اتصالات رفيعة المستوى عبر «الخط الساخن» احتوت الموقف

«انتكاسة» لمناخ الاسترخاء في بيروت مع «هجوم» مناصري بري على «الجديد»

1 يناير 1970 11:20 ص
استدعى الهجوم الذي شنّه مناصرون لرئيس البرلمان اللبناني نبيه بري على قناة «الجديد»، ليل اول من امس، في سياق احتجاجهم الذي كان بدأ مساء الاثنين على حلقة من برنامج «دمى كراسي» الساخر اعتبروها مسيئة للإمام المغيّب موسى الصدر وزعيم حركة «أمل» (بري) نقْل هذا الملف الى مجلس الوزراء الذي بحث في القضية بناءً على طلب وزير الإعلام ملحم رياشي الذي اعتبر ان «التعبير عن الرأي أمر مشروع، أما الاعتداء فمرفوض جملة وتفصيلاً».

وتمّ التعاطي مع ما تعرّضت له «الجديد» على يد عشرات الشبان الغاضبين الذين كانوا يرفعون أعلام «أمل» وصوراً لبري والإمام الصدر، على أنه تطور بالغ الخطورة شكّل عملياً أول اختبار للعهد الجديد في لبنان، تَداخلت فيه الاعتبارات الإعلامية والأمنية والسياسية وقدّم صورة «عكس سير» مناخ الاسترخاء الذي يسود البلاد منذ التسوية التي أنهتْ الفراغ الرئاسي كما محاولات لبنان الرسمي تهيئة الأرضية اللازمة على كل المستويات لمعاودة استقطاب السياح ولا سيما الخليجيين الى «واحة الأمان» اللبنانية.

وصُدمت بيروت، ليل اول من امس، بالمشاهد التي بُثت مباشرة على الهواء لمناصري الرئيس بري الذين حاصروا مقرّ «الجديد» في محلة وطى المصيطبة مطلقين هتافات التأييد له والشتائم للقيمين على المحطة، قبل ان يمطروا المبنى بالحجارة التي حطّمت واجهاته الزجاجية، وبالمفرقعات النارية الثقيلة والزجاجات الحارقة التي كادت تتسبّب بحرائق، فيما حال تدخل القوى الأمنية دون اقتحام المبنى او إضرام النار فيه.

وعلى مدى نحو ساعة ونصف ساعة استمرّ مشهد الاعتداء على «الجديد» في ظلّ غياب التعاطي الأمني الحاسم مع الموقف، وعلى وقع ارتسام سباق بين ملامح «التصعيد» من المحتجين الذين أدى «هجوم الحجارة» الذي نفّذوه الى تضرُّر كاميرا لـ «الجديد» كانت تنقل وقائع «الهجمة» وإصابة أحد العاملين في القناة بجروح طفيفة، وبين الاتصالات السياسية الرفيعة التي جرت عبر «الخط الساخن» ولم يغب عنها رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الإعلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق الذي بذل جهوداً كبيرة وتَواصل مع الأجهزة القضائية والجيش وقيادة حركة «أمل» لإبعاد المتظاهرين من دون اي مواجهة مع القوى الأمنية، فيما اتُخذت إجراءات وقائية في محيط مبنى «الجديد» الذي ناشدت إدارته الجيش «التدخل فوراً وذلك بعد معلومات إشارت الى مواكب تتجّه الى وطى المصيطبة من صيدا والضاحية الجنوبية لدعم المحتجين.

وفي حين أشارت تقارير الى ان «الجديد» تتجه الى التقدم بدعويين قضائيتين الأولى على مناصري «أمل» والثانية على الذين هدّدوا موزعي «الكابل» لقطع بث القناة في مناطق عدة، رفض مخرج «دمى كراسي» شربل خليل مطالبته بالاعتذار متوجّهاً الى مناصري بري «عم تحلموا»، ومؤكداً ان الحلقة لم تتضمّن اي إساءة للإمام الصدر، ولافتاً الى ان«هذه الأساليب الميليشيوية والبربرية معيبة وشوّهت هالة الإمام موسى الصدر».

وعلى وقع تَحوُّل هذا الملف قضية حريات وسط تضامُن غالبية الجسم الإعلامي مع «الجديد»، وضع مراقبون ما حصل في سياق «الحرب المفتوحة» منذ أشهر بين بري ورئيس مجلس إدارة «الجديد» تحسين خياط والتي تجلّت في حملات متبادلة بـ «مكبرات الصوت» حول صفقاتٍ وملفات عدة.