واقع الكويت الاقتصادي والمالي / أكد السعي لزيادة مدة السندات حتى 30 عاماً
الصالح: نستهدف رفع سقف الدين العام إلى 20 مليار دينار
| كتب محمد الجاموس ورضا السناري وعلي إبراهيم |
1 يناير 1970
09:06 ص
قطعنا شوطاً في تطوير مكونات وثيقة «الإصلاح»
وثيقة ثانية على الطريق قريباً ... مفاوضات حول أبرز مكوناتها
الدولة تعاملت بإيجابية مع آليات وبدائل تمويل عجز الموازنة العامة
العجيل: المصارف تملك المقومات كافة لتعزيز مساهمتها بتمويل المشاريع
لتنويع القاعدة الاقتصادية وزيادة الإيرادات العامة غير النفطية
وضع تصور شامل يُحجم من الاعتماد على النفط ظلم في حق الأجيال المقبلة
السعدون: هناك قدرة لاتخاذ القرار الصحيح ... وإلا المخاطر في غاية السوء
الجلسة الثانية تناولت موضوع «كويت المستقبل والتحديات والبدائل الاستراتيجية»
المرزوق: في ظل تذبذب النفط لا يمكن وضع الخطط المستقبلية
نفى نائب رئيس الوزراء وزير المالية أنس خالد الصالح، تجميد الحكومة لوثيقة الإصلاح، مبيناً أنها تعمل حالياً على طرح وثيقة إصلاح ثانية، تستقيم مع التطورات التي طرأت خلال العام الماضي، وملاحظات الوزراء الجدد، وكذلك النواب، لافتاً إلى أنها بصدد إجراء مفاوضات حول مكوناتها، من دون تحديد أي إطار زمني لطرحها رسمياً.
وقال الصالح في تصريحات صحافية، على هامش ملتقى الكويت المالي، إن الكويت تستهدف إجراء تعديل تشريعي يسمح بزيادة سقف الدين العام إلى 20 مليار دينار من 10 مليارات حالياً، وزيادة مدة السندات التي يمكنها إصدارها إلى 30 سنة من 10 سنوات.
وأضاف أن الحكومة تخطط أيضاً لإدخال الصكوك ضمن أدوات الاقتراض، لافتاً إلى أن الكويت باعت سندات بقيمة 8 مليارات دولار لأجل 5 و10 سنوات في مارس، ضمن أول طرح سندات دولية.
وتابع الصالح أن الكويت ستدخل أسواق السندات مستقبلاً ولكن بشكل حصيف ورشيد، مشدداً على أنها تسعى لأن يكون اقتراضها بهدف الإنفاق الاستثماري.
وذكر أن الحكومة قطعت شوطاً في تطوير مكونات وثيقة الإصلاح بهدف رفع كفاءتها وقدرتها على معالجة الاختلالات، مؤكداً أن هذا التطوير لا يعني بأي حال من الأحوال نكوصاً أو تراجعاً عن مسيرة الإصلاح.
وأكد أن وجود برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي والمالي، ضرورة لا غنى عنها ولا تراجع، بصرف النظر عن تطورات أسعار النفط، من أجل حماية مستقبل الأجيال القادمة، وتحقيق الاستدامة الاقتصادية والمالية.
وفي حين أشار إلى أن الدعوة الى التخلي عن مثل هذا البرنامج، أو النظر إليه من منظور ضيق مرتبط بمستوى السعر الحالي لبرميل النفط، ما هو إلا هروب من المسؤوليّة، وإلقاء لعبئها على الأجيال القادمة، قال «لقد عقدنا أنا وزملائي أعضاء لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس الوزراء سلسلة لقاءات حوارية ضريحة مع مؤسسات المجتمع المدني من أجل الاستماع إلى وجهات النظر والآراء المتعددة في الإجراءات الإصلاحية التي تم اتخاذها في الفترة السابقة، وفي ما تضمنته البرامج التي وردت في وثيقة الإصلاح، كما نتطلع في القريب العاجل إلى حوار إيجابي ومثمر مع شركائنا في مسيرة الإصلاح أعضاء السلطة التشريعية حول تلك الإجراءات، وعلى ضوء ما تم وما سيتم تداوله في هذه اللقاءات، وعلى ضوء تجربتنا العملية في تنفيذ بعض من الإجراءات في هذا المسار، فقد قطعنا شوطاً في تطوير مكونات وثيقة الإصلاح».
