موت الحملة السلبية
1 يناير 1970
06:00 م
قبل أن تجتاح روح ارثور فينكلشتاين البلاد، نوصي سياسيينا أن يستوعبوا درساً مناسباً في الحملة الانتخابية التي تنتهي في الولايات المتحدة: الحملة الشخصية السلبية قضت نحبها.
محاولات صرف النقاش المبدئي في المسائل الوجودية من خلال تشويه سمعة اوباما، كمسلم، كمتزمت أسود وكمؤيد للعرب، لم تنجح. الحملة السلبية الناجعة الوحيدة في السباق للرئاسة في الولايات المتحدة وفرها الواقع الفوضوي الذي أجبر المتنافسين على أن يقدما أمامها حملة عقلانية، إيجابية وناجعة.
ماكين واوباما كانا مطالبين بأن يعرضا على الناخبين خطط عمل مرتبة وأجوبة واضحة. وبدل تعميق اليأس والفزع لدى الأميركيين كان ينبغي لهما أن يعملا بكد كي ينالا الثقة في قدرتهما على انقاذ أميركا من الواقع القائم.
الناخبون الأميركيون يأتون هذه المرة لأن يحسموا... أسود أو أبيض، بكل معنى الكلمة. ومهما كانت النتائج، فلن يكون بوسعهم التباكي بأن المتنافسين لم ينفذا في أثناء الحملة واجباً «قلنا لكم». التمييز بين طريق ماكين وطريق اوباما في المسائل الأكثر جوهرية للناخب حاد وواضح.
حقيقة ان الانتخابات للرئاسة الأميركية تجرى بالضبط في الذكرى الثالثة عشرة لاغتيال رئيس الوزراء اسحق رابين، هي تذكير ممتاز لماذا ينبغي هذه المرة للحملة الانتخابية الحالية في إسرائيل أن تلفظ أخيرا من داخلها الحملة السلبية: كون كابوس الأميركيين من قتل زعيم هو أيضا كابوسنا، وكون الحملة السلبية التي يطرحها الواقع الإسرائيلي تلزم هذه المرة السياسيين بأن يعرضوا أمامها حملة عقلانية تتطلع إلى المستقبل.
قلب الناخب الإسرائيلي تعبه من زعمائه، ومن الساحة السياسية، ومن يغازله بحملة ترمي إلى سرقة قلبه فإن مآله الفشل. خلافا للولايات المتحدة، ليس لدينا زعيم كاريزماتي يجلب معه شيئا ساحرا وجديدا، ولكن بالذات في الواقع الذي توجد فيه على أي حال حملة سلبية ضد زعماء الجمهور، فإن السبيل الوحيد الذي من خلاله يمكن للمتنافسين أن يكسبوا لأنفسهم الثقة هو إضفاء مضمون بدلا من التسويق.
الانتخابات الحالية لا يجب أن تضيع هباء. صحيح أن إسرائيل لا يمكنها أن تنتخب في هذه الجولة الزعامة التي يحلم بها مواطنوها، ولكن يمكنها أن تشير إلى الواقع الذي تطلبه لنفسها. رئيس الدولة، شمعون بيرس، وضع للسياسيين «حجارة طريق» للانتخابات: «كيف سنضمن أمن إسرائيل في ضوء التهديدات الموجهة إليها؛ كيف سنؤدي إلى نهاية النزاع الإسرائيلي - العربي؛ كيف سنقود نحو الازدهار الاقتصادي في ظل الحفاظ على العدل الاجتماعي؛ كيف سنحافظ على التضامن الداخلي وعلى حصانة المجتمع الاسرائيلي، على سلطة القانون، على إدراج الأقليات وعلى سلامة الحكم؛ وكيف سنطور جيل المستقبل»؟
في هذه المسائل الخمس يجب أن تجرى نقاشات ومواجهات داخلية حادة، مثلما رأينا في الولايات المتحدة. وإلا سنعلق في ذات الهراء واليأس، ولن نسير إلى أي مكان من الأمل. من أجل انجاز إعلامي آخر في انتخابات إسرائيلية فاسدة، منقطعة عن الواقع وعن الفكر، يكفي «الأخ الاكبر» و «خليج الحب».
لقد وضع الرئيس التحدي، ولنر إذا كان بوسع السياسيين أن يقبلوه. عندنا يدور الحديث حقا عن عذابات أيوب، وانتظار الأم في البيت. نحتاج إلى أجوبة جدية ومسؤولة، طريقا يضمن لأطفالنا حاضرا آخر وحياة مستقبل. تحدثوا إلينا بايجاز وقولوا الحقيقة.
ياعيل غبيرتس
«يديعوت أحرونوت»