حوار / «أسلحتنا النووية غير قابلة للتفاوض... وعلى أميركا وقف مؤامراتها وتحقيق اتفاق سلام معنا»

سفير كوريا الشمالية لـ«الراي»: سنضرب القواعد الأميركية نووياً إذا مسّت سيادتنا ... وجاهزون للتعاون العسكري مع الكويت إذا طلبت

1 يناير 1970 09:58 ص
نعشق السلام ولكن ليس على حساب كبريائنا

هناك ازدواجية في معايير اتخاذ قرارات مجلس الأمن

الولايات المتحدة مستمرة في سياستها «فرق تسد» منذ 100 عام

معجب بحكمة سمو الأمير ودوره الداعم للسلام والحلول الديبلوماسية

نحن مع الكويت دائماً ونشعر أن أي سوء يمسها قد مس كوريا

غير منطقي أن يكون إطلاق القمر الاصطناعي لجمهوريتنا مشكلة رغم أنه حق لدولة ذات سيادة

الكبير يتصرّف بعنجهية مع الصغار ولكن عندما يكبر الصغير فإن الكبير يتراجع

إن حاول أي أحد إهانتنا أو التعدي على أراضينا فحينها ستكون الكارثة

الإرهاب صنيعة أميركية من القاعدة في أفغانستان حتى «داعش»
لم يستثن سفير جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية الشمالية المفوض لدى الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي سو تشانغ سيك أي قضية من الحديث فيها خلال حوار مطول مع «الراي»، بدءا من الأسلحة النووية الكورية إلى الصراع المعلن مع أميركا والتهديد باستخدام القوة النووية، و بـ«ازدواجية» معايير مجلس الأمن والقضية الفلسطينية والإرهاب وتوحيد كوريا، وغيرها من موضوعات عالمية شائكة.

وفي هذا الصدد، بين سيك أن ما تقوم به بلاده من تطوير لترسانتها النووية هو أمر طبيعي بسبب التهديدات التي تعصف بها من بعض الدول، مؤكدا أن بلاده اضطرت إلى امتلاك قدرة الردع النووي للدفاع الذاتي وتعزيزها من أجل حماية السلم والأمن لشبه الجزيرة الكورية.

واستغرب في حوار صريح مع «الراي» الازدواجية في المعايير لمجلس الأمن ووضعه عقوبات على بلاده لعدم وجود أي صفحة أو بند من ميثاق الأمم المتحدة ومن أحكام القوانين الدولية يصف تجربة نووية وإطلاق قمر اصطناعي أو إطلاق صاروخ باليستي تجريبي بأنه مخالفة. وأضاف أن «الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن نفسها قامت بذلك، متسائلا لماذا يحق للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وهي التي قامت بالتجارب النووية أكثر من 2000 مرة وتقوم بإطلاق آلاف الأقمار الصناعية وبإطلاق الصواريخ البالستية لمدى أكثر من 10 آلاف كيلومتر بصورة دورية؟ ولماذا لم يتخذ أي قرار بالعقوبات ضدها؟».

وأشار السفير سيك إلى أن «السياسة الأميركية لم تتغير على مدى القرن الماضي وحتى اليوم فهي تسير بمبدأ فرق تسد حتى تبقى هي القوى الوحيدة المهيمنة عالميا»، لافتا إلى أن «آثار هذه السياسة واضحة وخير دليل عليها ما حدث في يوغوسلافيا السابقة والعراق وسورية وليبيا».