وبين الصالح أن البرامج التي تضمنتها وثيقة الإجراءات الداعمة للإصلاح المالي والاقتصادي في المدى القصير والمتوسط، قد انطلقت من أسس واقعية وموضوعية وأنها أملت حتمية رسم خارطة طريق للتحول الاقتصادي تهدف إلى تكريس ثقافة استهلاكية رشيدة، تضمن حسن استغلال الموارد، وتعتمد على المقومات الكامنة لدى الفرد باعتباره عنصر إنتاج وإبداع.
وذكر أن البرامج تهدف إلى معالجة الخلل في هيكل الاقتصاد الكويتي عبر تنويع أنشطته، اعتماداً على ديناميكية القطاع الخاص وقدراته التفاعلية، وعلى دور القطاع العام المنظم والداعم لنشاط الأفراد والمؤسسات الخاصة، عبر منظومة تشريعية ومؤسسية متطورة ومشاريع شراكة واعدة، بما يضمن تحسين القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني، وتحقيق الاستدامة الاقتصادية والمالية.
وأوضح أن الدولة وفي ظل استمرار تراجع أسعار النفط، حرصت على إبعاد الأثر السلبي لهذا التراجع عن الإنفاق الاستثماري العام، فواصلت تخصيص اعتمادات متزايدة لهذا الإنفاق في الموازنة العامة، بهدف زيادة معدل النمو في القطاعات غير النفطية، والذي يتوقع أن يصل إلى نحو 3.5 في المئة هذا العام و4 في المئة عام 2018.
وبين أن تقديرات الإنفاق الاستثماري شاملة الاستثمار الخاص في خطة التنمية حتى العام 2020، بلغت نحو 34 مليار دينار، وأن السياسة النقدية حرصت على استمرار دعم النمو في الائتمان المصرفي المحلي الذي سجل في سبتمبر 2016 نسبة نمو سنوي بلغت 7.2 في المئة.
ولفت الصالح إلى أن الدولة تعاملت بإيجابية مع آليات وبدائل تمويل عجز الموازنة العامة، بحيث اختارت أن تضيف إلى أداة تمويل العجز عبر السحب من الاحتياطي العام، أدوات جديدة تمثلت في تمويل العجز عبر أداة الائتمان المحلي والخارجي.
وبين أنه حتى نهاية السنة المالية 2016/ 2017 كان «المركزي» قد أصدر نيابة عن وزارة المالية، سندات وأدوات تمويل إسلامية بلغت قيمتها نحو 2.2 مليار دينار، ما رفع مستوى الدين العام المحلي إلى نحو 3.8 مليار دينار، ليشكل بذلك نسبة 9.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لـ 2017 وقدره 38.2 مليار، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي.
ولفت إلى أنه تم الاكتتاب في هذه الإصدارات من قبل البنوك المحلية، مستخدمةً بذلك ما يتوافر لديها من فوائض في السيولة.
وقال إن الكويت حققت نجاحاً قياسياً ومتميزاً في تسويق سندات دولية بقيمة 8 مليارات دولار، بفضل المصداقية المالية المتميزة للدولة والمعبّر عنها بالتصنيفات الائتمانية السيادية العالية من قبل مختلف مؤسسات التصنيف الائتماني الدولي.
