الحريري يعلن من الجنوب «التبرؤ» من «عراضة حزب الله» على الحدود
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
07:25 ص
... بعد نحو 24 ساعة على الرسالة بـ «الصوت والصورة» التي أطلقها «حزب الله» من «جنوب الجنوب» عبر قيادته وبـ «المرقّط» جولة للاعلاميين على الحدود المترنّحة بين استرخاءٍ مشكوكٍ باستمراره وحربٍ صارت «محتملة»، قصَد رئيس الحكومة سعد الحريري ومعه «الدولة» المتراس الأمامي واسمه الـ1701، فقام بزيارة مزدوجة لقيادة «اليونيفيل» المعزَّزة في الناقورة المتاخمة للحدود مع اسرائيل، ولأحد المراكز المتقدمة للجيش اللبناني.
وضاعفتْ مسارعة الحريري لزيارة المنطقة الحدودية في الجنوب، والى جانبه وزير الدفاع يعقوب الصراف وقائد الجيش العماد جوزيف عون، وتعمُّده الكلام باسم «فخامة الرئيس» والحكومة، من الريبة التي أثارتْها «عراضة» الحزب، في الشكل والتوقيت، وما انطوت عليه من رسائل، وسط أسئلة عن ملابسات هذا التطور ومغزاه والأسباب التي دفعت بـ «حزب الله» الى هذا الأسلوب من «عرض القوة» الذي أحرج الحكومة اللبنانية.
فالحريري الذي يحاذر تقويض المهادنة السياسية الهشة في البلاد، لم يتردّد في القول «ان ما قام به حزب الله غير مقبول والحكومة غير معنية به»، مشيراً الى «ان لا سلطة في لبنان تعلو على سلطة الدولة»، معلناً «الالتزام بالقرارات الدولية وعلى رأسها القرار 1701»، ولافتاً الى ان «الجيش يقوم بالدفاع عن لبنان خارج اي فئوية او مناطقية». وقال «نحن نقوم بكل الجهود لتدريب وتسليح الجيش والقوى الأمنية».
وبدت زيارة الحريري للقوة الدولية التابعة للامم المتحدة محاولةً لمعاودة تأكيد التزام لبنان، بالقرار 1701 والقول للمجتمع الدولي ان الدولة اللبنانية وحدها المرجعية، اضافة الى التبرؤ من خطوة «حزب الله» التي تشكل خروجاً عن مقتضيات القرارات الدولية المعنية بالوضع على الحدود اللبنانية - الاسرائيلية وخصوصاً منطقة جنوب الليطاني (يفترض ان تكون وفق الـ 1701 خالية من اي سلاح باستثناء الجيش واليونيفيل)، والتي من شأنها استدراج لبنان الى مواجهة مع المجتمع الدولي وتحميله مسؤولية اي تدهور على الحدود.
وساد انطباع في بيروت بأن قرار «حزب الله» وعن سابق تصور وتصميم بتسيير جولة للاعلاميين على الحدود مع اسرائيل، وسط مظاهر عسكرية للحزب وتولي قائد ميداني شرح ما يجري في المقلب الآخر من الحدود، يتجاوز «الطابع اللوجستي» او إظهار لا مبالاته بالقرار 1701 او إدارة ظهره للحكومة اللبنانية، ويشكل رداً ضمنياً على تعاظُم الحملة الاميركية على ايران و«حزب الله».
فمَن يرصد تصريحات كبار المسؤولين في الادارة الاميركية وما يقال في مداولات مجلس الامن، وما يُعلَن في «البيانات المشتركة» الصادرة عن المباحثات الاميركية مع غير دولة في المنطقة، يكتشف ومن دون عناء ان حركة «حزب الله» على الحدود مع اسرائيل لا تعدو كونها رسالة في «صندوق بريد» المواجهة المتصاعدة عن بُعد بين ايران والولايات المتحدة.
وثمة مَن يعتقد ان ايران غالباً ما تعمد الى التذكير بان اسرائيل رهينة لصواريخها المترامية في المنطقة، في إطار لعبةٍ من المقايضة، هدفها الضغط في اتجاه «غضّ طرف» المجتمع الدولي عن أدوار ايران في المنطقة وتوسيع نطاق نفوذها، لقاء ترْك اسرائيل بأمان يحرسها الاسترخاء على الجبهات التي تحوطها، وهو الأمر الذي بدأت تشعر طهران بتبدُّله مع ادارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.