لقاء / تلميذ ابن باز وابن عثيمين روى لـ «الراي» قصة اعتناقه الإسلام وتفرغه للدعوة
الداعية الأميركي عبدالرحيم مكارثي: لستُ خائفاً من ترامب
| حاوره أحمد زكريا |
1 يناير 1970
11:14 ص
الكويت أفضل دولة في العلاقات الأسرية
«داعش» شوّه صورة الإسلام وفعل به ما لم يفعله أعداؤه على مدار خمسين عاماً
قبل الإسلام كنت كثير المشاكل ومعه تغيّرت حياتي وبتُ لا أجد مشكلة إلا ولها حل في القرآن الكريم
أسلوبي في الدعوة قائمٌ على عدم مهاجمة غير المسلمين وأكرمني الله بهداية أكثر من مئة شخص
وسائل الإعلام الأميركية والغربية تتعمد تشويه الإسلام
النشاط الدعوي في الكويت مشرِّف لكنه بحاجة إلى زيادة مع غير الناطقين بالعربية
من بلاد العم سام إلى أرض السودان مروراً بالمملكة العربية السعودية و وصولاً لبلاد الضباب في بريطانيا، كانت رحلة الداعية الأميركي عبدالرحيم مكارثي الذي اعتنق الإسلام وهو ابن الثامنة عشرة ليتحول بعدها إلى واحد من أشهر الدعاة باللغة الإنكليزية.
مكارثي الذي تتلمذ لفترة قصيرة على يد الداعية الراحل عبدالعزيز بن باز ولفترات أطول على يد الداعية الراحل ابن عثيمين أكد، على غير المتوقع، أنه «غير خائف من الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتصرفاته تجاه المسلمين».
وعن أسلوبه في الدعوة، أجاب مكارثي في حوار مع «الراي» بعد إلقائه خطبة الجمعة في مسجد السند بمنطقة قرطبة، قائلاً: «أسلوبي في الدعوة قائمٌ على عدم مهاجمة غير المسلمين»، لافتاً إلى أن «وسائل الإعلام الأميركية والغربية تتعمد تشويه الإسلام»، ومشدداً على أن تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» فعل في الإسلام ما لم يفعله أعداؤه على مدار خمسين عاماً.
وبيّن تلميذ الداعيتين الراحلين ابن باز وابن عثيمين والذي كان متخوفاً وهو ينطق الشهادة لأنها ستخرج بلكنة غير مفهومة، أن «سلوكيات بعض المجتمعات الإسلامية أكثر ما ينتقده، لأن الإسلام جاء لتهذيب السلوك».
أما عن تقييمه للنشاط الدعوي في الكويت، فأجاب مكارثي الذي نجح في هداية أكثر من مئة شخص للإسلام، قائلاً: «النشاط الدعوي في الكويت مشرِّف لكنه بحاجة إلى زيادة مع غير الناطقين بالعربية». وفي ما يلي نص الحوار مع الداعية الأميركي:
• في البداية نود التعرف كيف بدأت علاقتك مع الإسلام؟
- كان والد أحد أصدقائي مسلماً، وكان لدي موعد مع صديقي هذا في بيته لكنه تخلّف عن هذا الموعد إلا أن أباه كان حاضراً يسمتع إلى القرآن مترجماً. وفي هذا الوقت لم أكن أعرف سوى القشور عن الإسلام فقرأت مثلاً قصة مالكوم إكس، وكان لديّ فضول لمعرفة الكثير من التفاصيل عن هذا الدين. وكان الإعلام في أميركا يركز على الشبهات التي يسعى من خلالها إلى تشويه صورة الإسلام، ومن بين تلك الشبهات أنه كان يسلّط الضوء على الجماعات الإسلامية التي تنحاز إلى السود ضد البيض لدرجة أنني كنت أتخيل أن الشخص الأبيض ليس بإمكانه أن يكون مسلماً ولكن في ما بعد عرفت الحقيقة وأنه لا فرق بين أبيض وأسود في الإسلام. وبدأ والد صديقي يحدثني عن الإسلام الصحيح وطلبت منه بعض الكتب، وكان من بينها كتاب «الإسلام دين الحق» الذي أثر فيّ كثيراً.