وكشف الصالح أنه التقى نحو 102 مستثمرين دوليين أثناء بيع السندات الدولية، بحيث كان من ضمن أبرز الأسئلة ما يتعلق بآجال السند، والمطالبة بتمديده إلى فترات تصل لـ 30 عاماً؟ وهو التوجه الذي تعمل «المالية» حالياً على إعداده قانونياً، موضحاً أن ما حققه الإصدار السيادي الخارجي من إقبال كثيف في الطلب أو تميز في معدل الفائدة، أعاد تأكيد متانة الاقتصاد الوطني وإمكانية البناء عليها مستقبلاً، لاستكمال مسيرة الإصلاح بما يعزز تنافسية الاقتصاد، ويفتح آفاقا أوسع أمام القطاع الخاص سواء في التمهيد لإصدار أدواته المالية الخاصة به، أو لعب دورا أكبر في الحياة الاقتصادية.
وأفاد الصالح أن الجهود التي بذلت في الفترة الماضية، لا تعفي أحداً من المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق الجميع، وهي الاستمرار في مواجهة التحديات التي تواجه الاقتصاد الكويتي، في مجال استدامة التنمية.
ونوه بأن المصدر الرئيسي لضمان الاستدامة تنويع قاعدة النشاط الاقتصادي، بهدف تحسين وتحقيق استقرار الحساب الجاري، ومن ثم الموازنة العامة للدولة، وتنشيط أسواق العمل، بما يضمن توفير فرص العمل المنتج للعمالة الوطنية.
في كلمة له خلال الملتقى، قال الصالح إنه يأتي في ظل تطورات اقتصادية رئيسية كان لها تداعيات على اقتصاديات المنطقة على الصناعة المصرفية بشكل خاص.
وأشار إلى أن تلك التطورات وضعت دول المنطقة أمام حتمية تفعيل وتبني خطط اقتصادية حصيفة، إذ بدأت الكويت تنفيذ اجراءات للإصلاح المالي والاقتصادي، بهدف تعزيز دور القطاع الخاص في التنمية وتنويع مصادر الدخل، وتعزيز الإيرادات غير النفطية، وترشيد الانفاق العام وتحسين كفاءة الأداء الحكومي بشقيه المالي والإداري.
وأضاف ان البرامج التي تضمنتها وثيقة الإجراءات الداعمة للإصلاح المالي والاقتصادي انطلقت من أسس واقعية وموضوعية، بهدف معالجة الخلل في هيكل الاقتصاد الكويتي عبر تنويع أنشطته اعتماداً على ديناميكية القطاع الخاص وقدراته التفاعلية، وعلى دور القطاع العام المنظم والداعم لنشاط الأفراد والمؤسسات الخاصة عبر منظومة تشريعية ومؤسسية متطورة ومشاريع شراكة واعدة، بما يضمن تحسين القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني وتحقيق الاستدامة الاقتصادية والمالية.
العجيل
من جهته، قال رئيس مجلس إدارة اتحاد مصارف الكويت، رئيس مجلس إدارة بنك برقان، ماجد عيسى العجيل، إن التطورات الاقتصادية تفرض أربعة تحديات رئيسية أمام صانعي السياسات الاقتصادية والمالية في الكويت، الأول يتثمل في ضبط أوضاع المالية العامة عبر مواصلة اتخاذ إصلاحات هيكلية تعزز فرص تنويع القاعدة الاقتصادية، وزيادة الإيرادات العامة غير النفطية، إلى جانب ترشيد سياسات الدعم وتعزيز كفاءة الاستثمارات العامة.
وأضاف العجيل أن التحدي الثاني فيكمن في تعزيز الاستقرار المالي والنقدي عبر السياسات النقدية المناسبة، بما يساهم في تعزيز السيولة ويوفر التمويل للقطاع الخاص، في حين أن التحدي الثالث يتمحور حول تعزيز سلامة الموازين الخارجية وقدرة الاقتصاديات على مواجهة الصدمات الخارجية، بينما يكمن التحدي الرابع في مواصلة الإصلاحات الهيكلية التي تساعد على خلق المزيد من فرص العمل، وخلق بيئة أعمال جاذبة للاستثمارات.
