| د. تركي العازمي |
لأننا في شهر رمضان الذي تصفد فيه الشياطين... تبقى «شيطنة» المنظومة الإدارية والاجتماعية والسياسية في سلوكها تتحرك في رمضان وبقية شهور السنة.
وللتدليل على ذلك? نلاحظ أن مراجعة الحسابات الختامية للمؤسسات الحكومية أبرزت اعتراضا من قبل كثير من النواب وفي الآخر أقرت الميزانيات لسببين لا ثالث لهما: إما إن الملاحظات لم تكن دقيقة «صحيحة» أو لأن الجماعة «يبون» اعتمادها إبراء للذمة وعدم تعطيل مصالح الناس في تلك المؤسسات.
كلا السببين يؤكد وجود فساد معلن لكنه لم يصل إلى «الكفر البواح» في ما يخص إجراءات المنظومة الإدارية والرقابية أو عوامل تبادل المصالح كما يعزو إليه بعض المراقبين التراجع وإقرار الميزانيات!
هل انتهت المشكلة وتم القضاء على الفساد؟
كما ذكرت في الفقرة الأولى إن «شيطنة» المنظومة الإدارية باقية سلوكياً، فهذا يعني أن الفساد مستمر، وتظل مجموعة لا يستهان بها أنظارها شاخصة نحو «سبل الإصلاح» المنشود اجتماعيا ومؤسساتيا.
لذلك فإن إمكانية الإصلاح في ظل وجود الفاسدين مسألة جدلية الا انها تبقى احتمالية تفعيله على أرض الواقع ممكنة: كيف؟
إذا كانت إزاحة رموز الفساد صعبة لدواعٍ معلومة لدى البعض من أهمها عوامل متصلة في نفوذ بعضهم وثقل البعض الآخر سياسيا واجتماعيا? فعلى أقل تقدير نرى أن الإصلاح يبدأ من خلال تعديلات جذرية في طريقة اتخاذ القرار (تعيينات? مناقصات? رقابة? تدقيق... إلخ).
تستطيع الحكومة إن أرادت بالفعل الأخذ بمفهوم الإصلاح، وإن كان الفساد مستشرياً، عمل مراجعة فورية لمنظومة اتخاذ القرار وذلك من خلال:
ـ إنشاء وحدات عمل إستراتيجية مختصة بالمشاريع وطريقة إدارتها والأوامر التغييرية والمناقصات والتعيينات.
ـ إنشاء وحدة تدقيق داخلي تراجع كل قرار قبل إصداره وإن وجد ما يخالف النظم يتم رفع تقرير حوله لمجلس الوزراء للبت فيه.
ـ تكون المراسلات عبر البريد الإلكتروني للاستعجال في اتخاذ القرار وإصلاح القرارات الخاطئة.
ـ يراجع مجلس الوزراء من خلال اللجان المختصة «الثغرات» التي تبني أسس الاستثناء المعزز لأوجه الفساد ومن ثم تخاطب الجهات المسؤولة للقيام بالتعديلات المطلوبة وإن تطلب الأمر إصدار تشريع خاص بكل ثغرة.
وعندما تتضح الصورة خلال ثلاثة أشهر من تطبيق هذه الإجراءات تكون الحكومة قادرة على معرفة مستوى كل قيادي ووضع التحفظات عليه كي لا يتم التجديد له، أو نقله كي لا تتأثر المؤسسة من أخطائه!
وعلى المستوى الاجتماعي والسياسي? أعتقد بأن الوقت حان لتقوم الحكومة بعمل يوم مفتوح للحكومة في كل محافظة يشارك فيه الجميع بما فيهم أصحاب التخصصات في شتى المجالات وذلك لتوجيه سؤال للعامة عن انطباعهم عن الآتي:
ـ كيف تقيم الأداء الحكومي (صحة? تعليم? طرق? مشاريع? استثمارات? تجارة? مراقبة أسعار... إلخ)؟
ـ اجتماعيا: ما وجهة نظرك إزاء ما يعرض في وسائل التواصل الاجتماعي والظواهر السلبية التي انتشرت في مجتمعنا في وقتنا الحاضر بما فيها سلوك النواب والمسؤولين؟
ـ ما السبيل الأمثل للإصلاح السياسي (نظام الانتخاب وسبل تحصينه وطريقة اختيار النواب ومعايير النواب «غير يقرأ ويكتب» والأحزاب... إلخ)؟
هنا تكون الحكومة قد حصلت على استطلاع رأي الشارع الكويتي بعيدا عن أي مؤثرات ووساطات، وبالتالي يكون بالإمكان إجراء التعديلات المطلوبة حسب توقعات / تطلعات المواطن البسيط الذي قد لا يجد نائبا ينقل صوته خصوصاً أصحاب الاختصاص من الكفاءات المنسية.
إنها وجهة نظر ننقلها إليكم، فإن أحسنت فمن الله? وإن أسأت أو أخطأت فمن نفسي والشيطان... والهدف من وراء هذا العرض يدور حول سؤال ثابت على مر الزمن وهو المتضرر من الفساد: لمن يلجأ؟... الله المستعان.
[email protected]Twitter: @Terki_ALazmi