واقع الكويت الاقتصادي والمالي / «أبرز تحديات القطاع تتمثل بتراجع معدلات النمو»
الناهض: متفائلون بجدية الحكومة في التعامل مع الإصلاح
علي إبراهيم
1 يناير 1970
09:05 ص
ينبغي دراسة الآثار الاجتماعية للقرارات الاقتصادية للقضاء على التضخم
انخفاض أسعار النفط يبدو أنه لن يكون موقتاً
لإنجاز التشريعات الخاصة بإصدار الصكوك
يمكن للكويت أن تصبح عاصمة للصيرفة الإسلامية
دور كبير لـ «المركزي» في العمل على تحسين أداء القطاع المصرفي عبر التعليمات المناسبة
الشايجي:
وظيفة مهمة لشركات الاستشارات الشرعية في مجال الصيرفة الإسلامية
أكد الرئيس التنفيذي في «بيت التمويل الكويتي» (بيتك) مازن سعد الناهض، أهمية بناء كيانات اقتصادية كبيرة في دول مجلس التعاون الخليجي من خلال عمليات الدمج أو الاستحواذ، بما يعزز الاقتصاد الوطني وتمويل المشاريع الكبرى وخطط التنمية.
وأشار الناهض خلال مشاركته في جلسة الملتقى المالي الكويتي تحت عنوان «آفاق الصناعة المصرفية الخليجية فى مرحلة التحولات الاقتصادية» إلى أن عمليات الاندماج تتيح الاستفادة من الجوانب الإيجابية لدى كل طرف وتخفيض المصاريف، وتحسين طرق الإدارة.
ولفت إلى أن منطقة الخليج شهدت تجارب اندماج ممتازة، آخرها كان في الإمارات بين بنك أبوظبي الوطني، وبنك الخليج الأول، وأسفر عن قيام مصرف كبير برأسمال يصل الى 180 مليار دولار.
واضاف الناهض بأن الاندماج أو الاستحواذ في الأسواق الدولية أو مع بنوك خارجية يحقق تنويع مصادر الدخل بالعملات الأجنبية وله آثار إيجابىة على تنوع مصادر الإيرادات، كما يحد من التركيز الائتماني ويعظم القدرة على المنافسة، مشدداً على ضرورة أن يقوم الاندماج أو الاستحواذ وفق ضوابط وقواعد سليمة وبعد دراسات شاملة وأخذ الموافقات اللازمة من الجهات الرقابية والمساهمين، وحتى يكون مفيداً وفي مصلحة البنك والمساهمين والدولة.
وقال الناهض إنه لا يوجد ما يمنع أن تصبح الكويت مركزاً مالياً إسلامياً على مستوى المنطقة، فحجم الأصول المالية العاملة وفق الشريعة على المستوى العالمي يمثل 2.3 في المئة من الاقتصاد العالمي، ومرشح للوصول إلى 3 في المئة خلال السنوات المقبلة، فيما تصل نسبتها في الكويت إلى 39 في المئة، وهي نسبة عالية ويمكنها أن تساعد على جعل الكويت عاصمة للصيرفة الإسلامية.
ودعا إلى تعاون السلطة التشريعية، ووزارة المالية لإنجاز التشريعات الخاصة بإصدار الصكوك التي تعد خطوة متقدمة في تعزيز صناعة الصيرفة الإسلامية، وتوفر مصدراً مهماً للتمويل، مشيراً إلى أنه كان يأمل أن يشمل الإصدار الأخير لتغطية العجز في الموازنة في جانب منه صكوكا، ولا يقتصر على السندات فقط.
المشاريع الصغيرة
وحول دور البنوك في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، أكد الناهض أن «بيتك» وقّع مع الصندوق الوطني لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة اتفاقية تعاون لدعم أعمال الصندوق والمستفيدين من خدماته، قائلاً إن «البنوك حينما تقدّم التمويل، فإن ذلك يتم بناء على دراسات للمخاطر التي يجب أن تكون قليلة ومتناسبة مع العوائد من وراء المشروع».
وذكر أن أبرز التحديات التي تواجه القطاع المصرفي في الكويت والخليج تتمثل في تراجع معدلات النمو الاقتصادى نتيجة انخفاض أسعار النفط من جانب والتوقعات بانخفاض الإنفاق الرأسمالي للدول من جانب آخر، مما سيوثر سلباً على معدلات الائتمان، ويتطلب دوراً أكبر على صعيد البنوك المركزية، وفي مجال تخفيف الضغط على السيولة التي تأثرت بالواقع السياسي في منطقة الخليج والشرق الأوسط وشراء بعض البنوك المركزية للأصول.
