رواق
المقال وفاتنا
| ريم الميع |
1 يناير 1970
02:27 م
أستيقظ من النوم مذعورة من اتصال مسؤول الصفحة الأخيرة في «الراي» الذي نادراً ما يتصل فأكثر ما اعتاد أن يفعل يرسل رسالة يسأل فيها أين المقال؟، لكنه هذه المرة اتصل قرابة الثالثة فجراً لدينا وكانت الثالثة ظهراً لديه لأستوعب بعد أن شاهدت الاتصال بعد نحو أربع أو خمس ساعات أنني خارج الزمان والمكان.
أدى تواجدي خارج البلاد إلى تغيير التوقيت الذهني لموعد مقالي فسقط سهواً بطريقة تشبه الجزاء من جنس الاستنكار، فلطالما استنكرت قيام كبار كتاب الأعمدة بالاعتذار عن كتابة مقالاتهم نظراً لتواجدهم خارج البلاد لأن الكتابة في نظري فعل وانفعال وتفاعل لا يرتبط بمكان وزمان.
وها أنا أقع في شر أعمالي فأحاول أن أستدرك ما فات كي لا يفوتني المقال وأحاول أن أسجل على الكيبورد موقفاً إزاء قضية ما لا يخذلني فيها الذين أدافع عن موقفهم بتراجعهم عنه فلا أَجِد فكل ما حولي من سياسات وقرارات تنفذ على نحو بيت النواب: كلنا قد تاب يوما ثم ألفى نفسه قد تاب عن ما تاب... كلنا مدع كذاب والكلام هنا ما زال للنواب وهو بالمناسبة الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب لا النواب في مجلس الأمة الكويتي تاب منهم من تاب عن ما تاب... الله يتوب عليهم.
وتب علينا يارب من عيَّاب وقف عند الباب فأجبرني على التوقف عن الكتابة لدواعي السفر مثل كبار الكتاب إياهم، فعندما وجدت نفسي أقف على طرف الكرة الأرضية بيني وبينكم أبحر وجبال لا يصلني بها منكم الا أصداء نشاز: جنسية تمنح وجنسية تسحب وجنسية تزور ليصبح نقاش التجنيس أكثر من مناقشة المشاكل الجنسية، وربما بالعقلية نفسها وأعني هنا ما تعنيه الدكتورة فوزية الدريع في طرحها لإطار المواطنة التي لا ترتبط بالوطنية في مفهومها الواسع.
ومن مفهوم الوطنية إلى مفهوم الديموقراطية غير المفهوم في مجتمع مهاجر هجرات متعددة الأزمنة والأمكنة استحدثها ليمارس من خلالها وباسمها نائب في البرلمان حقه الديموقراطي بعدم رغبته بالجلوس إلى جانب زميلته التي تُمارس حقها الأنثوي بالتعطر فيتهمها بالاسترجال... يا جماعة ركزوا شوية عشان أركز معاكم وأفهمكم.
وقبل أن أفهم شيئاً أو أعرف حتى نوع العطر قبل أن ينفد من الأسواق تذهب الجريدة إلى الطباعة ويذهب مقالي إلى أدراج اللابتوب ليغيب لأغراض الإجازة وفرق التوقيت وأشياء أخرى ليس من بينها الإعلان الذي «يمون» على المقال وكاتبة المقال التي لم يلحظ غيابها أحد.
وأواسي نفسي بأنني لم أغب، وأعود للنوم مرددة مع راشد بتغيير بسيط «المقال وفاتنا والمسافر راح».
reemalmee@