«النتائج الأمنية» لزيارة عباس «تبخّرتْ» مع انفجار الفوضى المسلّحة في «عين الحلوة»

أسبوع «ترويض الأزمات» في لبنان... هل يوقِف الانحدار؟

1 يناير 1970 02:32 م
عون قد يلجأ إما لحوار أقطاب وإما لتوجيه رسالة إلى البرلمان لكسر المراوحة في أزمة قانون الانتخاب
يختزل الأسبوع الطالع في بيروت عناوين الأزمات المتداخلة في بُعديْها المحلي والإقليمي، وسط انتظارٍ ثقيل لما ستؤول إليه، خصوصاً أنها تشكل تحديات فعلية أمام حماية التسوية السياسية ومندرجاتها من جهة، وتضع المصير اللبناني برمّته على المحك في حال التعاطي مع لبنان كـ«خاصرة رخوة» في المواجهة الأميركية - الإيرانية من جهة أخرى.

وتتدافع العناوين السياسية والأمنية على مدى هذا الأسبوع لاحتلال الصدارة، من الفوضى الأمنية غير الخلّاقة في مخيم عين الحلوة الفلسطيني، إلى الزيارة البالغة الأهمية لقائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال جوزف فوتيل، ومن المساعي الحثيثة للحكومة لإقرار الموازنة العامة المعلّقة منذ عقد من الزمن إلى «الكرّ والفرّ» المتواصل في شأن الاتفاق الصعب على قانونٍ جديد للانتخاب.

فلم يكن جفّ حبر التفاهم اللبناني - الفلسطيني على أهمية معالجة الواقع الأمني في المخيمات الفلسطينية خلال زيارة الثلاثة أيام للرئيس الفلسطيني محمود عباس لبيروت، التي غادرها أول من أمس، حتى سادت حال من الفوضى المسلّحة في مخيم عين الحلوة، القريب من صيدا، والتي تخلّلتها اشتباكات وعمليات قنص أسفرت عن سقوط عدد من الجرحى، أحدهم في حال خطرة.

ورجّحت مصادر فلسطينية في مخيم عين الحلوة، في اتصال مع «الراي»، أن تكون الاحتكاكات قد بدأت نتيجة تململ من زيارة «عادية» قامت بها السيدة جليلة دحلان، زوجة القائد «الفتحاوي» المعارض محمد دحلان للمخيم، قبل أن تؤدي حال الفوضى الى إشتباكات وقنْص بين «غيتو» يسيطر عليه إسلاميون متشدّدون ومنطقةٍ توالي حركة «فتح»، وسط محاولات للجْم التوتر وإنهائه.

ويشكل الواقع الأمني في المخيمات تحدياً مزدوجاً للسلطتين اللبنانية والفلسطينية رغم ما أشيع عن أن عباس أبلغ صراحة إلى المسؤولين اللبنانيين أن هذه المخيمات هي تحت السيادة اللبنانية التي من حقها بسط سلطتها عليها، وسط معلومات عن أنه أوكل الى المسؤول الفلسطيني عزام الأحمد متابعة الأمر مع المسؤولين اللبنانيين لإبقاء الوضع في المخيمات تحت السيطرة.

غير أن الملف الفلسطيني الشائك المتوارَث منذ عقود طويلة أصبح أقلّ تأثيراً في المجريات السياسية والأمنية في لبنان، بالمقارنة مع ما يشكّله الملف السوري في بُعديْه السياسي - الأمني والإنساني في ضوء وجود نحو مليون ونصف المليون نازح سوري في مخيمات عشوائية في لبنان، إضافة الى الارتدادات الخطرة الناجمة عن وهج الصراع الكبير في سورية، خصوصاً في ضوء مشاركة «حزب الله» العسكرية لحماية نظام الرئيس بشار الأسد.

هذا الواقع يحظى بمعاينة أميركية حثيثة، تعاظمتْ أهميتها في ضوء المؤشرات لمرحلةٍ جديدة من المواجهة بين الولايات المتحدة من جهة وإيران وأذرعها في المنطقة كـ «حزب الله» اللبناني من جهة أخرى، وهي المعاينة التي تحمل قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الى بيروت غداً على رأس وفد من الجنرالات في مهمّةٍ لم تتضح طبيعتها بعد.

واللافت أن الجنرال فوتيل كان قام الأسبوع الماضي بـ«زيارة سرية» الى المنطقة التي تسيطر عليها «قوات سورية الديموقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة (في سورية)، في الوقت الذي كان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس روبرت كوركر يجري محادثات مع كبار المسؤولين اللبنانيين ويزور «خط التماس» اللبناني - السوري في منطقة عرسال شرق البلاد.

وتتزامن الحركة الأميركية في اتجاه بيروت مع ارتباكٍ في الموقف الرسمي اللبناني نتيجة تصريحاتٍ كان أدلى بها رئيس الجمهورية ميشال عون وفُهمت على أنها محاولة لإضفاء شرعية على سلاح «حزب الله»، الأمر الذي أثار «نقزة» المجتمع الدولي من مغبة تملُّص لبنان من الالتزام بالقرار 1701 ومندرجاته، ويقدّم لإسرائيل ذريعة تسعى عبرها الى تحريض الأمم المتحدة على لبنان.

وكانت هذه «النقزة» تحوّلت إستياءً بعد استدعاء الخارجية اللبنانية لممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في بيروت سيغريد كاغ احتجاجاً على تذكيرها لبنان بضرورة التزام القرار 1701، في ردّ ضمني على تصريحات عون. ونسبت «وكالة الأنباء المركزية» الى مراجع ديبلوماسية أوروبية «أن خطوة الخارجية اللبنانية باستدعاء كاغ لم تُهضم بعد ولم تلق أي فهم غربي».

وقرأت المراجع الديبلوماسية في بيان «المجموعة الدولية من أجل لبنان»، الذي عمّمته كاغ في بيروت قبل أيام، على أنه «آخر التنبيهات» تجاه أي خرق آخر، مخافة أن تتأخر برامج الدعم الخاصة للبنان التي تمّ إطلاقها من نيويورك في سبتمبر 2013 من الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان.

وسط هذا المناخ تتجه الأنظار الى إمكان حدوث خرق على جانب من الأهمية في الملفات الداخلية هذا الأسبوع، عبر إقرار محتمل للموازنة في مجلس الوزراء وإحالتها على البرلمان لمصادقتها، في تطوّرٍ سيشكل إنجازاً، خصوصاً أن الصراع السياسي جعل لبنان من دون موازنات على مدى نحو 11 عاماً، الأمر الذي ضاعف من المصاعب المالية - الاقتصادية التي تواجهه.

ولم تنسحب أجواء التفاؤل التي تحوط الموازنة الشائك على القضية الضاغطة والأكثر إثارة للجدل في بيروت، المتمثلة بالصراع المتعاظم على قانون الانتخاب، والذي كان أسقط في 21 الجاري، خط الدفاع الأول في المسار القانوني الذي كان يملي إجراء الانتخابات في موعدها في مايو المقبل.

وثمة تقديرات في بيروت تحدثت عن أن عون قد يلجأ الى واحد من خيارين لإنقاذ المناقشات حول قانون الانتخاب العتيد من المراوحة في المأزق، إما الدعوة لـ«حوار أقطاب» برعايته في القصر الجمهوري وإما توجيه رسالة الى البرلمان لحضّ كتله على التفاهم على قانون انتخاب جديد تفادياً لإسقاط المهل والذهاب الى واقع دستوري وسياسي يصعب التكهن بنتائجه.