انتهى تصويت مجلس الأمة، وكما كان متوقعاً، بعدم الموافقة على تعديل قانون المحكمة الإدارية وذلك لتمكينها في النظر في قضايا سحب وإسقاط الجنسية، حيث إنها وقرارات الإبعاد الإداري ودور العبادة لا تخضع لرقابة القضاء.
ولعل توقعي كان مبنياً، وكما يدركه الجميع، على عدم رغبة الحكومة في سحب إحدى سلطاتها التي قد تستخدمها لحماية سيادة الدولة، وهو الأصل في ذلك، أو أن تذهب إلى أبعد من ذلك، من خلال استخدامها في إرهاب وعقاب من يقف ضدها كما يراه الكثيرون! ولذلك سعت وببسالة على ألا يمر هذا التعديل، فكان لها ما أرادت!
ولعل الجميع متفق أننا نقف أمام أمرين مفصليين، وهما التخوف من التعسف الحكومي في استخدام السحب كورقة سياسية متى ما أرادت، هذا من ناحية. أما الناحية الأخرى فتكمن في ما أثاره نواب كثر في الجلسة من خلال الإثباتات والأدلة والبراهين - كما يدعون - عن وجود حالات غش وتدليس مارسها البعض للنصب والاحتيال من أجل الحصول على الجنسية وبالتزوير، وأن عددهم قد يصل إلى مئات الآلاف! وهنا بيت القصيد.
ولعل الجميل في الموضوع، أن جميع نواب المجلس، ولو كان ذلك ظاهرياً فأنا لا أعلم بالنوايا، متفقون على أنهم ضد التزوير والتدليس في موضوع الجناسي، فلماذا لا تكون من هنا الانطلاقة وتفتح هذه الملفات على مصراعيها؟
لذلك نقول لمعارضي التعديل بحجة أن المقترح سيساهم في سقوط الكثير من القضايا بداعي التقادم، وأن هناك مئات المزورين والآلاف ممن حازوا الجنسية عن طريق الغش والتدليس سيحصلون على صك البراءة إذا أقر هذا التعديل، نقول لهم هذا الميدان يا حميدان. نريدكم أن تعملوا على كشف المزور ومن ساعده على التزوير من خلال فتح جميع الملفات المشكوك فيها وفقاً للأدوات الدستورية الممنوحة لكم يا ممثلي الشعب! ولا نستثني مؤيدي التعديل من ذلك.
نريد أن يبحث المعنيون جميع الملفات وبلا استثناء، وأن يقدم كل من ادعى أن لديه أدلة وبراهين عن حالات التزوير كل المستندات إلى الجهات المختصة، وأن يحاسب جميع المدلسين ومن ساعدهم من أصغر موظف إلى أكبر رأس، سواء كان شيخا كبيرا أو مواطنا عاديا ويعاقب وكما نقول (باللسب بخيازرين منقعة بماي وملح) أمام الجميع! وإذا لم يجد أي نائب تجاوبا حكوميا حقيقيا في هذا الملف، فعليه استجواب رئيس الوزراء والوزراء المعنيين جميعاً وطرح الثقة فيهم، وغير ذلك نقول بلا وجع راس!
المشكلة في الموضوع أن نواب الأمة يعلمون أن الحكومة غير مكترثة في معالجة ملف الجناسي المزورة كغيره من الملفات الأخرى المهمة وإنهاء هذا الملف بشكل نهائي، ولذلك ستظل معارضة الحكومة على بسط سلطة القضاء للنظر في موضوع سحب وإسقاط الجناسي مستمرة إلى أبد الدهر ما دام ملف الجناسي المزورة معلقاً. وعليه، نقول لكل من قد تسحب جنسيته ظلماً وبهتاناً، أو حتى عن حسن نية، في المستقبل وباختصار وهو واقع الحال: «روح بلط البحر»!
Email:
[email protected]