«حزب الله» يحذّر من «الضرب تحت الحِزام»
هل ينجح الحريري في إخراج لبنان من أَسْر قانون الانتخاب؟
| بيروت - من ليندا عازار |
1 يناير 1970
05:33 ص
«التيار الحر»: قدّمنا كل ما عندنا من صيغ انتخابية... والكرة الآن في ملعب الرافضين
لا اتفاق المناطق الآمنة في سورية، ولا التهديد غير المسبوق الذي وجّهته ايران للسعودية، ولا فوز إيمانويل ماكرون بالرئاسة الفرنسية، كان كفيلاً بإزاحة أنظار بيروت عن «همّها» الوحيد هذه الأيام المتمثّلِ بقانونِ الانتخاب الذي له أبعاد إقليمية انطلاقاً من كونه مفتاح تكوين السلطة في لبنان وتوازناتها، ولكن مقاربته تتمّ في جانبٍ منها على خلفياتٍ «محلية» ضيّقة، سلْطوية وطائفية، وضعتْ البلاد أمام مفترقاتٍ حساسة في لحظةٍ إقليمية - دولية بالغة الخطورة.
وعلى مشارف الأسبوع الفاصل عن 15 مايو موعد الجلسة التي كان يفترض ان تشهد تمديداً للبرلمان لمدة سنة قبل ان يتمّ إجهاض هذا المسار بدفْعٍ من رئيس الحكومة سعد الحريري الذي أعلن رفْض اي تمديد من خارج قانون جديد ملاقِياً بذلك الثنائي المسيحي (التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية)، يسود بيروت تهيُّب فعلي لما بعد الاثنين المقبل الذي لن يكون كما قبله أقلّه على مستوى سقف التفاوض الذي سيَسقط منه خيار إقرار قانونٍ على اساس النسبية الكاملة في 6 دوائر يُنتخب بموجبه برلمان يراعي المناصفة ويتزامن مع إنشاء مجلس شيوخ يمثل العائلات الطائفية، باعتبار ان رئيس البرلمان نبيه بري حدّد منتصف الجاري تاريخاً لانتهاء «صلاحية هذا العرض» وحصْر البحث بعدها بالنسبية الكاملة التي تشكّل المطلب الرئيسي و«الثابت» لـ «حزب الله».
واذ يبدو واضحاً ان فترة التفاوض حول قانون الانتخاب ستستمرّ لما بعد انتهاء الدورة العادية للبرلمان (31 مايو) التي يرجّح ان يسبقها فتْح عقد استثنائي يغطّي الفترة الفاصلة عن انتهاء ولايته (20 يونيو) ويشكّل مبادرة حسن نية من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لتخفيف الاحتقان السياسي وإراحة مناخ التفاوض، فإن جلسة 15 مايو التي ترتفع حظوظ تأجيلها يسبقها ارتفاعُ وتيرة الاتصالات بمحاولة لاقتناص مَخرجٍ بات الجميع في حاجةٍ اليه بعدما بلغت الأزمة حداً ينذر بـ «حرق المراكب» ودفْع البلاد نحو مأزق كبير.
وشهدت الأيام الأخيرة ارتسام معادلةٍ غير متكافئة تصبّ عملياً لمصلحة النسبية الكاملة بعد تهاوي الطروحات الأخرى الواحد تلو الآخر.
وفي هذا السياق تتجه الأنظار الى الاجتماع الذي تعقده اللجنة الوزارية المكلفة بحث قانون الانتخاب اليوم برئاسة الحريري، وسط معلومات عن طرْح يعمل عليه الأخير لبلوغ حلّ توافقي، مستنداً الى الخطوة الكبيرة التي سبق ان قام بها وشكّل عبرها خط دفاعٍ عن الثنائي المسيحي حال دون استفراده في معركة القانون، وذلك عبر قطْعه الطريق على التمديد الذي كان يشقّ طريقه بلا قانون، وتالياً حرمانه الثنائي الشيعي ورقة قوّة أساسية كان يريدها لإقرار قانون وفق شروطه بالكامل او حتى إرجاء الانتخابات لسنة كاملة.
