ضوء

الفساد

1 يناير 1970 05:55 ص
نؤيد كل رئيس وكل حاكم يقف ضد الفساد. نؤيد كل مسؤول يقف ضد الفساد فعلاً لا قولاً، لأن ما أسهل الأقوال وما أصعب الأفعال. فكثير من المسؤولين يتفننون في السرقة والفساد، ويتفننون أيضاً في اختيار عبارات التلفيق والكذب وارتداء عباءة الفضيلة.

نشد على يد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في الإمارات، ونشد على يد الرئيس عبدالفتاح السيسي في مصر.

الفساد عصب الخراب، وأي دولة تريد النهضة عليها أولا أن تبدأ في محاربة الفساد وتغيير المنظومة التعليمية. وفي كل يوم تنكشف الحقائق عن حجم الفساد في أقطار الوطن العربي المنكوب. الفساد امتد إلى كل الأقطار العربية في كل المجالات، في القطاعين الحكومي والخاص، وفي جميع المؤسسات، ولم تسلم منه حتى المؤسسات العسكرية، كالشرطة والجيش.

وفي العراق على سبيل المثال، أعلن دونالد ترامب عن استحواذ أميركا على 578 مليار دولار من سارقي أموال العراق المودعة في المصارف الأميركية فقط، وهو مجموع ما تمت سرقته من قبل 23 فاسداً في رأس الدولة العراقية، وتم نشره بأسمائهم، سبعة منهم فقط يملكون 300 مليار! ويعتزم ترامب الاستيلاء عليها كتعويض عن خسائر الاحتلال الأميركي للعراق! أموال الفاسدين ضريبة دماء الجنود الأميركيين، فماذا عن دماء الجيش العراقي والشعب العراقي كله؟

ونأخذ مصر كنموذج عن مدى تفشي الفساد في مفاصل الدولة وكيفية مكافحته، فقد تم ضبط جمال اللبان، مدير المشتريات في مجلس الدولة المصري بعد تقاضيه رشاوى، وتم العثور بعد تفتيش بيته على: 24 مليون جنيه مصري، 4 ملايين دولار أميركي، 2 مليون يورو، مليون ريال سعودي، ومصوغات ذهبية، وهدايا عينية، وصكوك عقارات لا عد لها!

هيئة مكافحة الفساد في مصر أعلنت عن إطلاق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في 9 ديسمبر 2014 الذي يصادف اليوم العالمي لمكافحة الفساد، وكان ترتيب مصر عالميا في الفساد إبان عهد حسني مبارك 115 ووصل الآن إلى 92، حسب التقرير الصادر عن منظمة الشفافية الدولية.

اغتالوا خالد سعيد، بعد تعذيبه حتى الموت في قسم شرطة سيدي جابر في الاسكندرية، بسبب حصوله على فيديو يدين بعض ضباط القسم بالفساد.

في 4 يناير 2010 تلقى إبراهيم سليمان، وزير الإسكان الأسبق رشاوى بقيمة 20 مليون جنيه، وهذا الوزير فضح وزيراً آخر (الكفراوي) بتقديمه مستندات تؤكد ضلوعه في الفساد.

في ديسمبر 2007 صدر تقرير من منظمة الصحة العالمية، يقول إن مصر ثالث دولة في تجارة الأعضاء البشرية، وفيها 14 مليون مصري تحت خط الفقر، حسب تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية عام 2008، وقد صدر تقرير لجنة الانتاج الزراعي في مجلس الشورى عام 2010 يؤكد إن 45 في المئة من شعب مصر تحت خط الفقر، ويوجد 12 مليون مصري بلا مأوى يعيشون في المقابر والمساجد... فقط 1 في المئة يسيطرون على نصف ثروات مصر!

اختفاء تريليون و272 مليار جنيه من ميزانية البرلمان عام 2010، وتم إهدار 39 ملياراً من خزينة الدولة بسب بالفساد، حسب تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، وعدم معرفة أين ذهبت كل تلك الأموال التي تساوي 14 مرة ضعف العجز الذي تعاني منه موازنة الدولة!

ازدياد الضرائب بنسبة 250 في المئة منذ أن تولى بطرس غالي وزارة المالية عام 2004، ما أدى إلى مضاعفة أعداد الفقراء.

يقول د. عادل عامر إن حجم الفساد المالي والإداري في مصر يصل إلى 250 مليار جنية سنوياً، ولقد طال الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كل الوزارات والشركات، كوزارة الزراعة وشركات العلف والنقل والشحن. طال كل شيء وخاصة السلع اليومية، كالذرة والقمح التي تشكل لقمة عيش المواطن المصري.

غرق «عبارة السلام»، مثال ساطع للفساد راح ضحيتها المئات. ومشاريع الخصخصة التي لا تنتهي، تشكل هدراً واضحاً للمال العام، في غياب المساءلة الحقيقية للمسؤولين، مع ضعف الأجور، وعدم وجود قوانين رادعة للفساد والمفسدين، ومع تهميش دور المجتمع المدني والمعارضة السياسية استشرى الفساد ونهش في كل خلايا الوطن.

إن التحالف بين السلطة والمال منذ عهد أنور السادات ولمدة تزيد على 40 سنة، جعل الفساد يترعرع ويكبر.

تقرير منظمة النزاهة العالمية يقول إن الأموال المهربة من مصر تصل إلى 5 مليارات دولار عام 2011 فقط.

لذلك نقول نعم، إن مواجهة الفساد يتطلب كل الشجاعة والجرأة، ونحيي الرئيس السيسي لقرع ناقوس الخطر على الفساد وأهله، ووقفته الشجاعة ضد الفساد، حتى لو جاءت بعد أربع سنوات من تسلمه مقاليد الحكم، فالمهم أن تضع قدميك على الطريق الصحيح، فلا يمكن أن تتحقق النهضة الحقيقية إلا بالقضاء على الفساد، هكذا تُعلمنا الدروس من مختلف الدول التي كانت في أسفل السافلين ثم وقفت على قدميها ثابتة وتبوأت أعلى المراكز التنموية، وأصبح دخل الفرد فيها من أعلى المستويات عالميا، كاليابان وسنغافورة وموريشيوس وماليزيا وغيرها.

تحية خالصة إلى السيسي وإلى كل الرجال المخلصين الوطنيين في مصر، وإلى كل إنسان وطني حر في كل بقعة من بقاع الوطن العربي الذين بشجاعتهم النادرة يواجهون الفساد.

[email protected]