وجع الحروف

كيف تصبح... محترماً!

1 يناير 1970 11:07 ص
تستطيع أن تصبح حرامياً محترماً... محترما يعني ذلك الشخص الذي يسرق بالطرق المشروعة وهناك طرق عدة، إما أن تلتحق بركب حرامي مستتر يضبط لك الأمور عبر نفوذه وتأخذ المناقصة قبل أن يحترق سعرها ويأخذها منك «التاجر المستجد» بسعر محروق يعني «حده حده»، وبالتالي يخرج المشروع مخالفاً للمواصفات و«هات أوامر تغييرية»... أو إنك تعمل وفق «العمولة» بعد «نفخ» السعر لتخرج بربح وأنت جالس في بيتك.

سألت أحد مديري المشاريع وذكر لي كيف تدار الأمور... سلوك في غاية الخطورة وطرق ملتوية وأغلب ما تراه مدرج تحت مسمى «مقاول الباطن»، ناهيك عن طرق يتبعها بعض المسؤولين لكنها غير محترمة!

طبعا? وفق المنظومة الأخلاقية... حتى الحرامي المحترم يبقى حرامياً، لكن ظاهر الأمور يصورها البعض بأنها محترمة لأن السرقة التقليدية لم تعد متبعة، وعليه قاموا باختراعات جديدة تواكب عصر العولمة الخاصة بسرقة المشاريع.

لهذا السبب نجد كل من حولنا في تطور وتقدم ونحن ما زلنا في آخر الركب.

إن فكرت أن تصبح شخصاً فاضلاً كي تقيم نفسك بأنك بالفعل محترم وتتمسك بأبجديات الأطر الأخلاقية، فنصيحتي لك أن تفكر بعيدا عن صندوق المشاريع... وبإمكانك فتح بقالة? تتاجر بالعقار? أو أي مصلحة نسبة المخاطرة الأخلاقية فيها قليلة.

قد يتساءل البعض: طيب ما هو الحل؟

الحل من وجهة نظري أن يخرج لنا قياديون إصلاحيون أشبه بالرئيس التنزاني جون ماغوفولي.

فالرئيس الحاصل على درجة الدكتوراه في الكيمياء، والذي نصب رئيساً في أواخر عام 1015، قام بطرد الآلاف بسبب التزوير والفساد خفض الميزانية... ورغم إنه حاصل على درجة علمية، لكن خبرته وميوله المفرط للسلوك الأخلاقي جعل منه شخصية تتناقل وسائل الإعلام أخبار قراراته الإصلاحية.

لذلك? أرى أن الكويت بحاجة إلى وعي من نوع خاص في ما يخص طريقة إدارة مشاريعنا والعمل المؤسساتي والحقوق المفروض إيصالها لأصحابها من رعاية صحية? تعليم جيد? خدمات ترقى إلى مستوى الدول المتقدمة.

أصبحنا في عزلة عن ما يدور من حولنا... وقبلنا ببقاء الوضع على ما هو عليه وأصبحت الحالة الفعلية غير مكشوفة والكل يريد أن يصل إلى حالة الثراء المشروع أو غير المشروع...

طيب... من أين تبدأ عملية الإصلاح؟

أعتقد بأن عملية الإصلاح بحاجة لقرار جريء، فالجميع يعلم أن منظومتنا الإدارية والقيادية مترهلة ومن السهل جدا وجود التجاوزات سواء بقيمة أو بشيمة.

لهذا السبب? نحتاج لمادة الأخلاق أن تدرس في مناهجنا «الإصلاح من أسفل الهرم الاجتماعي»، بحيث يتعلم جيل الغد مفهوم العمل الأخلاقي.

ونحتاج إلى المكاشفة من خلال وقفة محايدة عند تقييم قياديي مؤسساتنا والشركات المنفذة للمشاريع في مختلف المجالات.

عندما نؤمن بأهمية الإصلاح بعد أن أزكمت أنفاسنا صور الفساد الظاهرة والمنشورة في وسائل الإعلام بما فيها التواصل الاجتماعي، فعندئذ تصبح العملية سهلة مع توافر القرار الجريء، حيث إن الإجراءات المطلوب اتباعها معلومة فقط تحتاج إلى من يستغلها على نحو يضمن إزاحة كل فاسد ومحاسبته على الفور.

للأسف? نحن شركاء في الفساد ومعظمنا سقط في فخ «الحرامي المحترم» لكن من الجانب المعنوي.

فنحن من قبلنا وبإرادتنا التصويت لنواب يمثلون علينا... ونحن من وقفنا وقفة المتفرج تجاه معايير خاطئة في تعيين القياديين والمشاريع التي تنفذ بمباركة من أبناء جلدتنا ولم نحرك ساكنا.

أعتقد بأن البعض فهم مضمون الرسالة والبعض الآخر «يحك» رأسه متسائلاً: «شنو يبي يوصل له»... والشق عود طال عمرك... الله المستعان.

[email protected]

Twitter: @Terki_ALazmi