المُفلس يوم الدين
| ناصر الغيث |
1 يناير 1970
04:15 م
المؤمن الحق هو الذي يعيش في هذه الدنيا، ويجعلها سبيلاً واضحاً للوصول إلى مبتغاه من الجنة، فلم يخلقنا الله عبثاً، بل لعبادته والتمتع بقربه في جنته، فارتباط الدنيا بالآخرة ارتباط قوي فلا يجوز الفصل بينهما، وبعض الناس مع شديد الأسف غفل عن هذا، فتراه يتكلم كثيراً ولا يبالي بما يقول، وكأنه خلق للكلام فقط، هل تعلم يا أخي العزيز: بأن أي لفظ تقوله أنت ستحاسب عليه يوم القيامة؟، ألم تقرأ قول الله سبحانه وتعالى «ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد» سورة ق 18، ملكان يسجلان كلامك من ألفه إلى يائه، كل مسجل، تسجيلاً إلهياً وليس تسجيلاً بشرياً.
نعم قد تعمي على البشر ولكن هل تستطيع خداع رب البشر؟ انتبه يا أخي لنفسك؟، ولا تذهب بها إلى المهالك، وهل سمعت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث حيث قال: «أ تدرون من المُفلس قالوا: المُفلس فينا من لا درهم له ولا متاع؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وحج، ويأتي وقد شتم هذا؟ وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار» رواه مسلم والترمذي
حديث مخيف لمن يعيه، هذا الإنسان جاء بحسنات كالجبال صلاة وصيام وزكاة وحج، وقد يكون قد صلى النوافل قبل الفروض، وقد يكون قد صام كثيراً غير رمضان وقد زكى كذلك، وكان يتوقع الفردوس الأعلى من الجنة لكنه يفجع، حين يرى أن حسناته التي حرص على جمعها قد ذهبت إلى خصومه الذين كان ينتقصهم، وعاداهم في الحياة الدنيا. ذهبت إلى أعدائه وليست لأحبائه أي مكر قد مكره بنفسه؟، وهل يحيق المكر السيئ الا بأهله؟ وكان هذا من أهله بدرجة امتياز، والله أتخيل خصومه يوم القيامة وهم يهجمون على حسناته هجوم الأسد على الغزال حسنات بغير عمل من يفرط فيها، وتعرفون قيمة الحسنة الواحدة حيث هي العملة الوحيدة، فلا درهم ولا دينار، وهناك الجانب الآخر من المعادلة حين تفنى حسناته، ويؤخذ من سيئاتهم وتلقى عليه، فكم من واحد منا في ذلك الموقف يريد أن يتخلص من سيئاته وهذه فرصة لا تعوض.
أخي العزيز: هذا درس لنا جميعاً فمن يحب أن يكون في ذلك الموقف؟ لا أقول الحرج بل المصيري؟ أخي فكر وقرر. جعلنا الله وإياكم من عباده المحسنين.