وترى أوساط سياسية ان الحريري الذي سلّف المسيحيين ورقة بالغة الأهمية وصولاً لتغطيته طرْح «التأهيلي» للوزير جبران باسيل، بات بعد السقوط العملي لهذا الطرح «من الآخرين»، قادراً على المبادرة باتجاه آخر يقوم على محاولة التوصل لصيغة تستند الى النسبية الكاملة مع توفير ضوابط لها في الدوائر والصوت التفضيلي بما يريح الثنائي المسيحي، ولا سيما بعدما اقترب النائب وليد جنبلاط من النسبية التي صارت «أهون الشريْن» (قياساً الى التأهيلي) وكذلك الأمر بالنسبة الى «القوات اللبنانية» (تقبل بدوائر مصغرة مع صوت تفضيلي طائفي او في القضاء)، في حين ان تيار «المستقبل» (يتزعمه الحريري) كان أسقط منذ فترة «الحُرم» عن النسبية.
وعلمت «الراي» ان الحريري كان أمس يضع اللمسات الأخيرة على مشروع وسطي للحلّ يقوم على النسبية ضمن دوائر وسطى يمكن ان تصل الى 15، مع محاولة استجلاب موافقة الثنائي الشيعي على صوت تفضيلي في القضاء، واحتمال اقترانه باتفاقِ نياتٍ حول مجلس الشيوخ على ان يصار الى تنفيذه في مراحل لاحقة نتيجة حاجته الى ورشة كبيرة من التفاهمات السياسية والتعديلات الدستورية.
وذا كان لافتاً كلام وزير الداخلية نهاد المشنوق عن «أننا قاب قوسين او ادنى من الاتفاق على قانونٍ»، برز اعلان رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد من القصر الجمهوري على هامش توقيع الرئيس عون كتابه (ما به أؤمن) انه قبل 20 يونيو «سيكون هناك قانون جديد قائم على النسبية الكاملة»، وذلك في موازاة استمرار الحزب بإطلاق «كاسحة ألغامه» لفتح الطريق امام خياره الانتخابي كما لتعطيل «أوراق احتياط» يضغط بها عون والتيار الحر في الأمتار الأخيرة من التفاوض، وبينها التصويت على مشروع قانونٍ في مجلس الوزراء والتلويح بإمكان ترْك الفراغ في البرلمان يقع بحال عدم الوصول الى اتفاق حول قانون، على ان يكون المَخرج حينها مرتكزاً على ما تنصّ عليه مادتان دستوريتان (تنطبقان على حالة حل البرلمان) لجهة الدعوة الى انتخابات خلال 3 اشهر او «دون إبطاء» اي وفق القانون النافذ (الستين).
وكان بارزاً في هذا السياق كلام نائب «حزب الله» علي فياض الذي اكد «ان إيصال الأزمة لذروتها وإلى ما قبل اليوم الأخير من انتهاء ولاية البرلمان (...) هو لعبة بائسة»، معلناً «التصويت على قانون الانتخاب خيارٌ إشكالي يعمق الشرخ الوطني القائم (...) وقد يهدد العملية الانتخابية برمّتها في مرحلة لاحقة»، محذّراً «الفراغ خيار قاتل وخيار العبثية السياسية لأنه يولد واقعاً سياسياً لا ندري إلى أين سيأخذ البلد»، مضيفاً: «ليس هناك منطق يفرض أن تمارس القوى السياسية مع بعضها البعض لعبة (الضرب تحت الحزام)، لأن الحل في نهاية المطاف يكمن بالتوافق (...)».
في المقابل، شدد «التيار الحر» بعد اجتماع مجلسه السياسي برئاسة باسيل على موقفه من قانون الانتخاب ومعايير الميثاقية والمناصفة الفعلية، رافضاً الحملة على «التيار» التي تتهمه بالطائفية معتبراً «انها تهدف لإفراغ قانون الانتخاب من التطبيق العملي لمبدأ المناصفة»، ولافتاً الى ان التيار قدّم كل ما عنده من صيغ انتخابية «والكرة الآن في ملعب الرافضين»، ومشدداً على رفْض التمديد وعلى دستورية التصويت، ومعتبراً ان «على مَن لا يريد الفراغ أن يساهم جدياً بإنتاج قانون جديد مع تأكيد رفضنا المطلق لـ (الستين)».