اجتهادات

الديوان الأميري مرة أخرى!

1 يناير 1970 07:55 ص
انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي أثناء الاحتفالات بالأعياد الوطنية، مقطع يوضح أحد المشاريع الجديدة التي يزمع الديوان الأميري القيام بها على الأرض الواقعة في الساحة المقابلة لمجمع الأوقاف ووزارة الداخلية على مساحة تصل إلى أكثر من 230 ألف متر مربع. وسيحمل المشروع اسم مركز صباح الأحمد المالي والتجاري.

ويبدو أن قطار مشاريع الديوان الأميري يسير بسرعة البرق، فجميعنا تابع إعلانات الديوان المستمرة والمتعلقة بإطلاق مشاريع مهمة وحيوية، بعضها تم الانتهاء منه، ومنها حديقة الشهيد ومركز جابر الأحمد الثقافي ومجمع محاكم الفروانية والجهراء ومشروع مستشفى الجهراء الجديد ومركز عبدالله السالم الثقافي وغيرها، علما بأن تكلفة تلك المشاريع وصلت إلى أكثر من نصف مليار دينار! وهذا ربما ما يفسر سبب ارتفاع ميزانية الديوان الأميري بنحو تسعة أضعاف عما كانت عليه قبل 15 عاماً!

ولكن يبقى السؤال المهم، هل هذا هوالدور الحقيقي للديوان الأميري؟

من المعروف أن الديوان الأميري هو رمز السيادة في الدولة، وأنه المقر والمركز الدائم للحكم في البلاد، هذا من جهة، أما من الجهة الأخرى، فإن الأمير وفقا للمادة 56 من الدستور، هو من يعين رئيس الوزراء والوزراء وهو من يعفيهم من مناصبهم، وهم مسؤولون عن السياسة العامة للدولة، ويُسأل كل وزير عن أعمال وزارته وفقا للمادة 58، علماً بأن الأمير يمارس سلطاته بواسطة وزرائه وفقا للمادة 55، وكل هذا وذاك يوضح بما لا يترك مجالا للشك، بأن ما يحدث ليس من صلب اختصاصات الديوان الأميري.

ولذلك، فإن خلق جهاز موازٍ ينافس وزارات ومؤسسات الدولة المختلفة، أوصل رسالة واضحة وصريحة للشعب، تأكد فيها سوء وضعف إنجاز تلك الجهات في تنفيذ المشاريع، وتبين فيها حجم الخلل في قدرات وإمكانات الجهاز التنفيذي، وعدم قدرته، أو ربما رغبته، فمن يدري!، على حل هذه المعضلة، هذا بالإضافة إلى تلمس الديوان حجم رغبة وشغف المواطنين إلى أن تعود الكويت إلى ما كانت عليه سابقا! وهو ما عجزت السلطة التنفيذية عنه وبكل بساطة!

باعتقادي الشخصي أن الاستمرار على هذا النهج أمر خطير جدا. فرغم أن الجميع يدرك أن الروتين والبيروقراطية وصعوبة اتخاذ القرار والخوف من المواجهة السياسية وسوء وبطء التنفيذ، كلها ساهمت في تعطل المشاريع وعجز الوزارات المعنية عن تحقيق الإنجاز المطلوب، بالإضافة إلى تلمس الجميع أن واقع الحال لا يسمن ولا يغني من جوع، إلا أن ذلك لا يعني أن يتم أخذ صلاحيات واختصاصات الوزراء والوزارات.

كل ما أتمناه هو أن ينأى الديوان الأميري بنفسه عن القيام بهذه الأعمال التنفيذية، والتي يجب أن تتم وفقا للدستور والقانون من خلال الوزارات المعنية، وذلك حتى لا نصل إلى مرحلة المحاسبة السياسية نظراً لحساسية الموضوع ولمكانة الديوان والمقام السامي في قلوب الكويتيين، خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار ملاحظات ديوان المحاسبة السابقة التي تم رصدها على المشاريع التي تم تنفيذها من خلال الديوان الأميري، كضعف الجهاز الفني وعدم الدقة في تقدير التكاليف وعدم توافر الدراسات التي تؤكد الحاجة لمثل هذه المشاريع وزيادة التكاليف الفعلية عن التكلفة المتعاقد عليها وكثرة الأوامر التغييرية وغيرها من الملاحظات.

ختاما، من المعيب حقاً أن نواب الأمة الذين يفترض بهم أن يكونوا أول من يدافع عن دولة الدستور والمؤسسات ويتمسكون بتطبيق القانون ويحاسبون المقصرين من الوزراء، هم أول من يدعون إلى تحويل مشاريع الدولة إلى الديوان الأميري بحجة سرعة ودقة الإنجاز! فيا عجبي!

Email: [email protected]