وأشار إلى أن هناك ما يدعو إلى التفاؤل خصوصاً ما نلمسه من جدية الحكومة في التعامل مع قضية الإصلاح الاقتصادي، التي أصبحت أكثر إلحاحاً وضرورة من أي وقت مضى في ظل الواقع الجديد لأسعار النفط الذي يبدو أنه لن يكون موقتا بفترة معينة، داعياً الحكومة إلى دراسة الآثار الاجتماعية للقرارات الاقتصادية للقضاء على التضخم الذي قد ينشأ عن رفع الدعم عن المواد الأساسية، مؤكدا على أهمية توفير حلول وبدائل بحيث تتم إعادة هيكلة الدعم والاقتصاد بأقل قدر من الآثار الاجتماعية، وأدنى معدل ممكن من التضخم.
وقال الناهض إن التغيرات والالتزامات الرقابية المتلاحقة توثر على بيئة العمل، فمثلاً متطلبات (بازل 3) وعوامل أخرى غيرت النظرة إلى الائتمان، وجعلت التركيز على أخذ المخصص قبل منح الائتمان، مما يؤدي إلى ارتفاع الكلفة، وقد انخفض متوسط نمو الائتمان من 11 إلى 15 في المئة خلال السنوات بين 2011 و2014 إلى 5.5 في المئة خلال 2016 و2017.
ملاءة عالية
شدّد الناهض على أن البنوك في الخليج تتمتع بملاءة مالية تمكنها من دعم تمويلات والمشاركة في مشاريع استراتيجية مع الحكومات، وبنفس الوقت لديهم القدرة على تحمل أي أزمات اقتصادية غير متوقعة في حال حدوثها، والنمو الاقتصادي المتوقع لدول مجلس التعاون لعام 2017 بنحو 2.2 و2.5 في المئة لعام 2018، كما أن البنوك المركزية في دول الخليج تطبق أنظمة رقابية متينة، تضمن استقرار القطاع المصرفي، ولذلك نجد أن هناك إجراءات عملية تقوم بها لتخفيف الضغط على السيولة في البنوك.
وأضاف بأن البنوك في الخليج استطاعت تجاوز تحديات ومخاطر نقص السيولة، ولكنها بنفس الوقت بحاجة إلى العمل بجد لتجنب المخاطر التشغيلية في ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية، حيث تعمل البنوك بجد لدعم برامج وخطط الإصلاح التي تقدمها الدولة، وذلك من خلال الدخول كشريك استراتيجي مع الحكومات في المشاريع الكبرى، مثل مشروع «الوقود البيئي» بقيمة تزيد على مليار دينار، وبذلك استطاعت البنوك الخليجية كسب ثقة الحكومات من حيث قدرتها على تمويل المشاريع الكبرى.
واعتبر «لو نظرنا إلى أسعار النفط قبل 5 سنوات، والتي كانت تلامس الـ 100 دولار للبرميل، نجدها الآن 50 دولاراً للبرميل بحد أقصى، ونظراً للظروف الاقتصادية والسياسة في العالم، فإنه من غير المتوقع أن تزيد عن الـ 50 دولاراً، وهذا بحد ذاته يسبب ضغطاً على ميزانيات الدول الخليجية، والذي يدفعها أن تستمر بالاستعانة بالبنوك الخليجية.
وذكر أن من بين التحديات الجديدة التي تواجه البنوك دخول المعيار المحاسبي (IFRS9)، والذي تحتاج البنوك إلى إعادة النظر في الآليات المحاسبية المطبقة وتعديلها، بما يتناسب مع المعيار وحول وسائل تنويع مصادر التمويل وتنمية الربحية ومخاطر تراجع جودة المحافظ الإقراضية، وارتفاع حجم الديون المتعثرة.
وقال الناهض ان هناك عناصر إيجابية وسلبية لظهور هذه التحديات، لكن بنك الكويت المركزي يتابع جودة الأصول عن كثب بشكل مباشر مع البنوك المحلية، وهناك توجه واضح لتخفيض نسبة الديون المتعثرة في القطاع المصرفي بشكل عام، وقد أشارت تقارير وكالات التصنيف الائتماني أخيراً على تحسن هذه النسب مقارنة بالسنوات السابقة.
ولخص االناهض مزايا الاندماج في نقاط عدة، أبرزها أن الدولة ستستفيد من وجود البنك الدامج كشريك مالي قوي، قادر ومؤهل على مواجهة التحديات ودفع عجلة النمو، ويسهم في إنشاء بنك ذي قوة مالية كبيرة وخبرة واسعة وشبكة عالمية تؤهله للعب دور رئيسي في دعم الطموح الاقتصادي للدولة.
