راجح سعد البوص / حكمة اليوم / زوال الكويت

1 يناير 1970 07:31 ص
عندما كنا صغاراً كنا نهتف وبصوت عالٍ وبعيون ملؤها المحبة لهذا الوطن: «تحيا الكويت»، وعندما كبرنا ووصلنا إلى موقع المسؤولية لنروي الكويت من دمائنا ولنقدم الواجب لها ولتكون الكويت عروس الخليج، وجدنا أن البعض الذي كان يربينا لأن نقول تحيا الكويت هو «شلة الأربعين حرامي وكبيرها»، فلا تنمية ولا تخطيط، بل كما يقولون «من جرف إلى دحديرة»، حتى أننا مللنا المهاترات السياسية، «والمعاضض» بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وتعطيل التنمية والخطط الخمسية التي لم ينفذ منها شيء من عام 1967 إلى عامنا الحالي، ناهيك عن «بوقات» البلد التي أصبحت أحاديث الصغار والكبار، بل وصل الأمر إلى النواب فأصبحت «البوقات» الكبيرة تمرر عن طريقهم بعد إرضائهم بقسائم سكنية و«فيز» عمال، و«أطعم الفم تستحي العين»، فانتشرت بذلك الرشوى في البلد تحت مسميات: مساعدة، عانيّة، تحسين مستوى، قرض حسن، ولا عزاء للكويت ومدينة الحرير.
عزيزي القارئ حتى تعلم أن غالبية التجار المتنفذين لا يثقون بمستقبل الكويت بدليل أن 14 مليار دينار رُحِّلت في الأعوام الثلاثة الأخيرة إلى خارج الكويت، أضف إلى ذلك أن النهم والجشع وصلا إلى احتياط الأجيال فيريدون تخزينه في كوريا، ويريدون بناء مصفاة رابعة من دون مناقصة. «يعني تنفيع» مع العلم أنه قد تصل... المصفاة إلى عشرين ملياراً، والبلد ما فيه كهرباء.
يا حكومة ويا تجار اتقوا الله في الشعب الكويتي، وإذا «حاسِّين» إن البلد «رايح» أمِّنُوا مستقبل أبناء الكويت، واشتروا لهم أراضي في أنحاء العالم.
****
سألت صديقاً لي في ألمانيا من أصل عربي يعمل في مطار فرانكفورت عن الذين يٌتلفون جوازاتهم في المطار وجميع مستنداتهم «يعني يصير بدون» كيف تتعاملون معهم؟ فقال لي: «يتم حجزه بالمطار لحين الانتهاء من إجراءات التحقيق التي قد تصل إلى أسبوع، ومن ثم يُعطى تأشيرة دخول لألمانيا، ويؤمن له السكن من الحكومة الألمانية، طبعاً خمس نجوم، ويؤمن له الطعام والشراب ويصرف له دخل يومي حتى يجدوا له عملاً وبعدها يصير ألمانيا». ومني إلى البدون أن يهاجروا إلى ألمانيا لعل وعسى، مع علمي أن أكثر البدون ولاؤهم للكويت أكثر من البعض «اللي باعوا» البلد ويدَّعون أنهم كويتيون.
حكمة اليوم
قال (صلى الله عليه وسلم): «إنما تنصرون بضعفائكم».
راجح سعد البوص
كاتب وأكاديمي كويتي