استطلاع / المواطنون في محافظة مبارك الكبير قلبوا «مواجع» التلوث برا وبحرا وجوا

البيئة... أولها آه... وآخرها!

1 يناير 1970 02:17 م
|كتب حسن الهداد|
بقلب العاتب والمتألم لما آلت إليه الأمور البيئية وانعكاساتها السلبية على الصحة العامة، فتح عدد من المواطنين القاطنين في محافظة مبارك الكبير قلوبهم لـ «الراي»، يفتحون دفتر الهم والالم مما يعانون منه، ويقلبون النظر في سماء كثيرا ما تعبق بأجواء ملوثة محمولة على أجنحة ما يرمي به بعض المصانع من غازات أقل ما يقال فيها انها مضرة بالصحة.
ومع الهم الجديد المتمثل في إلغاء لجنة البيئة البرلمانية، التي كان كثيرون من المواطنين يعولون عليها في معالجة بعض من الهم، أكدوا أهمية البيئة في حياة الشعوب والامم، ودعوا إلى عدم التقليل منها ومن دورها في حياة سليمة وصحية.
بعضهم يرى وجود مردم نفايات ( القرين ) في محافظتهم أمرا يثير القلق والهلع وهو بمثابة «مصيبة» باتت تلتف حول أعناقهم، والمصيبة الكبرى السكوت عن معالجتها لأكثر من 10 سنوات حتى أصبحت «قنبلة موقوتة» بحاجة إلى فزعة شعبية وحكومية لنزع فتيلها للحفاظ على الصحة العامة.
وربما كان الكلام وحده لا يكفي لنقل المعاناة على اهمية دورها، وإن كانت كذلك فإن زيارة واحدة إلى موقع نفايات القرين يكشف بعض الحقيقة، وان تنفس الغازات بكل انواع الروائح... الكريهة بالطبع يجلي بعضا من الحقيقة.
المواطنون قلبوا دفتر الهم وحكوا عن المعاناة ليس ليحكوا فقط وليس لينتقدوا فقط ، بل ليضعوا اليد على الجرح برسم المعالجة.
المواطن عبدالله نجم عبدالله أكد أن « التلوث البيئي في الكويت لا يمكن لأحد أن يكذبه فهو موجود ومعروف لدى الكل وأصبح يهدد حياتنا وللأسف فإن الحكومة لا تعمل بشكل جدي للقضاء أو حتى التقليل منه، فلو تطرقنا لمحافظتنا سنجدها مكتظة بالتلوث البيئي الخطير، فعلى سبيل المثال مرادم نفايات منطقة القرين التي دائماً تنبعث منها غازات سامة ترهق الصحة العامة».
وبين أن «غياب القوانين الفعالة والتخطيط السليم وراء التدهور البيئي، فعلى سبيل المثال نجد المصانع المخالفة للبيئة مجاورة للمناطق السكنية ولا تبعد عنها سوى كيلومترات، وهذا أمر خطير على صحة السكان، والدور الحكومي غائب ولا أحد يشعر بفاعليته كونها حصرت عملها بدور الهيئة العامة للبيئة التي مهما فعلت فلن تستطيع حماية البيئة لذا كان من الأولى رسم خطة كبيرة يشترك فيها جميع أفراد المجتمع من أفراد ومؤسسات».
وأكد عبدالله ضرورة مشاركة القطاع الخاص الذي يعتبر أحد العوامل الرئيسية المتسببة بالتدهور البيئي وذلك من خلال دفع نسبة ضئيلة من الربح إلى المشاريع البيئية التي من شأنها ان تعمل على تقليل التلوث في مختلف أشكاله، ومعالجة مرادم نفايات القرين»، مبيناً أن « هناك شركات تساهم بحصة من أرباحها للبيئة وهذا أمر يجب أن يعمم ويوضع له قانون يجبر جميع الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص حتى يشمل الجميع»، موضحاً أن « المشاركة والمساهمة من الجميع حسب القدرة أمر لابد منه للحفاظ على بيئتنا نظيفة وخالية من كل الملوثات» متمنياً أن « تصبح هذه المساهمة حقيقة نلمسها من الجميع».
وأضاف عبدالله أن « ما نراه الآن هو أننا سقطنا في وحل التلوث الذي بات يهدد حياتنا وحياة كل الكائنات الحية الموجودة في برنا وبحرنا وجونا»، موضحاً أنه «لا يمكن التخلص من هذا التلوث إلا من خلال تضافر جهود الجميع، فهناك جهات تعمل مشكورة وهناك من يخرب فيجب ردعه حتى يكون عبرة لغيره، وهذا الأمر يتحقق من خلال وجود قانون بيئي صريح ومحاكم خاصة بالبيئة».
وأكد أن «الواسطة في التستر على المخربين والمخالفين للبيئة لابد من القضاء عليها ومعاقبة من يجرؤعلى العمل بها، لأن هذا الأمر لا يمكن السكوت عنه لأن فيه استهزاء وتهاونا بصحة الناس».