كما تطرق السفير الكوري الشمالي للعديد من القضايا وعن رغبة بلاده في العيش في سلام بعيدا عن أي استفزازت، مشيدا بالسياسة الكويتية وحكمة سمو أمير الكويت ودوره الداعم للسلام والحلول الديبلوماسية لجميع القضايا في المنطقة، وفيما يلي نص الحوار:

• كيف تصف العلاقات الكورية-الخليجية؟

- تمتاز العلاقات بين كوريا الديموقراطية والخليج بأنها جيدة جدا، فنحن نتعاون مع دول الخليج تحت راية الاستقلالية والصداقة والسلم، وكما تعلمون لا توجد سفارة لكوريا الديموقراطية في دول الخليج سوى الكويت، ونحن مهتمون جدا بتطوير علاقاتنا مع الكويت، والتي تتطور باستمرار منذ بدايتها بما يخدم مصلحة شعبينا فنحن مع الكويت دائما ونشعر ان ما يمسها من سوء لا قدر الله انه مس كوريا، كما ان هناك تبادل للزيارات بين مسؤولي البلدين ففي عام 2014 زار وزير الخارجية الكوري الكويت واجتمع مع سمو ولي العهد ومع وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء.

• لماذا لا نرى تعاونا عسكريا بين كوريا ودول المنطقة؟

- نحن نرغب في مثل هذا التعاون مع دول المنطقة لكن الولايات المتحدة والدول الغربية لا ترغب في ذلك، ولكن ان طلبت منا الكويت التعاون في هذا الشأن فنحن جاهزون.

• ألا توجد بوادر حلول سياسية للعقوبات من مجلس الأمن على كوريا؟

- ما اتخذ من عقوبات من قبل مجلس الأمن أخيراً لم يكن للمرة الأولى فنحن نتعرض للعقوبات منذ قيام جمهوريتنا في خمسينيات القرن الماضي، ولقد تعودنا عليها، وعلى الرغم من ضغط هذه العقوبات علينا فإننا نحافظ على الأمن والسلم في شبه الجزيرة الكورية، وكما تعلمون أن الحلول السياسية تعتمد على قوة الأطراف المشاركة في التفاوض وإن كانت قوتنا ضعيفة فإن الولايات المتحدة ستسيطر علينا كما شاهدنا في الكثير من الدول مثل العراق وسورية ويوغوسلافيا وليبيا وأفغانستان التي أضعفتها العقوبات، وكما نعلم عندما تكون شريعة الغابة هي الموجودة فإن الأقوى سيستطيع المحافظة على وجوده وأمنه، ولذلك فإن جمهوريتنا اضطرت إلى امتلاك قدرة الردع النووي للدفاع الذاتي وتعزيزها من أجل حماية السلم والأمن لشبه الجزيرة الكورية.

• هل يعني هذا وجود مشكلة بينكم وبين الأمم المتحدة؟

- ان قرارات العقوبات ضد جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية وثائق مخالفة للقوانين والأعراف، فلا يوجد في أي صفحة من ميثاق الأمم المتحدة ومن أحكام القوانين الدولية بند يحدد تجربة نووية وإطلاق قمر اصطناعي وإطلاق صاروخ باليستي تجريبي بذاتها كأنها تهديد للسلم والأمن الدوليين.

علاوة على ذلك، قد انسحبت جمهوريتنا من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية (NPT) من خلال الإجراءات الشرعية حتى لا تتعرض لأي قيد من الواجب الدولي الخاص بحظر امتلاك الأسلحة النووية، ومن غير المنطقي أن يكون إطلاق القمر الاصطناعي لجمهوريتنا مشكلة لأنه يعتبر حقا استقلاليا لدولة ذات سيادة، و من الطبيعي أن الأمم المتحدة لم تطرح سندا قانونيا بأن التجربة النووية لجمهوريتنا وإطلاق القمر الاصطناعي تخالفان أي بند من الاتفاقيات الدولية عندما اختلقت قرار العقوبات، ما يعني ان الأمم المتحدة قد اتخذته بشكل قسري بحجةَ أن إجراءاتنا تعتبر تهديدا ومخالفة للقرارات السابقة، لذلك فإن قرارات العقوبات ضد جمهوريتنا مثل الشبح.

