الهاجري يدق ناقوس الخطر حول «النووي الايراني»: «بوشهر» ينطوي على كوارث بيئية جسيمة

1 يناير 1970 12:23 م
اكد رئيس جماعة الخط الاخضر البيئية خالد الهاجري ان مفاعل بوشهر النووي الايراني ينطوي على مخاطر بيئية جسيمة، قد تعرض منطقة الخليج إلى ما لا تحمد عقباه إذ ان ايران من اكثر دول العالم تعرضا للزلازل ولا يؤمن تحمل المفاعل للانزلاقات الارضية، كما ان مياه الخليج ستتعرض للتلوث الاشعاعي وبالتالي تلوث مياه الشرب المحلاة، مشيرا إلى ان ايران غير قادرة على مواجهة الكوارث المتعلقة بالمفاعلات النووية لقلة خبرتها في هذا المجال، لافتا إلى المخاطر المحدقة بالكويت عند حدوث ذلك إذ انها لا تبعد سوى 277 كيلو مترا عن ايران والحكومة لا تملك اي خطط فعلية لمواجهة هذه الكوارث.
جاء ذلك في مقال للهاجري في مجلة آراء الصادرة عن مركز الخليج للابحاث.
وقال الهاجري: «يبلغ انتاج ايران النفطي 3.55 مليون برميل يوميا مما يجعلها تأتي في المرتبة الثانية بعد المملكة العربية السعودية، وتمتلك احتياطيات نفطية مؤكدة تقدر بـ 89.7 مليار برميل، اي ما نسبته 8.7 في المئة من اجمالي الاحتياطي النفطي العالمي، وتحتل المرتبة الثانية عالميا باحتياطيات ضخمة من الغاز تقدر بأكثر من 25 تريليون متر مكعب، بالاضافة إلى تميزها بمصادر طاقة متجددة قلما تجتمع في دولة واحدة وهي «طاقة الرياح والطاقة الشمسية وطاقة الانهار» ووصولها إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي لمصادر الطاقة بسبب ضخامة احتياطياتها من النفط والغاز والموارد الطبيعية».
واضاف «واذا كانت اقامة مشاريع طاقة من هذه الموارد غير مكلفة ومأمونة الجانب مقارنة باقامة مفاعل نووي يحتاج الى مئات المليارات وتشوبه العديد من المخاطر البيئية والامنية والتكنولوجية والسياسية والاقتصادية وفي ظل التجاذبات الشديدة على الساحة الدولية حول رغبة ايران في الاستمرار في برنامجها النووي وتخصيب اليورانيوم في محطة بوشهر النووية، فإن هناك سؤالا يتبادر للذهن حول الاصرار الايراني على اقامة مفاعل نووي تدعي انه لانتاج الطاقة رغم ثبوت عدم حاجتها اليه».
مآسي النووي
وأوضح ان «سجل الطاقة النووية عسكريا كان ام مدنيا يعتبر حقلا ممتلئا بالمآسي الموجعة التي حفرت معالمها في وجدان الانسانية والتي ادت إلى ان تعيد الدول النووية النظر في جدوى التوسع في بناء واستخدام المفاعلات النووية في المجالات المدنية والعسكرية، حيث لم تمنع القدرات التكنولوجية والاقتصادية من وقوع الكوارث في هذه المفاعلات، فرغم ان الولايات المتحدة الاميركية تملك قدرات تكنولوجية واقتصادية جبارة جعلتها تحتل المركز الاول عالميا في عدد المفاعلات النووية المخصصة للطاقة الا ان ذلك لم يمنعها من ايقاف انشاء المزيد من المفاعلات النووية بعد حادثة (Three Mile Island) التي وقعت في مارس 1979، واوقفت الولايات المتحدة بأكملها على اعصابها حيث كادت تتحول تلك المنطقة إلى هيروشيما جديدة، حيث ادت تلك الكارثة إلى ايقاف عشرة مفاعلات نووية عن العمل بيد انها لم تمنع (رعب الكوارث النووية) من السيطرة على سكان الولايات المتحدة الاميركية، فلا يزال هناك اكثر من 100 مفاعل نووي تحت الاستخدام تنتظر ان ينظر في امرها».
وقال الهاجري: «واذا كان هذا حال الولايات المتحدة الاميركية التي تميزت في عصر التكنولوجيا فماذا سيكون عليه حال جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة خاصة وان العالم لا يمكن له ان ينسى كارثة محطة (تشرنوبيل) التي وقعت في جمهورية اوكرانيا السوفياتية السابقة في ابريل من عام 1985 والتي تسببت في مقتل الآلاف خلال السنوات التي تلت الحادثة، كما ادت الى اجلاء اكثر من
135 نسمة من مساكنهم ومدنهم حتى ان مدنا بأكملها اختفت من الخريطة وكأنها لم تكن شيئا؟، وترجح التقارير الحديثة بان ما بين خمسة إلى سبعة ملايين نسمة تضرروا بشكل او آخر جراء كارثة تشرنوبيل التي تركت اثرا عميقا على السياسات الدولية ازاء هذا النوع من انواع الطاقة لا سيما على بعض الدول الاوروبية».