وأشار إلى أن هذه التحديات تستلزم اتخاذ تدابير إصلاحية موسعة، لتطوير أداء الاقتصاد المحلي وزيادة كفاءته ومرونته في مواجهة الصدمات.
ولفت العجيل إلى أن الكويت ورغم ما شهدته من خطط تنموية، هدفت إلى تعزيز دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، إلا أن هذا الهدف ما زال يواجه عدة معوقات ذات طابع تشريعي وإجرائي وإداري.
وأمل أن يقود التشاور القائم بين الحكومة والقطاع الخاص للتوصل إلى عدة مبادرات وآليات، تساهم في تفعيل مشاركة القطاع الخاص في تحقيق اهداف الرؤية المستقبلية للكويت مسلطاً الضوء على بعض المتطلبات التي تساهم في تحقيق هذا الهدف، ومنها تشخيص السمات الأساسية لمكونات القطاع الخاص ومؤشرات أدائه وتحديد مدى قدرته على تحقيق المتطلبات قصيرة وطويلة المدى، لتنفيذ الأهداف التنموية، وتحسين بيئة الأعمال وتحديد القطاعات ذات الأولوية واختيار النماذج المناسبة لمساهمة القطاع الخاص، وتحفيز القطاع الخاص لكي يصبح شريكاً فاعلاً في تمويل وتشغيل وإدارة المشروعات الإنتاجية والخدمية.
وبيّن أن الظروف التي تمر بها المنطقة ستؤثر على القطاع المصرفي، ما يحتم على المصارف اتخاذ الخطوات الملائمة لتطوير جودة خدماتها والعمل على تقديم أدوات تمويلية مبتكرة، علاوة على تعزيز قاعدة رأس المال وتعميق استخدام التكنولوجيا في العمل المصرفي.
وذكر أنه على الرغم من الخطوات التي اتخذتها المصارف الخليجية على هذا الصعيد، إلا أن المرحلة المقبلة تتطلب مواصلة الجهود لتطوير البنية التحتية الخاصة بالقطاع.
وأكد ان نقاط القوة التي يتمتع بها القطاع المصرفي في الكويت، سواء على مستوى توفر السيولة المرتفعة، أو كفاية رأس المال وما يملكه من أدوات وخبرات وكوادر مهنية، تعزز جميعها من قدرته على المساهمة في توفير التمويل للمشاريع والمساهمة في التنمية الاقتصاد المحلي.
الجلسة الأولى
شدد عضو مجلس التخطيط علي رشيد البدر، خلال الجلسة الأولى من الملتقى، على أهمية تنويع قاعدة الاقتصاد ووضع خطط عملية في هذا الاتجاه، لافتاً إلى أن أهمية أن تحظى برامج الإصلاح الاقتصادي بقناعة من قبل مختلف الشرائح.
وخلال الجلسة، شدد أنس الصالح، على الاستمرار في ملف الإصلاح الاقتصادي، مشيراً إلى وجود تحديين رئيسيين يجري التعامل معهما، الأول على المدى القصير ويتمثل في التراجع الحاد في الإيرادات نتيجة تراجع أسعار النفط، موضحاً أن التحدي الآخر على المدى الطويل، فيتمثل في تحقيق الاستدامة للاقتصاد المحلي عبر تنويع مصادر الدخل.
وبين أن طرح الوثيقة الاقتصادية قبل نحو عام تزامن مع تراجع الإيرادات بنسبة 60 في المئة، وقد أخذت بعين الاعتبار آراء مؤسسات المجتمع المدني وتبنتها، متوقعاً أن تشهد الأسابيع القليلة المقبلة طرح وثيقة جديدة تنطلق مع الواقع الاقتصادي الجديد في ظل مع شهدته أسعار النفط من تحسن نسبي.