وأشار إلى أن « الوضع البيئي مهما كان سيئا لا يجوز التستر عليه وتغييبه عن الرأي العام، خصوصاً أنها قضايا تتعلق بصحة الناس فالسكوت عنه معناه جريمة والرضى به استمرار وتفاقم للمشكلة».
وبدوره، تساءل المواطن عبداللطيف الشمري « هل تدركون أننا نعيش في ورطة حقيقية ثمنها تدهور صحتنا، فلو جئنا نقارن بيئتنا وصحتنا اليوم بما قبل الغزو العراقي فسنجد أنفسنا في ورطة صحية، خصوصاً أن الأمراض الخطيرة التي ظهرت اخيراً حدث ولا حرج وجميعها تهدد حياتنا، فمنطقتنا اشتهرت بالروائح الكريهة والسبب مرادم النفايات التي لم تتم معالجتها حتى الآن رغم وجودها منذ عشرة أعوام، و مع كل هذا لم نجد محاسبة فعلية وحتى الآن لم نسمع عن محاكمة واحدة تتعلق بالشأن البيئي، رغم أن الخراب البيئي مرئي بالعين لكل من يريد أن يصل إليه والسبب عدم وجود هذه القضايا المتعلقة بالبيئة».
وقال الشمري « دائماً نقرأ في الصحف اليومية وبالذات في صحيفة « الراي» عن التعديات الصارخة ضد البيئة حتى أننا عرفنا أن هناك بعض المصانع غير مهتمة بالقوانين واللوائح البيئية، كما عرفنا الأضرار الخطيرة التي قد تنتج من مرادم النفايات في محافظتنا فمن المسؤول عن هذه المهزلة التي تشكل خطراً حقيقياً على أرواح الناس؟ خصوصاً على المناطق السكنية القريبة منها»، مبيناً أن « ضعف الرقابة البيئية هو السبب في هذه الاعتداءات على البيئة فلابد من إيجاد قوانين فعالة تحمي حياتنا».
وأوضح الشمري أن «إلغاء اللجنة البيئية البرلمانية في دور الانعقاد الحالي ما هو إلا مؤشر خطير على تهميش قضايا البيئة التي هي أساس صحتنا، لذا عليهم أن يعوا أن لها أهمية كبرى تتعلق بصحة الناس، فلو صنعنا بيئة نظيفة فسنقلل من الأمراض التي تنتابنا وتهدد حياتنا باستمرار».
وتمنى على النواب أن يخرجوا القانون البيئي الجديد من أدراجهم ويقروه وكفى مجاملات للمستفيدين من تدهور البيئة لمصالحهم الخاصة، وعليهم أن يعملوا للصالح العام ولا يجعلوا عملهم مقتصرا على تخليص معاملات من أوصلوهم للبرلمان كمندوبين يتجولون في الوزارات والمؤسسات الحكومية، فعليهم أيضاً أن يكونوا مندوبين لكشف مخاطر البيئة في بلدنا، والمستشفيات تدل على وجود أمراض جديدة بسبب الجو المكتظ بالفيروسات الخطرة التي جاءت نتيجة تلوث الهواء وهذا أمر أتحدى أحدا أن ينكر وجوده».
ومن جهته، أكد ثنيان باقر أن «حياتنا في محافظة مبارك الكبير باتت مهددة بسبب البيئة غير الصحية حتى أصبحنا نشتم روائح غريبة وأحياناً نفقد حاسة الشم للعطور التي نضعها على ملابسنا، والسبب يعود لقوة الروائح والانبعاثات التي تنتج عن مرادم النفايات وأحياناً تنتج عن مصانع الشعيبة الصناعية التي لا تبعد عنا إلا 15 كيلو مترا تقريباً».
وأكد أن « هذه المصانع همها الأول والأخير الربح وليس صحة الناس فمخالفة القوانين البيئية باتت أمراً يتلذذ به المخالفون وللأسف لم يجدوا من يحاسبهم لذا يجب وضع قوانين بيئية فعالة تردع كل مخالف، خصوصاً أن البيئة أصبحت مرتبطة بحياة الناس ارتباطاً وثيقاً».
وتمنى على الحكومة إنشاء جهة مستقلة مشابهة لديوان المحاسبة تضم متخصصين بيئيين عملهم الوحيد رصد المخالفات البيئية والعمل على وجود بيئة خالية من كل الملوثات سواء في البحر أو الجو أو البر.
وأوضح باقر أن « الدول المتقدمة تضع كافة إمكاناتها للمحافظة على البيئة ونحن في الكويت لا نشعر بالمشكلة إلا عندما يقع الفأس في الرأس وهذا عيبنا كوننا نفتقد إلى منهج بيئي يدرس منذ الصغر وهذا يعد من الأسباب الرئيسية وراء بيئة ملوثة بالكامل، فالتلوث الموجود لدينا كبير».
ومن جهته، أكد فيصل الخالدي أن « البيئة الكويتية في المحافظات كافة تعاني كارثة التلوث البيئي وليست مقتصرة على محافظة مبارك الكبير التي يعرف الجميع مشكلتها مع مرادم النفايات غير المعالجة والتي بالتأكيد لها آثار جانبية على صحة السكان».
