ضوء

الحكم الملكي في العراق (1)

1 يناير 1970 06:10 ص
لم أقف يوماً مع حكم الملوك، ولا مع الجمهوريات الدينية، ولا مع حكم العسكر... لكني أقف دوماً مع حكم العدل والحرية مهما اختلفت المسميات.

ولم أؤيد حزب البعث يوماً، لكن ما قام به الأميركيون بحق العراق وشعبه، من أفعال، يندى لها الجبين، ومن أبسطها سرقة القصر الملكي الذي بدأ تشييده في عهد الملك فيصل الثاني، وتمت توسعته وافتتاحه العام 1965، ليكون مقرا رسميا لرئاسة الجمهورية، وجاء الأميركيون عام 2003 ليسرقوه ويحولوه إلى مقر سفارتهم في بغداد!

تتفاوت الآراء بين العراقيين على الحكم الملكي بين مؤيد ومعارض، لكن الغالبية تجمع على أنه كان من أزهى العصور وأكثرها استقرارا ونهضة.

تناوب ملوك ثلاثة على المملكة العراقية الحديثة منذ 1921 وحتى 1958، فقد حكم الملك فيصل الأول منذ 1921 إلى 1933، وبعده ابنه الملك غازي حتى 1939، وأخيرا الملك فيصل الثاني حتى 1958.

ويتوقف المرء عند حوادث اغتيال الملوك الثلاثة بكل شك وريبة. فالملك فيصل الأول مات مسموما في سويسرا وهو في الخمسين. وقتل الملك غازي في حادث سيارة غامض وهو في السابعة والعشرين. أما فيصل الثاني فقُتل هو وجميع أفراد أسرته بالرصاص إثر الانقلاب العسكري وهو في الثالثة والعشرين.

وفي 1932 استقل العراق عن بريطانيا، ودخل مع الأردن في الاتحاد الهاشمي العربي، وقد قامت بالانقلاب على الملكية مجموعة من الضباط بقيادة عبدالكريم قاسم في 14 يوليو 1958.

في مؤتمر القاهرة عام 1921 قرر تشرشل رئيس وزراء بريطانيا آنذاك، تقسيم الولايات العربية وفصلها عن بعضها البعض، وجاءت ثورة العراق ضد المحتل البريطاني 1920، بعدها أصدر بيرسي كوكس المندوب البريطاني، أمره بتشكيل المجلس التأسيسي لحكومة عراقية وتنصيب الملك على العرش، وكان من أعضاء المجلس نوري السعيد ورشيد الكيلاني وجعفر العسكري وياسين الهاشمي، وانتخبوا الكيلاني رئيسا للوزراء، وتوج الملك فيصل في 23 اغسطس 1921، وكان الصراع بين التيار الوطني الذي يقف ضد السلطة العثمانية وضد التدخل البريطاني، وبين التيار الآخر الذي يؤيد ارتباط العراق مع بريطانيا.

وكانت أهم أهداف الملك فيصل الأول إعادة الوحدة مع الولايات العربية المنفصلة، وجاء بعده ابنه الملك غازي الذي واصل سياسته ضد النفوذ البريطاني وضد هيمنة المحتل على النفط والآثار، وبسبب هذه الروح الوطنية تم تدخل الجيش البريطاني واسقاط حكومة الكيلاني عام 1941.

وبعد خروج بريطانيا تولى نوري السعيد رئاسة الوزراء، وتم تنصيب عبدالاله الهاشمي خال الملك وصياً على العرش، بسبب صغر سن الملك فيصل الثاني، الذي تولى الحكم عمليا عام 1953، وقُتل في 1958. ويبدو أنه في عهد نوري السعيد تمت سيطرة التيار الموالي لبريطانيا، ما تسبب في تشكيل حلف بغداد ودخول المعونات العسكرية الأميركية إلى الجيش العراقي، وتم إعلان الاتحاد العربي العام 1958، لكن حدث الانقلاب، وخرج العراق من حلف بغداد، وقُتل الملك وأسرته بأوامر مجهولة حتى اللحظة.

الشريف حسين بن علي الهاشمي، والد الملك فيصل الأول، هو من أعلن الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين بدعم من بريطانيا عام 1916... وللأسف تمكنت قواته من تفجير سكة الحديد بمساعدة ضابط المخابرات البريطاني لورنس العرب، فالإنكليز دهاة العالم، وقفوا مع العرب ضد العثمانيين ليس حبا، وأول ما خططوا له كان تفجير السكة الحديدية، لأنها طريق الترابط بين الولايات العربية وطريق التواصل بين الثوار، وتم طرد الجيش العثماني من كل الحجاز، بعد أن كان يهيمن على أنفاسنا 400 عام، لكن جاء الإنكليز ليقبعوا على صدورنا ويمتصوا دماؤنا أكثر، والبعض يستمتع بتزيين صورة المحتل العثماني أو الإنكليزي أو المحتل الحالي. لكن كلهم سواء، هدفهم واحد محدد، خدمة مصالحهم، وإن أردنا أن تقوم لنا قائمة كأمة عربية، علينا أن يكون لنا نحن العرب أيضا شعوبا وأنظمة، هدف واحد واضح ومحدد، ألا وهو خدمة مصالحنا، لا كزعماء، بل كأمة عربية واحدة، فمتى يحين الأوان؟

[email protected]