أما فيما يتعلق بالتوجهات الاقتصادية والمالية، فلفت الصالح إلى أنها استندت إلى معالجة الاختلال في الميزانية العامة سواء عبر تكريس نهج تقليص حجم الميزانية والتي انخفضت من نحو 21 مليار دينار قبل سنوات قليلة إلى نحو 18 مليار دينار، إذ سجلت ميزانية العام 2015/ 2016 انخفاضاً في قيمة الإنفاق الجاري بلغت قيمته نحو 1.1 مليار دينار، وسط الحرص على الاستمرار في زخم الإنفاق الاستثماري.
ولفت إلى تعزيز مساهمة القطاع المصرفي في تمويل المشاريع التنموية، بما فيها تلك الخاص بالقطاع النفطي، مع العمل على تعزيز تواجد القطاع الخاص في الحياة الاقتصادية، من خلال المؤسسات الحكومية المتخصصة.
وأفاد أن هيئة تشجيع الاستثمار المباشر استقطبت لوحدها نحو 600 مليون دينار خلال العام الماضي، مع وجود توجه لتطوير القوانين الخاصة باستقطاب الاستثمارات الأجنبية، في حين تلعب هيئة الشراكة بين القطاعين العام والخاص دوراً محورياً في هذا المجال، إذ لديها نحو 12 مشروعاَ للطرح أمام القطاع الخاص منها ثلاثة مشاريع خلال العام المالي 2017/ 2018، وكان من بين هذه المشاريع مشروع محطة الزور الأولى.
واعتبر أن النموذج الذي تقوم عليه هذه المشاريع، يقوم على وجود شريك أجنبي إستراتيجي يتملك نسبة 30 في المئة الشركة مع احتفاظ الحكومة بنسبة 20 في المئة، في حين توزع نسبة الـ50 في المئة على المواطنين، ما يشكل تطوراً مهماً على طريق إشراك القطاع الخاص والمواطنين في الإشراف والتملك في مثل هذه المشاريع.
وتطرق الصالح إلى أهمية الخصخصة كخيار اقتصادي إستراتيجي يساهم في تعزيز دور القطاع الخاص، مشيراً إلى وجود قانون واجب النفاذ في هذا الخصوص مع تأكيد مراعاة حقوق العاملين في كافة المرافق التي سيجري خصخصتها.
وتطرق الصالح إلى النجاح الذي حققه إصدار الكويت من السندات في الأسواق العالمية، سواء على مستوى التسعير أو الإقبال.
ولفت إلى أن الكويت ستستمر خلال السنوات المقبلة في اللجوء إلى الأسواق الدولية، وفق توجه حصيف ومدروس، بعد معالجة بعد القيود التشريعية التي تسمح لها باللجوء إلى الأسواق الدولية بصفة مستمرة.
وقال الصالح إن البنوك المحلية استحوذت على 10 في المئة من إجمالي الإصدار المطروح في الأسواق الدولية، في حين أن المؤسسات المصرفية والمالية الخليجية استحوذت على 25 في المئة من الاكتتاب في هذه السندات.
تناولت الجلسة الثانية التي ترأسها رئيس مجلس إدارة مجموعة «بيت التمويل الكويتي» (بيتك) حمد عبدالمحسن المرزوق، موضوع «كويت المستقبل والتحديات والبدائل الاستراتيجية».
وشهدت الجلسة مشاركة رئيس مجلس ادارة شركة الشال للاستشارات الاقتصادية جاسم السعدون، والمدير التنفيذي لمركز أبحاث الطاقة والبناء معهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتور سالم الحجرف، والمؤسس والمدير التنفيذي لشركة لمبة بالإمارات العربية المتحدة عبدالله الزبن، ونائب رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي شركة «فيث كابيتال» القابضة محمد جعفر.
وأكد المرزوق ضرورة الاعتماد على اقتصاد المعرفة لتحقيق التنوع الاقتصادي في الكويت، وتوفير البدائل الاستراتيجية لمساعدة الشركات الكويتية على تخطي الحدود المحلية إلى العالمية.