• لماذا هذا العداء بين كوريا والولايات المتحدة؟

- كانت وما زالت الولايات المتحدة الأميركية تحرص على السياسة المعادية ضد بلادنا منذ أول يوم من احتلال كوريا الجنوبية على الدوام، وكانت الحرب الكورية في الخمسينيات نتيجة هذه السياسة الأميركية وبعد هدنة الحرب قامت أميركا بتصعيد التهديدات السياسية والعسكرية وعلى رأسها التهويل بالأسلحة النووية أكثر فأكثر تحريضا لدول دائرة في فلكها، وكان يجب على مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة أن يعتبر هذه التصرفات الأميركية تهديدا للسلم والأمن ضد العالم ويضعها على الطاولة من أجل المناقشة والحل وفقا للبند 39 في ميثاق الأمم المتحدة، ولكن مجلس الأمن الدولي لم يحدد غزو الولايات المتحدة الأميركية ومؤامرات إشعال نيران الحرب ضد جمهوريتنا ولو مرة واحدة وأيضا لم يبذل أي جهد في سبيل الكبح أو الحظر عليهما، حيث إنه بعيد قيام الأمم المتحدة، فإن الولايات المتحدة الأميركية قامت بالمؤامرات بصورة شرسة من أجل تحويل الأمم المتحدة إلى أداتها لتحقيق طموحها للسيطرة على العالم، كونها من الدول دائمة العضوية، وبعد أن تغير توازن القوى الدولية بعد انتهاء الحرب الباردة تهورت بصورة هستيرية من أجل إقامة «نظام العالم الجديد» تحت قيادتها.

• هل أنتم مستعدون لمواجهة الولايات المتحدة؟

- نعم، نحن مستعدون لمواجهة المؤامرات والتصرفات الأميركية وكما تعلمون ان حربنا مع الولايات المتحدة بدأت قبل 70 سنة وكان بين البندقية الكورية الخفيفة والأسلحة الأميركية الثقيلة والنووية، وانتصرنا في تلك الحرب آنذاك، والآن أصبحنا دولة قوية ولدينا أسلحتنا النووية وتغيرت الاستراتيجية وعلى الولايات المتحدة ان توقف تهديداتها لنا باستخدام الأسلحة النووية ضدنا ووقف مؤامراتها ضدنا ويجب أن يكون هناك اتفاق سلام بيننا حاليا.

• هل تعتقدون أن تجاربكم النووية الأخيرة هي التي هدأت من النبرة العالية ضدكم والحديث عن امكانية ان تكون محادثات بينكم وبين الادارة الأميركية الجديدة؟

- نحن لا نريد سوى تغيير السياسة الأميركية ضد الجمهورية الكورية، فأسلحتنا النووية ليست قابلة للمفاوضات أو المحادثات، وكما تعلمون ان الادارة الأميركية قد أرسلت حاملات طائرات إلى منطقة شبه الجزيرة الكورية، ولذلك ان كانت هناك أي محاولة للمساس بسيادتنا فإننا سنضرب بصورة استباقية بأسلحتنا النووية في أي قاعدة عسكرية لهم في جميع أنحاء العالم، وكما يقول المثل الكوري ان ما تقوم به الولايات المتحدة من استكبار هو الأقوال فقط والكبير يتصرف بعنجهية مع الصغار ولكن عندما يكبر الصغير فان الكبير يتراجع للوراء.

• ماذا عن الموقفين الروسي والصيني مما يحدث معكم؟

- ان هاتين الدولتين من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وهم يرون كل ما يحدث ولا يقومون بواجبهم بالصورة التي ينبغي ان تكون وهي قامت بتجارب نووية أكثر من ألفي مرة.

• كيف تنظرون إلى علاقتكم مع كوريا الجنوبية؟

- تم أخيراً انتخاب رئيس جديد لكوريا الجنوبية ونتمنى ان يعمل على احلال الأمن والسلم في شبه الجزيرة الكورية، فالمشاكل بيننا يجب أن تحل بيننا دون أي تدخل خارجي، فالدول الأجنبية لا ترغب في توحيد الوطن والتعايش السلمي بين أمتنا، لأنه في حال توحيد كوريا ستصبح قوة عظمى في شرق آسيا، وأود أن أشيد بالسياسة الكويتية وحكمة سمو أمير الكويت ودوره الداعم للسلام والحلول الديبلوماسية لجميع القضايا في المنطقة.

