختم: «لن نخرج من دوامة طاولة الحوار وسيستمر التأجيل حتى الانتخابات الإيرانية وحتى تتضح، بالتالي، صورة علاقة إيران بدول المنطقة وصورة المرحلة المقبلة».
حطيط
من جهته، قال العميد المتقاعد أمين حطيط: «كل دولة في العالم تسعى إلى تحقيق أهداف أساسية تُسمى الأهداف الاستراتيجية أو الأهداف الوطنية الكبرى، وكل دولة تحدد هذه الأهداف وفقاً لموقعها وللمخاطر التي تهددها. وفي لبنان، ثمة سبعة أهداف استراتيجية أساسية تبدأ بحماية الأرض والشعب وحماية الوحدة الوطنية وحماية الثروة الوطنية، وفي صلبها المياه، وحماية النظام السياسي وحماية الانتشار اللبناني ومنع اقتطاع الأرض ومنع توطين شعب آخر».
وأضاف: «عندما تحدد الدولة أهدافها الاستراتيجية تأخذ في الاعتبار إمكاناتها وما يتوافر لديها من قوة، وبتحديد الأهداف والإمكانات يبقى للمفكر والمخطط الاستراتيجي أن يرسم خطته. الاستراتيجية الدفاعية، إذاً، هي الخطة التي بمقتضاها يتم استعمال الإمكانات المتوافرة لتحقيق الأهداف المطلوبة ورفع الأخطار. في لبنان، البحث في الاستراتيجية الدفاعية ينطلق من ثابتين. الثابت الأول هو الأهداف الوطنية التي لا يستطيع أحد أن يتنازل عنها. والثابت الثاني هو الإمكانات القائمة في الدولة اللبنانية، والتي لا يستطيع أحد أن ينكر حقيقتها بأن لبنان بلد ضعيف معدوم الإمكانات والموارد الطبيعية ولا يستطيع أن يؤمن جيشاً يواجه إسرائيل لكن لديه الشعب المستعد دائماً للتضحية. والواقع أن الدولة اللبنانية لا تستطيع أن تواجه إسرائيل بقدراتها الرسمية، والسبب أن قدرات الدولة المالية محدودة وسوق السلاح غير مفتوح لأنه ممسوك بيد أميركا والصهيونية التي لن تفتح هذا الباب بأسلوب يقيد حركة العمل الإسرائيلي ضد الأعداء».
وخلص حطيط إلى أن «الإمكانات المتوافرة للدولة هي قدراتها الرسمية المحدودة والشعب المستعد للتضحية، والاستراتيجية الدفاعية التي نبحث عنها هي، ببساطة، كيفية تسخير هذه الإمكانات وصوغها ضمن خطة متكاملة. لذلك، على المتحاورين في لبنان أن يعترفوا بالواقع ويجيبوا عن أسئلة عدة: هل تشكل إسرائيل خطراً على لبنان؟ هل سيذعن لبنان للتهديد الإسرائيلي أم يواجهه؟ هل الإمكانات الرسمية قادرة على المواجهة؟ في الواقع، لبنان الرسمي غير قادر على المواجهة وبالتالي ما البدائل؟ البدائل هي خياران: إما نستعين بدولة أجنبية للحماية، وهذا حل غير واقعي، لأنه يضع البلاد تحت نير الانتداب، وإما نلجأ إلى ما يلجأ إليه الأحرار أي المقاومة».
وعن كيفية توفير تقارب بين دور الدولة الرسمي وعمل المقاومة، قال حطيط: «صوغ منظومة الدفاع عن لبنان، بتكامل الدولة والمقاومة، يكون بإصدار الدولة قوانين تؤكد حق الشعب في مقاومته، وهذه مسألة بسيطة إذا سلُمت النية عبر تشريع عمل المقاومة في حضن الدولة، لكن المؤسف وجود فئة لا تزال مرتبطة بإسرائيل وتعمل حسب المشروع الإسرائيلي وتتصدى لكل ما يعوق عمل العدو في لبنان».
أما عن قابلية المقاومة لتقديم تنازلات على طاولة الحوار بهدف التوصل إلى خطة استراتيجية تُرضي الجميع، فقال: «ليست هناك تنازلات، بل التزام لحدود الصلاحية ولضوابط العمل المقاوم وضوابط العمل الرسمي، فضوابط العمل المقاوم تقوم على عدم ممارسة أي دور من أدوار السلطة، في حين تكمن ضوابط العمل الرسمي بعدم ممارسة أي نوع من أنواع التقييد للمناورة التي تقوم بها المقاومة من أجل عدم تقييد حركتها العسكرية».
وأضاف: «الحوار لن يصل إلى نتيجة، وهو لتقطيع الوقت، فلَوْ أرادوا استراتيجية دفاعية حقيقية لما طالبوا بالحوار أصلاً لأنهم يحاورون على مسلمات لا تحتمل النقاش. الحوار انطلق في المرة الأولى لتجريد المقاومة من سلاحها وهم يريدونه، مرةً ثانية، لتقييد المقاومة في استعمال السلاح. صراحةً، أعتقد أن الفريق الذي يعمل للمشروع الصهيوني في لبنان يريد هذا الحوار علَّه يصل إلى نتيجة والفريق الذي يعمل للمشروع الوطني يريد أن يسد ثغرة ويُسقط الحجة والذرائع».
وعما إذا كان عدم توصل طاولة الحوار إلى نتيجة سيضع المقاومة والدولة في موقع حرج، أجاب حطيط: «عدم التوصل إلى نتيجة لا يضع الدولة ولا المقاومة في موقف حرج لأن فريق الدولة والفريق الدولي لا يستطيعان أن يفعلا شيئاً في وجه المقاومة. الدولة اللبنانية لا تستطيع تجريد المقاومة من سلاحها لسببين: الأول هو أن الفريق المرتبط بالسياسية الأميركية لم يعد يملك حرية القرار، وبالتالي لن يتخذ قرارا ضد المقاومة، والفريق الأممي لن يستطيع ذلك. في الواقع، المقاومة لن تكون محرجة بفشل الحوار والفريق المرتبط بالمشروع الصهيوني هو المحرج».