واعتبر أنه ليس من المنطقي وجود تخطيط اقتصادي سليم في ظل تذبذب الشديد لاسعار النفط، إذ إنه لا يمكن لصانعي القرار سواء في القطاع الخاص أو العام بما فيهم القطاع المصرفي، وضع الخطط المستقبلية في ظل هذا التذبذب لأسعار النفط، الذي ينعكس على الإنفاق الحكومي ارتفاعاً وانخفاضاً.
وأشار إلى دراسة أجراها اتحاد المصارف منذ 6 سنوات (كان سعر النفط حينها يتراوح بين 110 و120 دولاراً للبرميل) عن الاتجاهات المستقبلية للموازنة العامة، وأطلق تحذيراً بأن استمرار النهج الحالي للموازنة العامة سيضع البلد في مأزق حقيقي، واستعرض الوضع المالي للكويت في ظل سيناريوهات لأسعار النفط أسوؤها كان 75 دولاراً للبرميل، والذي يؤدي إلى استنزاف معظم احتياجاتها المالية بحلول عام 2030.
وأضاف أن أسعار النفط تدور اليوم حول 50 دولاراً، ولكم أن تتخيلوا انعكاسات ذلك على الوضع المالي للدولة.
وشدد على أن استمرار النهج الحالي في الاعتماد على النفط كمورد وحيد للميزانية، سيؤدي إلى مخاطر جسيمة، مشيراً إلى أن القيمة السوقية لشركة «فيسبوك» تصل إلى 400 مليار دولار، وهي تقارب حجم الصندوق السيادي للكويت.
ورأى المرزوق أن عدم وجود خطة تفصيلية طويلة الأمد لمعالجة الوضع المالي، ووضع تصور شامل يُحجم من الاعتماد على النفط كمصدر أساسي، يمثل ظلماً من هذا الجيل في حق الأجيال المقبلة، منوهاً بأن الكويت لم تنجح في إيجاد مصادر بديلة للدخل منذ سبعينات القرن الماضي، بل ازداد الأمر سوءاً على مدى الثلاثين سنة الماضية.
وتابع أنه لو قورنت نسبة النفط من إجمالي الإيرادات العامة، لظهر أنها كانت تمثل 86 في المئة عام 1989، واارعفت إلى 89 في المئة نهاية عام 2016 من إجمالي الإيرادات، وهذا نمط سلبي يؤكد عدم وجود توجه جدي لمعالجة هذا الخلل الخطير.
السعدون
من ناحيته، أشار الخبير الاقتصادي جاسم السعدون، إلى أن الكويت فيها مالية عامة وليس اقتصادا، لافتاً إلى عدم القدرة على الاستدامة في هذا الوضع، مستعرضاً المبادئ العامة للخروج من هذا الوضع.
وبين أن الأولوية هي إطفاء حريق المالية والتي من دونها لا ضمانة للمستقبل، لمواجهة ضرورات البشر، وهو ما يتطلب ضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي.
وقال إنه من بين الحلول الهامة وضع سقف ملزم للنفقات العامة عند نحو 16 مليار دينار، بإلغاء 90 في المئة من هيئات ومؤسسات ومجالس الطفرة النفطية، إلى جانب الوفر في هدر الإنفاق.
وأوضح أن هناك أولوية في الدخل المستدام وعدم الاعتماد فقط على النفط، موضحاً أن نعمة النفط تتركز في تراكم ما بين 500 إلى 600 مليار دولار للصندوق السيادي الكويتي، لافتاً إلى أن المطلوب هو توفير قاعدة للدخل المستدام بحدود تتراوح بين 9 إلى 10 مليارات دينار لتمويل 60 في المئة من الإنفاق.
ولفت السعدون إلى أنه رغم سوء الأحوال الاقتصادية، إلا أنه هناك قدرة على اتخاذ القرار الصحيح والسليم، مشدداً على أن المخاطر القادمة ستكون في غاية السوء إن لم يكن هناك قرار سليم، ومتوقعاً بلوغ سعر النفط مستوى 60 دولاراً للبرميل والانخفاض إلى مستوى 40 و50 دولاراً للبرميل.
