| د. مناور بيان الراجحي |
اعتاد أهل المملكة تقديم الهدايا لملكهم في كل عام. وفي اليوم الموعود احتار الفلاح الفقير ماذا يهدي للملك، فلا يوجد لديه الكثير ليقدمه. ذهب الفلاح الفقير إلى قصر الملك، حيث احتشد الجميع، كلٌ أتى بالغالي والنفيس ليقدمه هدية. وقف الناس خارج أسوار القصر، وكلٌ يتباهى بما لديه، وبهديته.
فُتحت أبواب القصر لعامة الناس لتقديم هداياهم، وبعد ساعاتٍ طوال جاء الدور على الفلاح الفقير، فسأله الملك: ماذا لديك لتقدمه لنا أيها الرجل؟ فأجابه الفلاح: سأقدم لديك أغلى ما عندي مولاي الملك، فسأله الملك: وما هو أغلى ما عندك؟ فأجابه الفلاح: انه هذا الطائر «القونو». فتعجب الملك، وسأله وما الذي يميز هذا الطائر ليكون أغلى ما عندك؟ فرد الفلاح يساعدني في الصيد، فهو يغرد وينادي على الطيور من أبناء فصيلته وجنسه، فيأتون مسرعين لنجدته أو لتلبية دعوته فيقعون في الشراك التي أنصبها لهم في الحقل. قام الملك غاضباً، وأمسك برأس الطائر وقطعها قائلاً: هذا طائر خائن وكذاب، ولا يمكننا قبول الخونة والكاذبين في مملكتنا، فهو لا يستحق العيش ها هنا، ونحن لا نريد في المملكة من يخون قومه حتى لو كان حيواناً!
ان كنت تبحث عن تكملة للقصة فلا جديد، لكن أدعوك أخي القارئ للتوقف والتفكر في خوف الملك من طائر خائن وكاذب خدع بني جنسه، فخشي الملك على المملكة منه، وقطع رأسه حتى لا يعدي غيره وتنتشر العدوى في المملكة، فما بالنا بالمخادعين والكاذبين من بني البشر!
إن كنت تبحث عن نهاية أكثر درامية بأن يعود الطائر للحياة ويرفرف ويشدو ويغني ويوقع العديد من إخوته الطيور في شراكه من جديد، فلن تجد هذا في القصة الخيالية؛ لكن ربما تجده على أرض الواقع وفي حياتنا اليومية، فكم من الطيور الكاذبة التي كُشفت وافتضح أمرها؛ لكنها تعود للحياة والتحليق والكذب وخداع الناس بدم بارد، ومن دون أدنى إحساس أو ضمير، وما أكثرها طيور «القونو» في حياتنا اليوم.
إن كنت تبحث عن مصير الفلاح فلن تجده في هذه القصة، ولكن انظر الى الأمثلة المشابهة التي تؤوي الكاذبين والمرتشين وتنتفع بهم؛ ولكنهم لا يظلون فقراءً أو مساكين؛ بل يتطاولون في البنيان، ويمتلكون الأصول والعقارات، لأنهم كما يقولون فهموا لعبة السوق وعرفوا من أين تُؤكل الكتف؛ ولكن للأسف هذا الكتف من لحومنا التي سئمت نهش الكلاب، فهل إلى خلاصٍ من سبيل؟
أرجوحة أخيرة:
إلى كل طيور «القونو»، لا تفرحوا بالنصر، فإن سرقتم خيرنا فسوف يبقى الخير، وإن سحقتم زهرة فسوف يبقى العطر.
لا للتقدم العلمي!
هذا ما تحثنا عليه مؤسسة الكويت للتقدم العلمي. نعم يقولون إذا تجاوز عمرك الـ 45 عاماً لا يحق لك ان تتنافس مع أقرانك الكويتيين في أنتاجك العلمي، لأن عمرك يوحي لنا بأن عقلك توقف أو سيتوقف قريباً... أصابعهم علينا ونسوا أنفسهم يا سادة.
نحن مجموعة من الباحثين الذين لديهم أنتاج علمي محكم نسجل اعتراضنا على شرط العمر للتقدم لجائزة الكويت للتقدم العلمي. ففي هذا الشرط تمييز بسبب العمر وهذا مخالف للمساواة وتكافؤ الفرص، ناهيك عن أن هذه المؤسسة يرعاها قائد الإنسانية الذي يحث الجميع على العمل ورفعة بلدنا الكويت، وهذا أمر عجيب جداً، بل الأعجب أيها السادة، أن هذا الشرط لا ينطبق على الأخوة غير الكويتيين فهو حصري علينا. يا حسرة علينا بهذه النظرة، حتى جائزة نوبل ما فكرت في هذا الشرط المشرط للكويتيين.
[email protected]