كان عمري وقتها 18 عاماً، وأعجبني تركيز هذا الكتاب على قضية التوحيد وعدم وجود وسيط بين العبد وربه. وكان من بين الأشياء التي أعجبتني في الإسلام أيضاً آداب قضاء الحاجة وخاصة التستر أثناء قضاء الحاجة بعكس ما هو موجود في بلاد الغرب. كذلك مسألة الوضوح في ما هو مطلوب من المسلم الأمر جذبني للإسلام وتأثرت بهذا الإتقان، بالإضافة إلى مبدأ أن الجزاء من جنس العمل.
وبعد اقتناعي بمبادئ الإسلام، ذهبت إلى المركز الإسلامي في مدينة واشنطن دون وضوء أو طهارة، وكنت متخوفاً من طريقة نطق الشهادة التي ستظهر بلكنة غير سوية. ووقفت أمام الناس وأحمد الله أن كلمات الشهادة انسابت في فمي كما العسل ووجدت فيها راحة غريبة وكانت بمثابة ميلاد جديد لي، فيما كان ميلادي الأول العام 1975.
• وإلى أين اتجهت بعد دخولك للإسلام؟
- بدأت في طلب العلم في أميركا، وتعلمت الكثير من المبادئ الشرعية واللغوية واستهوتني السنة النبوية التي حرصت على تطبيقها في اللباس وإطلاق اللحية، ولكنني بعدها أيقنت أنه إذا أردت أن أتعلم بشكل أعمق فإنه علىّ الخروج من أميركا. وتعرفت على إمام سوداني وبعدها سافرت فترة إلى السودان، ومن ثم انتقلت إلى المملكة العربية السعودية والإمارات ثم قُبلت في الجامعة الإسلامية بتزكية من الشيخ عبدالعزيز بن باز الذي كنت تلميذاً لأحد تلامذته وحضرت له بعض الدروس لكنني تتلمذت على يد الشيخ ابن عثيمين بشكل أكبر.
• هل أنت الوحيد في أسرتك الذي فكّر في اعتناق الإسلام؟
- جدتي لأمي أيضاً نطقت الشهادتين قبل وفاتها ببضعة أشهر. وكنت أنا من يعتني بها وكانت أقرب الناس إلى قلبي لأنني عشت معها بعد انفصال والدي عن والدتي.
• ما الذي تغير في حياتك بعد الإسلام؟
- كنت قبل الإسلام كثير المشاكل، ولكن بعد الإسلام تغيرت حياتي وبت لا أجد مشكلة أمامي إلا ولها حل في القرآن الكريم.
• هل تمثل دعوة غير المسلمين إلى الإسلام جانباً مهماً في حياتك؟
- أنا أركز معظم جهدي في تعليم من اعتنقوا الإسلام بالفعل من خلال الخطب والمحاضرات، أما بالنسبة لغير المسلمين فهناك فريق أشرف عليه (وأحيانا أشترك معه في دعوة غير المسلمين) وقد منّ الله عليّ بأن هُدي للإسلام على يدي ما يربو على مئة شخص.
• أين تقيم الآن؟
- أقيم في أيرلندا، وأدير مركز التوحيد الإسلامي في مقاطعة وترفورد، وهذا المركز يركز على مسألة بناء جسور مع المجتمعات غير المسلمة، ونحمد الله أننا نتمتع بعلاقات جيدة مع الحكومة الايرلندية وشرطتها. ونسعى حالياً إلى الانخراط في أنشطة مجتمعية مع غير المسلمين في تلك المقاطعة مثل تنظيف الشوارع، ونعتبر أن هذه إحدى الوسائل الدعوية لتحسين صورة الإسلام وسط حملات التشويه الظالمة التي يتعرض لها. كذلك لدينا مشروع آخر للنساء اللواتي يزرن دور المسنين في تلك المقاطعة.