العيار: إجراءات فاعلة لوقف الهدر
طالب نائب رئيس مجلس إدارة شركة مشاريع الكويت «كيبكو»، فيصل حمد العيار، بضرورة معالجة الاختلال الهيكلي في الاقتصاد الوطني، وبأن تكون آليات التطبيق موزعة على المراحل الزمنية المختلفة، سواء القصيرة أو المتوسطة والمدى الطويل، بحيث يمكن تلمس نتائجها سريعاً.
وشدد العيار على أهمية الذهاب باتجاه إجراءات فاعلة في وقف الهدر، قبل اللجوء إلى إجراءات ذات آثار اجتماعية، لافتاً إلى أهمية وجود رؤى حكومية تساهم في تعزيز الشراكة مع شركات القطاع الخاص، سواء لجهة دعم خططها التوسعية أو فتح آفاق جديدة أمامها.
الجلسة الثالثة بحثت إستراتيجيات الاستثمار والتمويل في ظل المتغيرات
السلمي: القطاع الخاص قادر على انتشال الكويت
شهدت الجلسة الثالثة من ملتقى الكويت المالي، التي أدارها مساعد المدير العام لشؤون تطوير الأعمال في هيئة تشجيع الاستثمار، محمد يعقوب، مناقشة إستراتيجيات الاستثمار والتمويل في ظل المتغيرات.
وأبدى نائب الرئيس كبير الاقتصاديين في مجلس المؤتمرات بالولايات المتحدة، بارت فان آرك، ملاحظات على الاستثمار طويل المدى أو الاستثمار الإنتاجي، لافتاً إلى تباطؤ سرعة النمو الاقتصادي على المديين القصير والمتوسط، وهو ما يتطلب النظر إلى 3 نقاط رئيسة، وهي الاستثمار، والعمالة، والإنتاجية.
وأشار إلى أن الاستثمار يدفع أكثر من غيره باتجاه النمو، وأن غالبية نسب النمو في 2006، كان دافعها الاستثمار، موضحاً أن العمالة والإنتاجية لم يحظيا بنصيبهما في النمو، إذ ان حصة الإنتاجية كانت 0.8 في المئة.
وبيّن أن الاستثمارات مرتبطة بالإنتاجية، فإذا انخفضت إنتاجية الاستثمارات الكبيرة ستتباطأ العوائد الحقيقية على الاقتصاد أيضاً، مبيناً أنه للمحافظة على استثمار جيد، يجب إيجاد ضرورة لنمو إنتاجية الاستثمار نفسه، خصوصاً وأن هناك استثمارات ليس لديها نفس إنتاجية قطاع النفط.
وكشف آرك أن الإبداع التكنولوجي يحسن ويعزز الإنتاجية في منطقة الخليج، وهو ما يدفع للتساؤل عما يمكن القيام به لتعزيز الإبداع التكنولوجي، ومؤكداً أنه لا بد للدولة لعب دورها لتعزيز الاستثمارات التي تراعي الإنتاجية.
وأكد أنه لا بد أن تكون التغييرات المطلوبة مقرونة بمؤشرات قياس، بالشكل الذي يسمح بمراقبة الأداء على كل الفترات الزمنية، خصوصاً وأن قياس التطور على المدى القصير يمكن من تحديد التدابير المطلوبة لتعقب الأهداف الاستثمارية وتقييمها.
السلمي
من جهته، قال نائب رئيس مجلس الإدارة في اتحاد شراكات الاستثمار صالح السلمي، إن القطاع الخاص قادر على انتشال الكويت من اختلالات الهيكلية العامة للدولة، ضارباً المثل بتكلفة استخدام عدد من العمالة، والتي تضاعفت عشرات المرات حال انتقالها إلى الحكومة.
ونوه بالأعداد الهائلة التي توظفها الدولة، مع عدم وجود خطة واضحة لديها لدعم وتنمية القطاع الخاص.