الجلسة الثانية
ناقشت الجلسة الثانية التي كانت بعنوان«واقع ومستقبل الصيرفة الإسلامية»، والتي ترأسها نائب رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لبنك بوبيان، عادل الماجد، عدداً من المحاور التي من بينها التفاعل مع التطورات والتحولات الاقتصادية، ومواكبة المصارف الإسلامية لقواعد الامتثال والمعايير الرقابية والمحاسبية والدولية، ومواجهة المصارف الاسلامية لمخاطر انكماش السيولة، وتفعيل أسواق الصكوك وتطوير الأدوات المالية الإسلامية، وإمكانات وتحديات التوسع صوب أسواق جديدة.
وانطلقت الجلسة بورقة عمل قدمها الرئيس التنفيذي لمصرف الانماء (السعودية) عبدالمحسن الفارس أكد خلالها على أن الصيرفة الاسلامية بدأت منذ نحو 50 عاماً من خلال مؤسسات مصرفية عريقة من بينها«بيت التمويل الكويتي» ومصرف الراجحي السعودي، وبنك دبي، موضحاً أن المصرفية الاسلامية أصبح يشار إليها بالبنان حول العالم، وأن المصرفية الاسلامية هي بديل آخر للعمل المصرفي، وأنها ليست حكراً على المسلمين وحدهم وإنما هي للبشرية كافة.
وأشار الفارس إلى أنه على الرغم من ذلك فإن المصرفية الاسلامية مازالت محدودة جداً، على الرغم من أنها مازالت تحاول اللحاق بركب المصرفية التقليدية، علماً بأن المصرفية الإسلامية واسعة النطاق وما زال أمامها الكثير من الفرص الرحبة.
ودعا الفارس إلى ضرورة حل المشاكل والعقبات التي مازالت تقف عائقاً أمام المصرفية الاسلامية، حتى تستطيع المصارف الاسلامية الانطلاق بشكل أفضل والعمل والمنافسة، خاصة وأن المصارف الإسلامية مسؤولة، كما نظيرتها التقليدية عن ودائع مالية كبيرة، وتعتريها مخاطر عديدة، متسائلاً لماذا لا يتم السماح للمصارف الإسلامية بالحد من المخاطر الانطلاق نحو إنشاء مؤسسات وشركات صناعية وشركات تابعة تتيح لشركائها من العملاء بالمشاركة، وإيجاد منتجات حقيقية تخدم الاقتصاد الإسلامي بشكل خاص والوطني بشكل عام.
واضاف أن المؤسسات الإسلامية تمثل أقل من 2 في المئة من الاقتصاد العالمي، لكنها مازالت تنمو بشكل جيد حيث بلغ معدل النمو خلال العام الماضي نحو 19 في المئة، ومازال أمامها مجال أكبر للنمو خلال السنوات المقبلة، مؤكداً بأن المصارف الإسلامية تستخدم أفضل الأنظمة والكوادر البشرية، وبالتالي فإنها تمتلك المحركات الأساسية اللازمة للنمو.
ودعا الفارس إلى ضرورة تنويع مصادر الدخل في الاقتصادات الخليجية كافة، مشيراً إلى أن اقتصادات دول المنطقة مازالت تعتمد على الإنفاق الحكومي، فيما حان الوقت لتنويع المصادر وتنويع المخاطر، مؤكداً أن التخصيص يعتبر أحد أهم الحلول لتنويع مصادر الدخل من خلال التخلي عن سيطرة الدولة عن الشركات الحكومية وتحويلها إلى شركات خاصة ناجحة، تماماً كما حدث في شركة الاتصالات السعودية التي كانت شركة متعثرة وتمثل عبئاً على الدولة ثم تحولت إلى واحدة من أكبر شركات الاتصالات في المنطقة بعد تخصيصها، وكذلك شركة«سابك» التي بدأت في العام 1976 كشركة خاصة صغيرة ثم تحولت اليوم إلى أسطورة كبيرة ومثال يحتذى.
ولفت الفارس إلى أن التحدي الكبير الذي يواجه دول المنطقة الخليجية خلال المرحلة المقبلة تتمثل في توفير فرص العمل، حيث أن هناك أعدادا كبيرة من الخريجين الجامعيين الذين يحتاجون إلى ملايين فرص العمل خلال السنوات القادمة، معرباً عن اعتقاده أن الصيرفة الاسلامية يمكنها أن تلعب دوراً كبيراً في توفير فرص العمل للخريجيين.
الشايجي
من جانبه، أكد أستاذ الشريعة في جامعة الكويت الدكتور عبدالرزاق الشايجي على الدور الذي تلعبه مكاتب الاستشارات الشرعية في الصيرفة الاسلامية.