ولفت إلى أن « انتشار الأمراض الخطيرة مثل السرطان بأنواعه لم يأت من فراغ بل جاء من الملوثات التي استوطنت الكويت سواء من الغازات المنتشرة فضلاً عن الغزو العراقي الذي بدوره خلف أكبر كارثة بيئية مرت على الوطن العربي فكان حرقه لأكثر من 700 بئر نفطية كارثة لا تنسى».
وأوضح الخالدي أن « غياب عامل التوعية البيئية بين الناس والمعالجة السريعة هو الخطأ الكبير الذي نقترفه ولهذا السبب بدأ أبناؤنا الصغار يشكون من حساسية في أجسامهم وأيضاً انتشرت أمراض مثل ( الربو والحساسية واحمرار العين )»، مؤكداً أن « الأطباء يؤكدون أن سبب انتشار هذه الأمراض الجديدة علينا يعود للهواء الملوث ببعض المواد الكيميائية التي تنبعث من المصانع القريبة من المناطق المأهولة بالسكان».
و أعرب علي الرزين عن أسفه لما يراه من تدهور بيئي واضح في كافة أنحاء الكويت»، مبيناً أن « محافظة مبارك الكبير تعاني من الروائح الكريهة بسبب مرادم النفايات والممارسات السلبية من قبل أصحاب التناكر الذين يفرغون حمولاتهم في مناهيل المنطقة من دون رقيب ولا حسيب» وتساءل «إلى متى يستمر هذا المسلسل الذي أرهق صحتنا وأبناءنا وماذا تنتظر الحكومة حتى تضع هذا الأمر الخطير نصب عينيها وتتحرك لمعالجة الخلل البيئي في كافة أنحاء الكويت ؟».
وأشار الرزين إلى أن «الدول المتقدمة تضع البيئة على رأس قضاياها كونها تشكل خطرا حقيقيا على صحة الإنسان».
ومن جانبه، قال جاسم العوضي إن «سكان محافظة مبارك الكبير بحاجة إلى فزعة حكومية بسبب مردم نفايات القرين الذي يشكل أكبر خطر على السكان، لاسيما السكان القريبين من مرادم النفايات التي تنبعث منها غازات كريهة تقتحم المنازل في أغلب الأوقات وكل شخص يقترب من موقع مردم النفايات سيشتم روائح الغازات السامة الخطيرة، حتى أننا سمعنا عن حالات مازالت تعاني من أمراض منها الأمراض السرطانية بسبب هذه الفوضى».
وبين العوضي أنه « دائماً نسمع عن معالجة مواقع النفايات في القرين ولا ندري متى يتحقق هذا الأمر في ظل ظروفنا المالية الجيدة، والمصيبة الكبرى هي فزعات نواب مجلس الأمة إبان حملاتهم الانتخابية بضرورة معالجة مرادم النفايات والآن سكت غالبيتهم إزاء تلك المشكلة ولا نقول إلا الله كريم والله هو الحافظ من الأمراض».
وبدوره، قال طارق العنزي إن « محافظة مبارك الكبير تعاني مشاكل بيئية عديدة ولا تقتصر معاناتها على وجود مرادم النفايات بل هناك جهات أنا لا أعرفها لكني أراها ترمي ركام البناء في أماكن متفرقة في مناطق المحافظة، ولم أجد من يحاسب هؤلاء الأشخاص، حتى هذه الأماكن باتت مأوى للكلاب الضالة التي منها المسعورة، الأمر الذي ينذر بخطر بيئي وخطر الحيوانات المسعورة التي قد تهجم على أطفالنا».
وتساءل العنزي «ما أسباب استمرار تلك المشاكل رغم أننا دولة غنية قادرة على معالجة هذه المشاكل»، متمنياً «وجود حلول سريعة للحد من المشاكل البيئية ليس فقط في محافظة مبارك الكبير بل في كافة المحافظات، لاسيما أن صحة الناس تتعلق بشكل مباشر بالوضع البيئي».
ومن جانبه، أكد حمد السويدي أن «جميع سكان المحافظات الست يعانون مشكلة التلوث وهي مشكلة كشرت عن أنيابها منذ عشرسنوات تقريبا ومازالت الجهات الحكومية ذات العلاقة في سبات عميق ولا نسمع سوى التصريحات الصحافية التي لم نر فعلها على أرض الواقع»، مبيناً أن « هناك إحصائيات ظهرت تبين أن كثيرا من عدد حالات مرضى السرطان في الكويت لها علاقة مباشرة في الوضع البيئي المتدهور ومن ضمنها محافظة مبارك الكبير التي تحمل في قلبها قنبلة موقوتة وهي مردم النفايات ( القرين ) الذي تمت معالجة ثلثه للتجربة وتبقى الثلثان مازالا يهددان حياة السكان وانبعاث الغازات مستمر فيه».
وطالب السويدي « الجهات الحكومية ذات العلاقة أن تهتم بالمشكلات الكبيرة ولا تكتم خطرها على الناس بسبب الخوف على المناصب وعليهم أن يصرفوا الميزانيات في مكانها السليم».