د. وائل الحساوي / نسمات / هذا هو وقت التفاؤل

1 يناير 1970 01:32 ص
الإحباط والارتباك هما عنوان تلك المرحلة، فالكل متضايق والكل خائف مما قد تؤول اليه الأمور، فالعالم ينهار اقتصادياً وأسواق المال تتدهور والبورصات تتوالى خسائرها، والبلاد تشهد تجاذبات سياسية مؤلمة وصراعاً ظاهراً أو خفياً بين «هوامير» سوق المال، وبين المجلس والحكومة، وبين أطراف في المجلس في كل مجال: في الرياضة والبورصة والمناصب الوزارية، وبين ابناء الاسرة الحاكمة وهكذا.
ان ما نحتاج اليه هذه الايام بالفعل هو التهدئة والتفاؤل والبعد عن الشد والجذب والمحافــــظـــة على النظام العام، والتمسك بقيادة البلد ووحدته، كما فعلنا أيام الغزو العراقي الجائر على بلادنا، لذا فإني أرى بأن طرح مواضيع مثل استجواب رئيس مجلس الوزراء في هذا الوقت العصيب هو جنون بكل معنى الكلمة مهما كانت دوافعه، وهو يخضع لأجندات وحسابات تختلف تماماً عن حسابات العقل والواقع.
أتمنى من الحكماء في البلد أن يسعوا لتوجيه الناس الى الطريق الأمثل للتعامل مع تلك الأزمات الطارئة وأن يطمئنوا قلوبهم ويزرعوا فيهم روح الأمل والتفاؤل، لا سيما المشايخ والدعاة الى الله تعالى والمفكرين والتربويين، ويكفي أن ندرك بأننا لسنا الوحيدين المتضررين من تلك الأزمات ولسنا الأكثر تضرراً، وقد مرت بنا محن وفتن أكبر بكثير من تلك الأزمة فتجاوزناها بفضل الله تعالى ومنته وخرجنا منها أقوى وأشد صلابة.
إن جلد الذات الذي يتفنن به البعض منا تلك الأيام وتوزيع الاتهامات - كما تفعله بعض الصحف اليومية - هو أسوأ ما في الأمر وهو يولد الكراهية والبغض بيننا ويشتت عقولنا عن التحرك السليم والمعالجة الصحيحة للأمور ويمزق مجتمعنا ويفرق كلمتنا. دعونا على الاقل نستذكر الأيام والليالي الجميلة التي عشناها قبل شهر فقط في رمضان حيث كانت النفوس صافية والقلوب مطمئنة والمحبة منتشرة وصوت القرآن يعلو على كل صوت.
أخيراً فإن لي كلمة أود توجيهها للحفّاي (أصحاب الدخول المحدودة) ومن فوقهم، وأرجو ألاّ يزعل مني الكبار، فأقول لهم: لماذا أنتم حزينون على ما يجري من حولكم؟ فقد يكون في ذلك أبواب خير كثيرة لكم منها:
أولاً: أنتم لا تعرفون البورصة ولا تتعاملون فيها، فما خوفكم على اضطرابها ونزولها؟ كما ليس لديكم شركات تخافون خسارتها.
ثانياً: رواتبكم مضمونة بإذن الله من الحكومة ولن تتخلى عنكم مهما حصل.
ثالثاً: النزول الحاد في أسعار الأراضي وفي كثير من السلع هو نعمة لكم، وقد كان سعر العقار مبالغاً فيه عشر مرات بسبب الاحتكار والمضاربة، والآن فقط بدأ الموظفون يفكرون جدياً في شراء عقار وبيوت لهم ولأهليهم.
رابعاً: قبل أقل من عام ونصف العام كان سعر النفط أقل مما هو عليه الآن، وقد وضعنا ميزانية الدولة بحيث تكفي لسد جميع احتياجاتنا، فما المشكلة في الرجوع الى ما كنا عليه، علماً بأن هذه الفترة موقتة والنفط لابد أن يرتفع من جديد بإذن الله.
خامساً: بإمكاننا الآن استغلال الأوضاع المالية لشراء أسهم شركات رابحة وعملات نزلت أسعارها وغيرها، وهي فرص لم تتوافر سابقاً.
سادساً: لعل في ذلك درساً لنا أهل الكويت لنعلم أن النعمة زائلة وكذلك لنحسن التخطيط بدلاً من حالة التخبط التي عشناها خلال السنة الماضية والتفكير بتبديد الفوائض المالية بأي وسيلة، فرب ضارة نافعة.
سابعاً: الآن يسهل علينا محاسبة المسؤولين عن تردي أوضاعنا المعيـــشية وملاحقة «بلاعي البيزة» بينما وقت الرخـــاء الكــــل مســــتور فالخير كثير كما قال الإمام الشافعي:
يغطي السماحة كل عيب
وكم عيب يغطيه السخاء
د. وائل الحساوي
[email protected]