حروف باسمة

بدر صالح أبو أحمد... إلى رحمة الله

1 يناير 1970 08:01 ص
الحياة سفر عظيم والذي يقلب صفحاته يجد خلالها كثيراً من الصور والدروس والمشاهد والعبر والناس يروحون ويغدون في هذه الدنيا، وهم وفدان كلما ترحل وفد حل في إثره وفد، وكل يجد السير عنها ونحوها فيمضي بذا نعش ويأتي بذا مهد.

هكذا الدنيا

تودع وتستقبل في نظام دقيق صوره وأبدع في إتقانه رب كريم رؤوف رحيم تبارك الله أحسن الخالقين.

عزيزي القارئ نحن في كل اسبوع نتطرق الى حوادث وأحاديث وصور وعبر من هبوب الوقت ومشاهد الحياة وأتون السياسة.

فدعنا اليوم نفكر في خلق الله والوفود التي تحل على هذه الدنيا وهي باكية تنظر غير قادرة على اي شيء إلا بمعاونة الأم ومن يرعاها.

ولدتك الأم والاعضاء في حال ضعيف

عاجز عن كل اكل غير مأكول خفيف

تتلقاه من الثديين معسول لطيف

من اقام الرزق في الثدي لهذا انت قول لي

هكذا تبدأ رحلة الحياة ويترعرع الانسان ويكبر ويمر في مشاهد وصور ومواقف وعبر وتذكر وتصور وذكريات ويحقق كثيرا مما يصبو اليه، يخفق تارة وينجح تارة.

تدمى يده من اجتثاث الاشواك التي تعتري سبيله وتلكم قدماه من النتوءات التي تصد طريقه حتى يحقق أمله ويصل الى مبتغاه وينهض الى ما يطمح لتحقيقه مؤديا واجبه نحو اهله وابنائه ومجتمعه، ثم تختم هذه الرحلة بأنه يفد الى ربه فيكون بعين خالقه الذي وهب له الحياة واختاره الى جواره وهو مكرم في رحاب رب كريم.

ومن الوفود التي غادرتنا الى الله الكريم في الاسبوع الماضي هو الأخ الأستاذ بدر صالح جمال، عرفته وهو شاب طيب الخلق سمح في معاملته، يشير الى سبيل الهدى بالموعظة الحسنة وكيف لا.

وهو المربي الفاضل الذي أبلى بلاءً حسنا في التعليم والتربية والتنشئة، فهو الذي كان يعمل على توصيل الحقيقة الى اذهان تلاميذه بطرق طيبة مستغلا أبسط السبل في تحسين عملية التعليم والتعلم.

عمل أبو أحمد في كثير من المدارس معلما للغة العربية في مدرسة المباركية المتوسطة ومدرسة الصديق المتوسطة، ثم أصبح وكيلا لمدرسة الحريري المتوسطة ومدرسة عمر بن الخطاب المتوسطة وأخيرا مديرا لاحدى مدارس منطقة الجهراء.

الأستاذ بدر صالح جمال عطاء متدفق ساعد تلاميذه على اكتساب الخبرات والمهارات والمعلومات وأسدى اليهم النصح والتوجيه كعادته في جميع مجالات الحياة.

هو في أوساط أصدقائه المبتسم دائما صاحب المنطق الهادي والاشارة الطيبة والمجد في صنع الخير والدال عليه.

إن المفردات لتعجز عن وصفك يا أبا أحمد

غادرت دنيانا وانت صابر محتسب

صبرت كثيرا في رحلة المرض على كثرة تألمك الا انك كنت دائما مشرق الوجه مطمئنا بقضاء الله وامره حتى لقيت الله الكريم وانت مؤمن ومخلص ومطمئن بإذن الله.

واني لأرى في اعين ابنائك قول الأديب: أبي

ارى الايام تبسم لي

بقربك حين تبتسم

وتعذب عندي البلوى

ويحلو المر والسقم

يهون الخطب والاملاق

في لقياك والعدم

وتسطع بالرؤى دنياي

ضاحكة وتنتظم

وكيف أخاف جائحة

وانت الحصن والحرم

اللهم بارك لأبي أحمد في حلول دار البلاء وطول المقامة بين اطباق الثرى، واجعل القبر بعد فراق الدنيا خير منزل له واخلف على اهله وذويه واصحابه بالصبر والسلوان، انك ولي ذلك والقادر عليه.

هو الموت فاختر ما على لك ذكره

فلن يمت الانسان ما حيي الذكر

إنا لله وإنا إليه راجعون