• بم ترد على من يقول إن عمالتكم الموجودة في الخليج تمول تجاربكم النووية؟

- هذا هراء، وغير معقول، فتكلفة تطوير سلاح نووي واحد تكون بين مليار وملياري دولار حسب نوع السلاح، فهل عمالتنا البسيطة ذات الأجور المتدنية قادرة على الدعم بمثل هذه المبالغ؟ ان هؤلاء العمال يرسلون جزءا من رواتبهم البسيطة لعوائلهم ويعتاشون بالباقي وهذه حال العمالة المغتربة كما ان مجموع ما يرسلونه بحدود مليون أو مليوني دولار فهل يكفي هذا لمئات الانواع من الأسلحة النووية والهيدروجينية والاسلحة الاستراتيجية؟ هذا لا يعقل.

• لماذا لا تستغلون تطوركم في جميع هذه الأنواع من الأسلحة والمعدات العسكرية بإقامة سلام مع الجميع والبدء بتطوير اقتصادكم؟

- نحن نتعرض لضغوط كبيرة منذ سنوات طويلة ومحاولات استفزاز ومناورات حولنا موجهة ضدنا وذلك جعلنا نصر على تقوية ترسانتنا من الأسلحة حتى نكون مستعدين لأي مواجهة ولكن في حال تغير هذه السياسة تجاه كوريا الشمالية فان كل الأمور ستحل، فنحن أمة تتوق للسلام ونعشق الأمن ولكننا لدينا في نفس الوقت كبرياؤنا فنحن لسنا مثل بعض الدول التي تخاف وتتنازل عن أبسط حقوقها فلا يمكنك العيش في الغابة ان لم تكن أسدا، ونحن لم نحاول استخدام أسحتنا النووية تجاه أي دولة ولكن كما قلت سابقا ان حاول أي أحد اهانتنا أو التعدي على أراضينا فحينها ستكون الكارثة.

• كيف تنظر كوريا للقضية الفلسطينية؟

- نحن نرى أحقية الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ونرفض سياسة الاستيطان.

• ماذا عن سوريا؟

- علاقاتنا مع سورية قديمة وعريقة ونتمنى ان تحل القضية السورية سلميا، ولكن الولايات المتحدة وسياستها الشهيرة «فرق تسد» والتي لم تتغير منذ أكثر من 100 عام فهي من ترغب في تقسيم هذه البلدان وبث الفرقة بينها دينيا ومذهبيا وقوميا حتى لا يتوحدوا لأنها تعلم ان في اتحادهم قوة وكسادا لاقتصادها في بيع الأسلحة، وحتى الارهاب فانه صنيعة أميركية أيضا من القاعدة في افغانستان وحتى داعش، فأسامة بن لادن كان عضوا سابقا في السي آي أيه ولكن هم يقتلون كل من يختلف معهم.

«القانون غير العادل ليس شرعياً ولو تم تجميله»



قال السفير الكوري معلقا على العقوبات الأممية المفروضة على بلاده: «لماذا الازدواجية في المعايير؟ إذا كانت التجارب النووية وإطلاق القمر الاصطناعي وإطلاق الصاروخ الباليستي التجريبي تهديدا للسلم والأمن فلماذا لم يتخذ أي قرار بالعقوبات ضد بعض البلدان التي صنعت الأسلحة النووية من دون أي قيد بعيدا عن معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية؟».

وتساءل «لماذا التزم مجلس الأمن الدولي الصمت عندما قامت اليابان بإطلاق القمر الاصطناعي التجسسي في يناير 2013 وكوريا الجنوبية التي أطلقت القمر الاصطناعي في إطار التعاون مع الدولة الثالثة؟»، مضيفا: «ورغم ذلك فرضت علينا العقوبات للأسباب نفسها، ولهذا لن يكون القانون الخالي من العدالة إلا قانونا غير شرعي ولو تم تجميله».