رأي مالي

الاستثمار الموضوعي العنوان الأهم عالمياً

1 يناير 1970 04:38 ص
توفر الأسواق العالمية على الدوام فرصاً استثمارية في مختلف القطاعات، وهي فرص تتنوع في أشكالها وتتوزع عبر قطاعات مختلفة.

ويأخذ بعض هذه الاستثمارات شكل الاستثمار التقليدي، بينما البعض الآخر يكون أكثر حداثة، إذ إن الاستثمارات التقليدية هي التي تعتمد في المقام الأول على تحديد الدورة الاقتصادية العالمية، ومن ثم محاولة استباق الدورة المقبلة، والقيام بالاستثمارات استناداً إلى ذلك.

وينتشر هذا النوع من الاستثمار في العالم منذ أكثر من قرن من الزمان، ولكنه على الرغم من ذلك أصبح غير مجزٍ بطريقة ما، للمستثمرين الذين يريدون تحقيق أداء وعوائد تتجاوز أداء السوق.

من جهة أخرى كانت الاستثمارات الموضوعية مجزية للغاية للمستثمرين، الذين لديهم القدرة على الصبر على استثماراتهم وبناء على رغبة عملائهم.

يتجاوز هذا النوع من الاستثمار الأسلوب الاستثماري القديم، سواء كان ذلك استثمارا بناء على الجغرافيا أو القطاع، ويشمل الاستثمار الموضوعي الكثير من الأبحاث التي تعتمد على واحد أو أكثر من المواضيع الاستثمارية.

ويسعى هذا النوع من الاستثمار إلى تحديد الموضوعات والاتجاهات الاقتصادية المستقبلية، التي ستدفع عوائد السوق للارتفاع في المستقبل.

وتستند عمليات الاختيار التي يعتمد عليها الباحثون، في مجال الأسهم ومديري الاستثمار بشكل حصري على الاتجاهات ومتابعتها بدقة، حتى يتمكنوا من تحديد القطاع والشركات، التي يمكن أن تحقق العوائد المجزية بناء على هذه المواضيع.

وبمجرد استكمال عملية التحديد هذه يصبح المستثمرون على استعداد وبسهولة للاستثمار في عدد قليل من الشركات المختارة، ومن ثم انتظار تحقيق العوائد المستهدفة.

وهنا تتعلق المسألة برمّتها في نهاية المطاف بشكل رئيسي، في إيجاد الفرص الاستثمارة القادرة على تحقيق النمو في المستقبل.

ولقد كانت الاستثمارات التقليدية أقل جاذبية طوال فترة العقد الماضي تقريباً، في وقت كان أداؤها يحقق عوائد متواضعة للمستثمرين، وينبغي على الاستثمار الذي يستند إلى نهج موضوعي محدد أن يساعد المستثمرين في قطاع الأسهم على تحقيق عوائد مجزية للغاية.

كما ينبغي على المستثمرين التقليديين الذين يرغبون بالاستثمار، استناداً إلى نهج موضوعي استخدام التحليل من أعلى إلى أسفل لاتجاهات الاقتصاد الكلي العالمي والإقليمي في المقام الأول، ومن ثم تحديد القطاعات والشركات الأنسب، واختيارها للاستفادة من الاتجاهات الجديدة.

ومع ذلك، فإن الأداء ضمن منطقة محددة أو في قطاع معيّن، قد يكون مدفوعاً باتجاهات محددة لا يمكن تحديدها، إلا من خلال عملية تحليل شاملة من أسفل إلى أعلى للشركات في هذه المنطقة أو القطاع.

وينبغي أن يكون للمستثمرين بفضل الربط بين التحليل من أسفل إلى أعلى، مع عملية التحليل من الأعلى إلى الأسفل القدرة على التعرف على الاتجاهات والمواضيع الاستثمارية، التي من المرجح أن تحقق أداءً متفوقاً يتجاوز التوقعات، وهو الأداء الذي هُم بأمس الحاجة إليه في الوقت الحاضر.

ويتطلب الاستثمار الموضوعي نهجاً يتم التركيز عليه بشكل كبير، الأمر الذي يساعد كثيراً في تضييق البحث عن أفكار استثمارية جيدة.

وتبدأ الاستثمارات الموضوعية عادة بأحداث صغيرة تكون نتيجة قرارات حكومية، أو تطورات يشهدها القطاع، أو ببساطة بسبب تغيّر في سلوكيات المستهلك.

ويجب على المستثمرين عدم مزج الاستثمارات الموضوعية الجديدة، ببعض المواضيع القديمة التي قد تصبح شائعة هذه الأيام، في حين أن الاستثمار في القطاعات التي ستعمل على تطوير البنية التحتية القديمة، أو في البنية التحتية المخطط لها، ليست استثمارات موضوعية ولن تحقق عوائد ممتازة.

وعلى سبيل المثال فقد تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية، وبعد وصوله إلى البيت الأبيض، عن خطط للإنفاق بشكل كبير على تطوير البنية التحتية في الولايات المتحدة، كما أن الدول الأوروبية قد تتجه أيضاً نحو زيادة الإنفاق في هذا المجال.

