| د. تركي العازمي |
أضحكتني الأخبار المنشورة في الصحف حول مآخذ أبدتها الجهات الرقابية على بعض الجهات/المؤسسات الرسمية حول صرف أو تحويل مبالغ من دون مستندات.
أضحكتني، فالشاهد إننا نسير بلا مستندات... كل ما يدور مستثنى «على المشتهى» وإن أرفقت المستندات أو الفواتير فتجدها «ملغومة» كالتي حدثت في العلاج بالخارج وعمولات وغيره من الصور.
تتابع... أو «ما تتابع»? مجتهد أو كسول في عملك بمستندات ثبوتية أو بلا أي ورقة تذكر، فأنت وأنا في وجه المدفع نبحث عن مخرج!
نعم في وجه المدفع? فكلمة مستندات تعني مرجعية لضوابط ومعايير للصرف والعمل وتقييم الأداء بما فيه الأداء لنواب مجلس الأمة وكل له أسبابه وتداعياته، لكن السبب الصريح والواضح أنه يعود لعدم رغبتنا في بناء حوكمة ورقابة مسبقة مما ساعد على فتح المجال لـ «تسليك الأمور»... فكل أمر له «تخريجة» مناسبة.
هناك مستشارون مهمتهم «تضبيط» الأمور... ولو إننا ركزنا على جلب مستشارين لتحسين الأوضاع وتجردنا من التمييز عند تطبيق القانون وضوابط الحوكمة التي يخاف البعض من وجودها، لتحسن الحال.
البعض يهاجم «سين» من الناس، بمن فيهم وزراء سابقون ونواب في «بحبوحة» من العيش بعدما كانوا في وضع مختلف.
هل ما نكتبه وما يكتب يلقى أذانا صاغية؟ لا أظن حتى وإن جلسوا واستمعوا وأعجبوا لكنهم يفتقدون لعاملي «الرغبة في الاستماع» و«معرفة جوانب الموضوع المطروح للنقاش»، وهو بالتالي لا يحقق توافر عادة الاستماع الفعال الذي تنتج عنه قرارات تحسين للأداء مع احترامي لستيفن كوفي صاحب كتاب العادات السبع... ونتساءل هنا:
هل لدينا نزاهة في الأداء؟
هل لدينا حوكمة ومعايير للعمل ومنظومة اتخاذ القرار واختيار القياديين؟
هل لدينا خطة عمل فيها العنصر البشري على رأس الأولويات والتعليم والصحة من الأولويات؟
من الطبيعي ان تكون الإجابة بـ «لا»، وذلك حسب ما تطالعنا به الصحف من قضايا تبحث عن حل منذ عقود وتجاوزات بالجملة والممارسة الديموقراطية التي تسجل الملاحظات وتضع التوصيات لا تنفذ حتى بعض الأحكام التي تصدرها محاكم الكويت.
كنا نتحدث عن أهمية تطوير التعليم، وهناك مركز وطني خصصت له ميزانية ولم نلحظ أي تغيير باستثناء «الفلاش ميموري» والفصول الذكية و«الآي باد» ولم يعمل بها... يعني فلوس «طارت» بلا مردود!
أما المشاريع فحدث ولا حرج، والخدمات على الرغم من أن بعض الجهات أضفت تحسينات تشكر عليها، لكن السواد الأعظم «مكانك سر»... وخطة العمل الحكومية بلا رؤية... وهيئة مكافحة الفساد تشتكي من قوى الفساد و«الرياضة»!
هذا لا يعطينا الدافع للتوقف وترك «القرعة ترعى»... فكل فرد عاقل رشيد ومؤمن بأهمية الحوكمة وتطبيق المعايير والضوابط وفق أطر احترافية أخلاقية لا ينبغي عليه تحت أي ظرف من الظروف أن يعتزل، بل عليه أن يواصل، فالحياة كفاح لتحقيق العدالة والمساواة وبسط عيشة رخاء... إنها مسؤولية المواطنة الحقة.
لذلك? فكل من حولنا صرف بمستندات بعضها في غير محله ولا جدوى منه والبعض الاخر بلا مستندات أو مستندات «مشبوهة» حتى الدرجات العلمية حصل بعض «دكاترتها» على الدرجة العلمية بطرق ما زالت قيد البحث. وستظل كل القضايا محل البحث وقيد الدراسة والتحقيق إلى أن يأتي اليوم الذي ترفع فيه الكروت الحمراء في وجه كل فاسد وهذا علم توقيته عند الله عز شأنه.
فهل فهمت سبب غياب المستندات الآن؟... الله المستعان.
[email protected]Twitter: @Terki_ALazmi