• هل صحيح أن لديك انتقادات للطريقة التي كان يتبعها الداعية الراحل أحمد ديدات في دعوة غير المسلمين؟
- أنا لا أنتقد الشيخ نفسه، فقد كانت له جهود جبارة ونفع الله به، لكن ربما أسلوبه كان جيداً لفترة من الزمن ومع فئة معينة من الناس. وأود أن أوضح أن مهاجمة غير المسلمين تبني حواجز بيننا وبينهم ونحن مأمورون كمسلمين ألا نسُب غير المسلمين حتى لا يسُبوا الله ويعتدوا على مقدساتنا وهذا هو الأسلوب الذي نتبعه، فنحن لا نجادل أحداً وإنما نعطي الكتب والمراجع لمن أراد وإن اقتنع فأهلاً به وإن لم يقتنع فهو وشأنه. وإن أراد غير المسلم أن يسمع منا فنجيبه عن سؤاله لكننا نرفض أسلوب المناظرات.
• كيف ترى ظهور تنظيمات مثل «داعش»، وما نصيحتك للشباب الذي يتأثر بها؟
- في رأيي أن هؤلاء فعلوا بالإسلام ما لم يستطع أن يفعله أعداؤه به طيلة خمسين عاماً، فهم قد شوهوا صورة الإسلام بشكل غريب. وفي الوقت الذي يحاول فيه البعض إقامة الجسور مع غير المسلمين، يطل هؤلاء من خلال وسائل الإعلام لتشويه صورة الإسلام. لكن بفضل الله فإن الكثير من الغربيين، وهم الآن غالبية، أدركوا حقيقة الإسلام وهم على يقين أن «داعش» لا يمثل الإسلام. الجهاد موجود في الإسلام ولكن له ضوابط وشروط.
• هل ترون أن هناك ثمة تعمدا من أميركا (كإدارة رسمية ووسائل إعلام غير حكومية) لتشويه صورة الإسلام؟
- بالنسبة لوسائل الإعلام بالتأكيد هناك تعمد لتشويه الإسلام وهذا ينطبق على وسائل الإعلام الأميركية والغربية أيضاً، أما عن الإدارة الأميركية فحتى نكون منصفين فإن هناك أمورا جيدة، منها مثلاً أنه عندما تم منع النقاب في فرنسا دافع البيت الأبيض عن حق ارتداء النقاب وحرية المرأة المسلمة، ولكن للأسف فإنه لا يتم التركيز على مثل هذه المواقف الإيجابية، بينما الإدارة الأميركية لها مواقف جميلة مع الإسلام.
• وكيف تنظرون إلى تصرفات الرئيس الأميركي دونالد ترامب؟
- هناك تخوف لدى بعض المسلمين في أميركا، لكن أنا شخصيا ليس لديّ أي خوف، على الأقل حالياً، لأن الأمر ما زال جديداً. وليست لديّ مشكلة مع زيادة التدقيق في القادمين إلى أميركا لكن المنع الكلي بالتأكيد يمثل إشكالية. عدد المسلمين كبير في أميركا، وهم في أماكن حساسة خاصة في مجال الطب وتكنولوجيا المعلومات ولا أتوقع أن تكون الصورة سوداوية كما يراها البعض.
• ما أكثر المآخذ التي تنتقدها في المجتمعات الإسلامية الحالية؟
- هي أمور متعلقة بالسلوكيات اليومية منها على سبيل المثال قيادة السيارة، فرغم أن الإسلام جاء لتهذيب السلوك إلا أننا نجد بعض السلوكيات الخاطئة. بالطبع الكثير من هذه السلوكيات السيئة ليست موجودة في دول الخليج والتي تتمتع بتنظيم أكثر لكنها موجودة في دول إسلامية أخرى.
• وكيف تقيِّم النشاط الدعوي في الكويت؟
- أنا أرى أن النشاط الدعوي في الكويت ممتاز ومُشرِّف، لكنه في حاجة إلى تكثيف جرعة الدعوة لغير الناطقين باللغة العربية، ومن ثم نحتاج إلى زيادة الدعوة باللغة الإنكليزية. وأكثر ما جذبني في الكويت هو العلاقات الاجتماعية، فأنا أعتبر أن الكويت أفضل دولة في العلاقات الأسرية.