وقد نشهد تخصيص الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ميزانيات للإنفاق بشكل كبير على تطوير البنية التحتية المتهالكة، ولكن لا بد من الإشارة مجدداً إلى أنها لا تعتبر أفكارا استثمارية جديدة.

ويتمثل أحد الاستثمارات الموضوعية التي كانت تسيطر على قطاع صناعة السيارات في السيارات، التي تعمل بالطاقة الكهربائية.

وفي هذا المجال تأمل شركة «Tesla» الأميركية، المتخصصة في مجال صناعة السيارات الكهربائية، والتي يمتلكها ويديرها الملياردير إيلون ماسك، تعزيز مستوى إنتاجها من هذه السيارات، ورفعه عشرة أضعاف ليصل إلى 500 ألف سيارة بحلول عام 2018.

إن هذا هو مستوى التفاؤل الذي يحيط بقطاع صناعة السيارات الكهربائية الصديقة للبيئة، التي يرى الكثيرون أن معظم السيارات التي ستتم قيادتها في الشوارع، ستكون في غضون 20 عاماً سيارات تعمل بالطاقة الكهربائية.

ولن يكون تطوير قطاع السيارات الكهربائية أمراً سهلاً، لاسيما أنه مازال يواجه الكثير من الصعوبات، ولعل أهم وأكبر المشاكل التي يواجهها هذا القطاع تتمثل في قلة وجود البنية التحتية التكنولوجية الحديثة والمتقدمة الضرورية، للحفاظ على هذا النوع من السيارات وتوفير الدعم لها.

ويعتبر وجود شبكة من محطات الشحن التي تساعد على تحقيق انتشار أكبر لهذه السيارات، أحد أهم التحديات التي يواجهها قطاع صناعة السيارات الكهربائية ليكون قطاعاً ناجحاً، وهو أمر سيستغرق وقتاً ويحتاج إلى استثمارات، والأهم من ذلك هي المساعدة الحكومية.

ولا يوجد شك في أن مستوى الطلب على السيارات الكهربائية يتزايد عاماً بعد عام، ولكنه مازال في مراحله الأولى، إذ إن مبيعات السيارات الكهربائية تحقق نمواً بنسبة 1 في المئة سنوياً فقط، أي ما يعادل مليون سيارة لا أكثر من إجمالي 100 مليون سيارة تباع سنوياً في جميع أنحاء العالم.

وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجه قطاع صناعة السيارات الكهربائية، إلا أن المستثمرين في قطاع الأسهم الذين يتمتعون بأفق زمني كبير سيحققون أرباحاً كبيرة على المدى الطويل.

ويجب على المستثمرين تجنب الاستثمار في شركات صناعة السيارات التقليدية أو الكهربائية، وينبغي عليهم بدلاً من ذلك التركيز على سلسلة التوريد على نطاق أوسع، وعلى وجه الخصوص، الشركات التي تعمل في مجال تزويد مكونات الطاقة الكهربائية، ومعدات الاتصالات، والرادارات، وأجهزة الاستشعار والبطاريات، التي عادة ما تكون بطاريات ليثيوم وكاثود قابلة لإعادة الشحن.

ولكن عندما يتعلق الأمر بالاستثمار في شركات إنتاج البطاريات، فإنه من الصعب أن نرى فرصاً استثمارية مجدية تعطي انكشافاً جيداً في قطاع السيارات الكهربائية.

ويتمثل التحدي الرئيسي في العثور على الموردين المنكشفين بشكل كافٍ على هذا المجال، بدلاً من شركات إنتاج البطاريات التي تركز على المستهلكين.

وعلى الرغم من أن بعض الشركات التي تعمل بشكل حصري في مجال إنتاج البطاريات، ظهرت كشركات جديدة إلا أن سجلها ليس واعداً، وينبغي على المستثمرين من أجل تجنب أي مخاطر محتملة مع شركات إنتاج البطاريات، التركيز على المكونات والمواد التي تدخل في إنتاج البطاريات.

ويبدو أن الاستدامة تشكل عامل جذب لعدد متزايد من المستثمرين، سواء كاستثمار موضوعي أو كطريقة تدعم توجهات المستثمرين،ويمكن ملاحظة ذلك من خلال زيادة استخدام البطاريات في السيارات الكهربائية وأنظمة التخزين الكهربائية على سبيل المثال.

وبناء على ذلك فإن الاستثمار في سلسلة القيمة في مجال إنتاج البطاريات، هو أحد أكثر الاستثمارات الموضوعية الواعدة للسنة المقبلة، إنها تعتبر جزءاً من سوق يحقق النمو بشكل متسارع وتوفر بعض الفوائد لعملية تنويع محافظ الأوراق المالية التقليدية.

وأصبحت السيارات التي تعمل بالطاقة الكهربائية تتحول لتكون أمراً واقعاً، وستصبح مع مرور الوقت في متناول الجميع بتكلفة معقولة، وينبغي على المستثمرين التمعّن في هذا القطاع وسلسلة التوريد، والاستثمار في ثورة جديدة في مجال صناعة السيارات.