وأشار إلى أن «الاتحاد» تنبأ بأزمة 2008 قبل وقوعها، وطرح حلولاً تم استخدام الكثير منها في عدد من الدول المتقدمة، إلا أن صوته لم يظهر بقوة، لغلبة الجانب السياسي على الجانب الاقتصادي.
ولفت إلى أن دخل الفرد بأيرلندا في الثمانينات كان أقل من 1500 دولار، وقد فكرت في الحلول وتحولت إلي دولة خدمات لعدم وجود إمكانيات أخرى لديها.
وأوضح السلمي أن الكويت تشهد بطئا كبيراً في عمليات تسريع التنمية منذ فترة طويلة، مبيناً أن تجربته مع تأسيس الشركات منذ فترة طويلة، بحيث قام خلال 9 أشهر بتأسيس 4 شركات في دبي مقابل تأسيس شركة واحدة في الكويت
الكندري
بدوره، استعرض مستشار بنك بوبيان، الدكتور فايز الكندري، الإصلاحات المطلوبة لجعل سوق الاستثمار جاذباً، موضحاً أن الكويت لديها تخمة تشريعية، وأن العيب ليس في التشريعات، ولكن في تنفيذها ومتابعتها بالشكل المطلوب.
وذكر أن الكويت أصدرت خلال السنوات الأخيرة عدداً من التشريعات المهمة، مثل قانون هيئة أسواق المال، والخصخصة، والشركات الجديد، والاستثمار المباشر، والتعاملات الإلكترونية، والملكية الفكرية، وهي تشريعات تجاوزت العراقيل للوصول إلى المناخ المناسب.
وأكد الكندري أن الكويت لديها استعجال شديد في إصدار التشريعات للوصول إلى هدفها، ومسايرة المستجدات، مشدداً على ضرورة التأني في إصدار التشريعات حتى تؤتي ثمارها المطلوبة.
ولفت إلى وجود تشريعات لم تعدل أو تتغير، ومنها ما صدر لظروف معينة انتهت ولم يعاد النظر فيها، مثل قوانين التجارة مادة (23) و(24) ما جعل غير الكويتي غير قادر على مباشرة نشاطه دون شريك كويتي يمتلك 51 في المئة من النشاط، وكذلك الشركات الكبرى التي لا تعمل إلا من خلال وكيل محلي، مبيناً أن الفرصة مناسبة للنظر في تلك النصوص.
ونوَّه الكندري بقانون الاستثمار المباشر وما استطاع من تحقيقه في هذا الشأن، إذ سمح للشركات الاجنبية بأن تكون شركة كويتية بنسبة 100 في المئة، ولكن في نطاق محدود.
وأمل الكندري إقرار قانون جديد للإفلاس والإعسار ضمن مفهوم آخر للإفلاس والإعسار، مسلطاً الضوء على قانون المرافعات والمحاكم في ظل الزخم الذي تعيشه، وموضحاً أن المستثمر يريد إجراءات قضائية سليمة وسريعة ما يجعل التوجه نحو التشريعات الحديثة مثل التحكيم مطلوباً، وهو ما أجازه قانون الاستثمار المباشر والشراكة.
ولفت إلى أن قانون ضمان الودائع الحكومية فريد في دول العالم، وإلى أن الأزمة المالية انتهت ويجب إعادة النظر فيها لخلق بيئة تنافسية بين البنوك والشركات.
واعتبر أن السماح للبنوك الاسلامية بالتعامل بالسكن الخاص، ومنع التقليدية والشركات من ذلك، أمر غير منصف.
وأشار الكندري إلى أن الهيئة العامة للرعاية السكنية لا تستطيع إنجاز المشاريع الإسكانية منفردة، وأنه لا بد من إشراك القطاع الخاص، والسماح للبنوك بالتمويل.
ورأى أن القانون يحقق معادلة ممتازة، ويدير العجلة الاقتصادية، متمنياً وجود تشريع خاص لمحكمة اقتصادية، فهي ليست بدعة.