وأضاف أنه بعد 17 عاماً من الجهد والمثابرة بدأت الشركات تقتنع بدور شركات الاستشارات الشرعية وأهميتها في الرقابة الشرعية الداخلية والخارجية، وهو الأمر الذي دفعنا إلى التعاون مع احدى الشركات العالمية للحصول على نظام الايزو أو ما يعرف باسم الجودة الشرعية الأمر الذي عزز من ثقة البنوك والشركات الإسلامية بهذا الدور.
وقال إن الكويت كانت سباقة في مجال الصيرفة الإسلامية والاستشارات الشرعية، وبات نموذجاً يقتدى به خارج الكويت.
واستدرك أنه لابد أن تقوم الجهات الإشرافية والرقابية بدولة الكويت بتعديل التشريعات والقوانين المتعلقة بالعمل المصرفي بما يتلاءم وحاجة سوق العمل.
ولفت الشايجي إلى أن هناك مَنْ يحاول عرقلة عمل شركات الاستشارات الشرعية عن طريق ايجاد عقود نمطية بحتة وتحويل العقود الشرعية إلى عقود اذعان واجبار العميل التوقيع على تلك العقود.
وأكد أن الصيرفة الاسلامية أثبتت خلال الأزمة المالية العالمية تمتلك من المقومات تمنعها من الانهيار في أي أزمة مقبلة، وأن البنوك الإسلامية في ازدياد في كافة أنحاء العالم، لكنها ما زالت بحاجة إلى نظم وقوانين تعزز من إجراءات الرقابة.
العبيد: فخورون بالقطاع... مرن ومتين
شدّد نائب المحافظ، وعضو مجلس الإدارة في بنك الكويت المركزي، يوسف العبيد، أن «المركزي» حريص على مواكبة أي تطورات محلية وعالمية، وأن القطاع المصرفي يتمتع بالسيولة ولديه القدرة على امتصاص الصدمات، وأنه ذو جودة أصول عالية، مشيداً بالتعاون البناء ما بين المصارف والبنك.
ونوه إلى أن المنطقة مرت بأزمات عديدة، آخرها الأزمة المالية العالمية وإفرازاتها، وأن «المركزي» كان له دور كبير في العمل على تحسين القطاع المصرفي عبر التعليمات المناسبة التي تدعم قوة القطاع وفق نظرة مستقبلية للمخصصات الاحترازية التي أثبتت جدواها، والتي كان لها في ما بعد آثار إيجابية، ومن ثم الأخذ بتعليمات (بازل 3).
ولفت إلى أن ذلك يؤكد أن البنوك ليست متجاوبة فقط، ولكنها متفهمة، معرباً عن فخره بوجود قطاع مصرفي مرن ومتين يتمتع بالملاءة المالية وكفاية رأس المال، مبينا أنه تلبية للرغبة السامية في التحول إلى مركز مالي، تم تعديل القانون قبل سنتين بالسماح بالتفرع والمكاتب التنفيذية للبنوك الأجنبية.
الطواري: حاجة لتوحيد الفتاوى
قال المدير الشريك في شركة «نيوبيري» للاستشارات عصام الطواري، إن العمل المصرفي الإسلامي بدأ مع تأسيس بنك دبي الإسلامي و«بيتك» حيث كانت التجربة مشوبة بالحذر ومرت بثلاث مراحل أساسية وصولاً إلى المرحلة الحالية التي شهدت تطوير أسواق المال، حيث كان التحول المرحلي خلال 35 عاماً الماضية من العمل المالي إلى السلع والمنتجات، وأن يصبح عملا تجاريا بحتاً.
وأضاف الطواري أن الكثير من المؤسسات المالية الإسلامية لا تزال تواجه مصاعب عند تسويق منتجاتها لدى بعض الأسواق الخارجية بسبب اختلاف الفتاوى في ما يتعلق بالعمل المصرفي الإسلامي، مضيفاً أننا بحاجة إلى توحيد الفتاوى بالشكل الذي يساعد على نمو الصناعة المصرفية الإسلامية.
ولفت أن التحدي القائم حالياً هو نمو المؤسسات التي تعتمد على المنصات الالكترونية في تقديم خدماتها، وهذه تظهر في بعض التجارب، حيث تستطيع هذه المنصات تجميع الكثير من الأموال، متسائلاً عن غياب المؤسسات المصرفية عن هذه المنصات.
وتطرق إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تحتاج إلى تمويل خاصة، وأن هذه الشرائح غير مخدومة من قبل البنوك التي لا تستطيع تمويلها، مشيراً إلى وجوب وجود مؤسسات متخصصة لتمويل هذا النوع من المشروعات.