رواق

المرأة الأوكورديون

1 يناير 1970 12:35 م
مع اقتراب فصل الصيف أو بدئه فعلياً بدأنا في تلمس الفرق بين دخول الشتاء وخروجه، وهو فرق كبير وثقيل بثقل تلك الكيلوغرامات التي ندخلها معنا إلى مفرمة الريجيم غير الرحيم، وريجيم هذا العام مضاعف تحسباً لرمضان وهو شهر يحمل معه نفس مفعول الشتاء وربما أكثر.

بين الشتاء ورمضان تتمدد أجسادنا كالأوكورديون، وعذر السمين في رمضان وبعد رمضان يعود إلى المجاعة، ثم يليها «شفاحة» وهكذا دواليك ننكمش ونتمدد مثل الأوكورديون في مقطوعة نشاز، لم نكن نحن الذين رضينا بالنحافة، ولم نكن نحن الذين رضينا بالسمنة، وليس نحن الذين فضلنا الثياب على الأكل، ولا نحن الذين اكتفينا بما لذ وطاب عن أحدث صيحات الفاشن، بل تنقلنا بين البين كلاعب سيرك محترف عين في المطاعم وعين في متاجر الأزياء غير قادرين على مسك العصا من المنتصف في سلوك حضاري يستقر على وزن وبنية واحدة سمينة كانت أم رفيعة.

نموذج المرأة الأوكورديون الذي يعانيه معظمنا إن لم يُكن كلنا يسبب تذبذباً في الحياة كما تذبذب الوزن والأمزجة والسلوك اليومي، ناهيك عن الأكل العاطفي أو الشراهة الناتجة عن خذلان، وهذا بحد ذاته قضية أخرى، وكم نحن في حاجة إلى سلوك حياة أكثر استقراراً يبدأ بأوزاننا ولا يتغير مع تغير الطقس، فننحف صيفاً بمجهود حربي تنسفه سمنة الشتاء كقنبلة نووية.

نحن معشر النساء تحديداً بحاجة إلى وعي أكبر في اللياقة البدنية والتغذية الصحية، وتثبيت الوزن أكثر من تنحيفه العشوائي والموسمي بما يشبه قانون نيوتن عن رد الفعل الذي يساويه في المقدار ويخالفه في الاتجاه.

فالمرأة الأوكورديون تتحول إلى عود «كمنجة» غزلاً و«دنبك» شتماً ولا محل للرجل من الإعراب في المعزوفة الموسيقية البدنية بحسب نظرة المجتمع الذي يرى الرجل بلا كرش كالملك بلا عرش، ولنعترف أن منظر رجل سمين وامرأة نحيفة لا يؤذي البصر بقدر أَذى منظر امرأة سمينة ورجل نحيف.

لست أجلد بنات جلدتي وأنسى نفسي فكلنا في «الهوى سوى» وكلنا في الهم... أوكورديون.

reemalmee@