فعلاً... هناك فرق!

1 يناير 1970 01:52 ص
الفكر السليم الاستثماري لأي مؤسسة لاشك انه يبدأ من القدرة على تسخير الطاقات الكامنة و«اللا كامنة»، من أجل التطوير والإبداع والتنمية بشرط وجود الضمير الحي.

لكن للأسف الاحباط وعدم البحث الفعلي عن فنية الجودة الفعالة، هما السببان الأساسيان لجريان التنمية إلى منعطف رتيب.

فالطاقات «اللاكامنة» حوربت، والطاقات الكامنة أحبطت... ومع دوران هذا المنزلق الخطير، فالإصلاحات أصبحت مجرد هتافات وأحلام وردية مدونة ومهمشة في أدراج المسؤولين... يعني بالمختصر المفيد... حبرا على ورق.

فإعمار الفكر والوعي لأي مجتمع يحتاج إلى جهد ثقافي متعاقب... فهو من أشد أنواع الإعمار قدرة على البقاء ومقاومة التغيير، مع وجود فنية إبقاء هذا الفكر ضد عواصف الفساد، فهذه الأمور لا تكتمل إلا بوجود القيادة الفعلية القادرة على الإدارة وتحفيز العمل... لكن للأسف عندما يعتلي المتسلقون القيادات العليا وبأيدهم فنية الإدارة وهم غير قادرين بالأساس على إدارة الجودة الفعلية لأي مؤسسة... فماذا سيكون الأمر؟! ومع إحباط كوادر العمل واتهامهم بالفشل... والبحث عن الأخطاء والزلات تحت ميكرسكوب الظلم.

فالخطأ وارد، ولكن تضخيم الأخطاء وبلورتها لصالحهم وفِي بعض الحالات خلق الأخطاء وإثارة الفتن والوشاية... قمة الظلم، فالظالم هو فقط من يمتلك المبررات الارتكازية الآيلة للسقوط حتى تنهار السقوف والبحث في ما بعد عن السبب في أي شيء لأي شيء.

ولكن الطامة الكبرى هتاف المرؤوسين لهذه الفئة الضالة من الرؤساء والنتيجة النهائية والمتوقعة سقوط الجميع في ما بعد في شر أعمالهم... واختلاط الحابل بالنابل.

فلقمة العيش وتسلق المراكز الريادية تنسيهم كل شيء، حتى الضمير يقهرونه ويحاربونه بأبشع صور الظلم، لأن سبب منشأ المجتمعات النامية، هو تبلد الضمير والفكر، فهما توأم الفساد الفعلي الذي نعاني منه بالفعل.

فاستثناء الجهود الفعالة والاعتماد على الواسطة والمحسوبية ومحاربة العظماء والقوقعة في جدران الفساد الإداري لأجل مسمى، هي السمة السائدة في هذه المجتمعات، ومن ثم تحول المجتمع بأسره إلى مجتمع يلهث خلف الواسطة والمحسوبية لأن من يتبع هذا النهج سيكسب بالنهاية تحت مقولة «العصبة الضالة»، بينما في المجتمعات المتقدمة تسخير الإحساس بالآخرين وتشييد الضمير، الذي هو حجر الأساس، وتوظيف الفكر تحت خطة مستقبلية متعاقبة بأيدي مشيدين وإعماريين وأصحاب فكر ومحاسبة العمل بتقنيات وجودة عالية... وتفعيل القانون مع بيان مواطن الخلل والقصور والعلاج سريعاً... وفِي الأغلب الوصول إلى أي خلل قبل حدوثه... واختصار المسافات الكبيرة وتقليصها واقتناء الفائض من الإنتاج الجبار في تشييد إعمار آخر وهكذا.

فإذا بحثنا عن الفرق... فهذا هو الفرق فمن يمتلك الضمير يمتلك كل شيء.

* كاتبة واستشارية نفسية كويتية