يعقوب العوضي / خديعة العالم الكبرى

1 يناير 1970 06:31 ص
قامت الولايات المتحدة الأميركية بتدمير العالم العربي والإسلامي، وذلك باختلاقها الكذبة الكبرى التي سميت بالحادي عشر من سبتمبر عام 2001، فعلى ضوء هذه الكذبة الإعلامية سعت أميركا إلى إرسال قواتها العسكرية إلى أفغانستان بحجة القضاء على منظمة «طالبان»، وتدمير «القاعدة» بقيادة أسامة بن لادن، وقد اتهمت الولايات المتحدة هذا التنظيم بتخطيط مؤامرة تدمير برجي التجارة العالمية في نيويورك، الذي راح ضحيته آلاف عدة من الناس الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى تواجدهم لحظة الانفجار في تلك المباني التعسة.
والناظر إلى حقيقة ما حصل يلحظ، من دون وعي منه وبصورة مباشرة، أن التدمير ظهر بصورة جلية واضحة تنم عن تصوير محترف أعد له مسبقاً، إذ لم يحوِ أي اهتزاز في الصورة من حاملي الكاميرا سواء المحترفون أو الهواة عندما يفاجأون بحدث لم يهيئوا أنفسهم له في شكل متقن. والمشاهد لما حدث يرى وضوح الصورة والشكل المتعدد من الجهات كلها من دون رداءة في الصورة أو اهتزازها على شكل يوحي بفجائيتها. والنتيجة المفترضة بعد التدمير لا تهم آثارها لمن قام بها، فالفائدة المتوخاة من نتائجها كانت في عقل من دبر التدمير تفوق هذه الآثار مهما كانت عنيفة وقاسية، فالهدم المنظم يتطلب له التخطيط السليم في القياس والوقت واللحظة، وهذا ما تم تنفيذه لبرجي التجارة العالمية. والأمر لم يكن عشوائياً في الإخراج والتصوير والوضوح والعرض، فالأمور كلها كانت مجهزة لهذا الحدث المتعمد العنيف، والموضوع لا يمكن أن يكون غامضاً على كل الذين اطلعوا على طريقة الهدم وكيفية سقوط الأبراج الضخمة في مكانها الضيق المحدد لسقوطها، وقد أظهرت التحليلات العديدة التي تبرز الجريمة ومحاولة الولايات المتحدة إلصاقها بالعرب وبارتكابهم لها، وقد أسمتهم بالإرهابيين، وكان هذا الاتهام والتبرير الهدف من التدمير وقيام واشنطن باحتلالها لأفغانستان لغرض القبض على أسامة بن لادن زعيم تنظيم «القاعدة» الذي يعيش في بلاد صحراوية قاسية، وجبال صخرية جرداء، وبين أناس لا يعرفون القراءة والكتابة، وهؤلاء الأشخاص هم الذين خططوا ونفذوا الجريمة في غفلة من عيون الاستخبارات الأميركية المنتشرة في جميع أنحاء العالم.
ورغم مرور سبعة أعوام على احتلال أميركا لأفغانستان فحتى اليوم لم تستطع القبض على عدوها الأول كما تدعي، وهي محتلة كامل الأرض التي يعيش عليها. واستكمالاً للمخطط الرهيب الذي نفذته الولايات المتحدة الأميريكة في حق العرب والمسلمين فقد قامت باحتلال العراق بحجة البحث والقضاء على أسلحة الدمار الشامل، لتتم لها السيطرة على منطقة الخليج العربي وتجعلها تحت نفوذها الكامل، وتحقق بذلك أهدافها الاستراتيجية وهيمنتها على أهم مورد للطاقة «النفط»، وهي على مدار أربعة أعوام من احتلالها العراق لم تجد هذه الأسلحة المدعاة، بل عملت كما يشاهد العالم اليوم على نهب ثروات العراق النفطية، وهي لم تبتعد أيضاً عن حقول نفط بحر قزوين بوجودها في أفغانستان. وأما الذين ماتوا في تفجير برجي التجارة فالأمر لا يصعب على الولايات المتحدة في حل مشاكل عائلاتهم، كما حلت سابقاً مشاكل عائلات الجنود الذين ماتوا في فيتنام، وهم بعشرات الآلاف من الأبرياء. فالأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة لا يهمها عدد القتلى الذين يموتون في سبيل تحقيق هذه الأهداف، ففي فيتنام مات عشرات الآلاف من الشعب الفيتنامي، وكذلك الأعداد الهائلة الذين ماتوا من الشعب العراقي بما في ذلك الجنود الأميركيون.
والآلة الإعلامية الرهيبة التي استعملتها الولايات المتحدة الأميركية في غسل عقول الناس قد أتت أُكلها، وترسخ في عقول الغربيين بأن العرب والمسلمين هم من قام بتفجير أبراج التجارة العالمية في نيويورك، وعلى ضوء هذه الكذبة الكبرى بدأ الغرب في محاربة العرب وخلق الكراهية بينهم وبين بقية شعوب العالم، ولعل أهم محلل سياسي أوروبي كشف زيف وكذب الجريمة هو الكاتب الفرنسي تيري ميسان في كتابه «11 أيلول... الخديعة الكبرى» وذكر بأنه في يوم 12 أغسطس اتهمت الولايات المتحدة الأميركية تنظيم «القاعدة» بقيادة أسامة بن لادن في التخطيط لهذا الهجوم المروع، وتنفيذه على الصورة التي حدثت به، ولعل تساؤل الكاتب الفرنسي تيري ميسان في محله عندما يقول: «كيف علم جورج بوش بهذه السرعة وقبل التحقيق في الحادث بأن المخطط والمنفذ للهجوم هو أسامة بن لادن وتنظيمه، وهل بإمكان من يسكن في مغارات أفغانستان أن يخطط بهذا القدر الكافي والدقيق للهجوم مخترقاً في ذلك عشرات الآلاف من رجال الاستخبارات الأميركية المنتشرين في جميع أنحاء العالم، وأجهزتهم المتطورة سواء في المطارات الأميركية، وغيرها من الأماكن السرية والضرورية والخاصة التي لم تكتشف هذا التخطيط إلا بعد تنفيذه؟»، فتبقى بعد ذلك كله الادعاءات التي تدعيها الولايات المتحدة عبارة عن أكاذيب مدروسة بهدف تحقيق مطامع الأصولية الأميركية المتمثلة في المحافظين الجدد الذين يقودون أميركا اليوم إلى السوء، والدمار، وكراهية الشعوب لها.
يعقوب العوضي
كاتب كويتي
[email protected]