رواق

#بسنا_تخريب

1 يناير 1970 02:48 م
أولاً لنتفق أن الأصل في الشيء، أي شيء، الإباحة ما لم يكن هناك ما يمنع، والمنع سلطة القانون، وفي حال عدم وجود قانون تصبح الحال باختصار: من أمرك؟ ومن نهاك؟

من هنا صار البلد مستباحاً إعلانياً بشوارعه وإشاراته المرورية وأعمدة الإنارة ومحولات الكهرباء

وكل شبر وكل باع، فلا قانون ينظم الإعلان في بلد ثلاثة أرباع شعبه معلنون، ولا رادع لمن يقوم بالتخريب تحت ستار الإعلان سواء بمحتواه أو بموقعه.

وعملاً بمبدأ «ما يفل الحديد إلا الحديد» قام أحد الشباب باستخدام الإعلان الحديث عن السوشيال ميديا بشن حملة لإزالة الملصقات والإعلانات بأشكالها التي تشوه الشوارع والمرافق العامة تحت

شعار #بسنا_تخريب معرضين أنفسهم للمساءلة القانونية، فالقانون لا يحمي تصرفهم، ولا يمنعه وبالتالي يصبح الوضع باختصار: مواطن يضع إعلاناً بيده ومواطن يزيل الإعلان بيده، والمتضرر يلجأ ليده ومن يقرر صواب الأمر وخطأه الرأي العام بعد تشابك الأيدي.

الحمد لله أن هذا الأمر لم يحصل حتى الآن إذ لاقت الحملة الشبابية تفاعلاً شبابياً وحققت نتائج مذهلة ونجاحاً غير متوقع في فترة محدودة، وصمت حكومي معتاد يشبه صمت الحكومة إزاء الإعلانات التي تدعو لشق الوحدة الوطنية بفلوس صاحبها لعدم وجود ضوابط للإعلان المدفوع مثله مثل المجاني.

نحن في بلد الإعلان فيه سيد الموقف وعصب الاقتصاد فإيراداته توازي إيرادات النفط خصوصاً مع انخفاضه «هاليومين»، وسلطة الإعلان التي تستطيع حتى إزالة هذا المقال، ويستطيع أي شخص وضع إعلانه في الشارع مثلما يستطيع أي شخص إزالته، ونحن في بلد مؤسسات تنظمه القوانين إلا أن لا قانون ينظم الإعلان فيه.

مطلوب تشريع قانون للإعلان يتضمن تجريم تخريب المرافق العامة بذريعة الإعلان، ويفرض على المعلنين/المخربين غرامات مالية كبيرة وعقوبات رادعة، فحملة شبابية لا تكفي ما لم يتضامن معها النواب الشباب الذين فرحنا بفوزهم ليبادروا إلى اقتراح قانون ينظم الإعلان في البلد.

ولأن الأصل في الشيء الإباحة فالبلد مستباح إعلانياً استباحة وصلت حد التخريب، لم تحرك لدى المسؤولين ساكناً، حتى صرخ شبابها «بسنا تخريب»، وقاموا بإزالة الملصقات بأيديهم متحملين تبعاته: «لا فُض فوكم وسلمت أيديكم».

لكن اليد الواحدة لا تصفق هي تصفع بقوة، ولأننا في بلد تحملنا من الصفعات ما كفانا فلنحول الصفعة إلى صفقة بيد أخرى تمتد إلى يد الشباب وتساندهم، فهل ستكون يد النواب الشباب معهم؟ أتمنى ذلك...

reemalmee@