وتابع «كانت ألمانيا في مقدمة الدول الاوروبية التي اعلنت تخليها عن استخدام الطاقة النووية، حيث جرى اغلاق 19 محطة نووية واقفلت السويد مفاعلها الاول كجزء من خطة للتخلي عن الطاقة النووية نهائيا وفرضت سويسرا واسبانيا حظرا على انشاء مزيد من المفاعلات، اما بريطانيا فقد وضعت جدولا زمنيا لاقفال عدد من المفاعلات القديمة التي تنتج نحو 8 في المئة من الطاقة الكهربائية كما وضعت بجليكا خطة طويلة الاجل لايقاف سبع محطات نووية عن العمل، اما ايطاليا فتجري عملية مراجة شاملة وواسعة النطاق لمستقبل الطاقة النووية هناك».
وحول المخاطر المحتملة من مفاعل بوشهر النووي الايراني قال الهاجري ان اول هذه المخاطر هي الزلازل النووية حيث «تصنف الامم المتحدة ايران باعتبارها واحدة من اكثر الدول المهددة بالزلازل سواء من حيث القوة او العدد او عدد الخسائر البشرية، ويشير السجل الزلزالي إلى تعرضها لزلازل مدمرة تعد من اقوى الزلازل في العالم، كما انها تعد من انشط المناطق زلزاليا».
وكان الزلزال الذي ضرب مدينة (بام) في ديسمبر 2003، قد اودى بحياة 30 الف شخص، ويؤكد الخبراء ان ايران تتعرض لزلزال ضعيف بصفة شبه يومية.
ومن خلال التاريخ الايراني الحافل بالزلازل فان الشكوك تحيط بمدى استيفاء المفاعل الايراني للمتطلبات الخاصة بالمنشآت النووية، من حيث الطبيعة الزلزالية لموقع المفاعل وخصائصه الجيولوجية وقدرة المفاعل على تحمل الانزلاقات الارضية».
تلوث مياه الخليج
واضاف اما ثاني المخاطر فهو تلوث مياه الخليج حيث يعتبر الخليج المورد الرئيسي لمياه الشرب (المحلاة) لكافة الدول المطلة عليه، كما يعد من اكثر خلجان العالم تلوثا حيث تمر فيه المئات من ناقلات النفط يوميا حاملة ما يقارب 15 مليون برميل من النفط، وتطل عليه العديد من المصافي والمصانع النفطية التي لا تنطبق عليها ابسط الشروط البيئية، يضاف إلى ذلك بطء تجديد الخليج لمياهه والتي تحدث كل ثلاث سنوات في احسن الاحوال».
وقال «واذا علمنا ان التقارير تؤكد عدم قدرة محطات تحلية المياه في منطقة الخليج على نزع بعض الملوثات من المياه المحلاة ما يدفع المسؤولين عن هذه المحطات إلى حقن كميات اضافية من المواد الكيميائية المطهرة (الكلور مثلا) لضمان سلامة المياه فكيف لها ان تواجه الملوثات الاشعاعية التي قد تصاحب المياه المستخدمة في تبريد الوحدات الاشعاعية داخل المفاعل خاصة وان هذه المياه تخرج وقد تجاوزت درجة الغليان ما يجعل لها تأثيرا خطيرا على التركيبة الكيميائية والفيزيائية لمياه الخليج وان لم تكن ملوثة اشعاعيا فانها تبقى ملوثة حراريا؟ واذا علمنا ان مياه الخليج ستتأثر بشكل كبير بمجرد ان يبدأ المفاعل الايراني بالعمل فهل تتسبب ايران بمفاعلها النووي باشعال فتيل حروب المياه بين الدول المنطقة لتأمين حاجة شعوبها من المياه بعد ان تتسبب ايران بتدمير الخصائص الحيوية للخليج؟».
النفايات النووية
وزاد الهاجري «اما الخطر الثالث المحتمل فهو النفايات النووية حيث لم تستطع اي دولة من دول العالم النووية ان تعالج نفاياتها، ولم تستطع ايضا التكنولوجيا ان تعثر على وسيلة مناسبة وآمنة للتخلص من النفايات النووية، ويستعاض عن ذلك بدفنها في حاويات خاصة في اعماق الارض، الامر الذي ادى إلى تحويل العديد من مناطق جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق وبعض الدول الاوروبية إلى مرادم للنفايات النووية، وقد ثبت ان التجهيزات الخاصة التي تتم لهذه النفايات غير قادرة على الاستمرار بحفظ هذه النفايات على المدى البعيد مما يهدد باختلاطها بالمياه الجوفية ومن ثم وصولها إلى الانسان».
وفي حالة المفاعل الايراني فان «روسيا تستعيد فقط الوقود النووي بعد استخدامه، وتترك لايران ما يتبقى من نفايات مشعة، الامر الذي قد يؤدي بالحكومة الايرانية إلى اقامة مرادم للنفايات النووية ما ينتج عنه تعرضها لمخاطر الزلازل والانزلاقات الارضية».
وختم الهاجري بالــــقول: «تشير الدلائل إلى ان ايران غير قادرة على مواجهة اي نوع من انواع الكوارث المتعـــلقة بالمفاعلات النووية لقلة خبرتها، يضاف إلى ذلك ان الخبرة العالمية في هذا الموضوع بسيطة ومحددة لان الكوارث النووية لاتمهل البشر للتفكير في كيفية مواجهتها».
واذا كان هذا حال ايران بما تملكه من قدرات، فكيف الحال بالكويت التي تبعد عن المفاعل النووي الايراني المقام في مدينة بوشهر 277 كيلو مترا، واذا علمنا ان الحكومة الكويتية لا تملك اي خطــــط فــــعلية وواضـــحة في ادارة ومواجهة الكوارث والازمات الــــتي مـــرت عليها فكيف لها ان تــــواجه كوارث بحجم مفاعل نووي يقبع بجوارها؟.
 
عوامل تزيد من مخاطر «بوشهر»

• عــــدم وجـــود معـــلومات مستــــفيضة حول التــــعامل مع أي حـــوادث نووية.
• عدم توافر معلومات صحيحة يمكن توزيعها على الدول المعنية بالحادث «عدم وجود الشفافية».
• عدم تهيئة عامة الناس أو المجتمع المحيط بمعلومات تخص المفاعلات الذرية وماهية التعامل مع الحوادث في حال حدوثها.
• وجــــود اجتــــهادات للــــتـــــعامل مع الحــــدث من الـــدول المعـــنية وليس ضمن بروتوكول واضح وذلــك بســـبب غيـــاب المعــــلومات وعدم الشفافية.
• عدم وجود أرقام أو معدلات يتم الاسترشاد بها لعملية تصنيف الحدث وتوزيع الحدوث أو تقسيمها إلى مناطق شديدة التأثير، متوسط التأثير أو قليلة التأثير.
• عــــــــدم وجــــود خطــــة لاخــــلاء الســـكان وانـــتقـــالهم الــــى مناطــــق أكـــثر أمنا.
• عدم وجود برامج رقابــــية تقوم بقياس معدل الانبعاث وشدته.
• عدم وجود الارشادات الخاصة بالصحة والغذاء وتصنيف الغذاء تبعاً لشدة تأثره.
• وجــــود تضــــارب وعـــــدم توحــــيد للمـــعــدلات والارشــــادات في الدول المحيـــطة، ما عـــقد مســـألة توحـــيد الجهود للتعــــامل مـــع الحـــدث بشكل علمي.

مطالبات يجب تحقيقها

1 - قياس المستويات القاعدية من الإشعاع.
2 - متابعة قياس المستويات من خلال برامج رقابية محددة.
3 - تقييم جودة هذه القياسات.
4 - توفير الأرقام الخاصة بالمعلومات الصحية للتجمعات البشرية القريبة من السواحل البحرية للخليج.
5 - الاستعداد لحساب معدلات التعرض ومنها احتمال الاصابة بالسرطان.
6 - الاهتمام بالقياسات الخاصة بالأحوال الجوية والتيارات المائية.
7 - التــــواصـــل الــــتام مع الوكــــالــــة الدولية للطــــاقــــة الذريــــة والشــــفافية العامة للمعلومات المقاسة، ويكون ذلك عبر الاجتماعات الدورية.
8 - قــياس مــــعـــــدل التعــــرض للكائنات البــــحــــريــــة القـــريبــــة مــــن (بوشهر) مع توزيع هـــذه المــــعـــلــومـــات علـــى الــــدول المعـــنية.
9 - الاهتـــــمام باســــتـخدام النــــماذج الـــــريــــاضــــيــــة المــــدعــــمة بـــــالأرقــــام والقيـــاس وتوفـــــير البـــــيـــانات المــــطـــلــــوبة بــــــغرض الــــوصـــــــول إلــــى التقيــــيــــم الجيد وتقـــلـــــيل مــــا يــــسمى حــــالات الشك.