حوار / راعي أبرشية بعلبك ودير الأحمر أكد أن «عون متألم جداً للوضع في البلد ولم يأت إلى منصب الرئاسة كرفاهية»
المطران رحمة لـ «الراي»: لبنان سيُريح العرب والعالم إذا حصل على مساعدة الكويت و... الأصدقاء
| حاوره ربيع كلاس |
1 يناير 1970
02:40 ص
تدخُّل «حزب الله» في الحرب السورية... شأنه الخاص
الجنرال يقول للجميع إن هناك «عصا» وهدّد بالعودة إلى الشعب في حال عجز السياسيون
موقف الكنيسة واضح بأن كل إنسان يعبّر عن رأيه بطريقة واضحة وديموقراطية
أنا مع إنشاء مجلس شيوخ يكون ضمير المجتمع وتعود له الكلمة الفصل
أعتبر المطران حنا رحمة، راعي أبرشية بعلبك ودير الأحمر، أن «لبنان مريض ومنهوب، ولديه مشاكل عدة، وفي بعض الأحيان، هناك سياسيون يضعون العصي في الاطارات» ولكن «في الوقت نفسه، لدى الرئيس اللبناني العماد ميشال عون التصميم الكامل لإنجاح عهده ولتأسيس دولة».
وفي حوار خصّ به «الراي» على هامش زيارته للكويت، قال المطران رحمة: «الجنرال عون متألم جداً للوضع في لبنان، لذلك، هو يقول للجميع ان ثمة عصا لوّح بها في وجه وزراء ونواب لا يريدون أن يتحملوا مسؤوليتهم».
واذ أعلن موافقته على «وجود مجلس شيوخ لبناني على غرار دول العالم المتحضّر ليكون ضمير المجتمع وضمير البلد، وتعود له كلمة الفصل ويكون المرجع الأخير في مراقبة ومحاسبة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية»، رأى رحمة «المسيحيين شعروا بغبن كبير من (القانون الارثوذكسي)، وتعرّضوا لحرب طاحنة».
وفي ما يلي نص الحوار:
• اجتاز العهد الجديد برئاسة عون، الـ100 يوم على انطلاقه... هل ما حققته الاندفاعة الأولى للعهد يؤشّر إلى ما تصبو اليه؟
- نعم، وبكل تأكيد. فلبنان وبعد عامين ونصف العام من الموت السريري من دون رئيس - وكما نعلم لا يعيش أي جسم من دون رأس - ولكن رغم ذلك، عاش لبنان، ورغم ذلك، نحن نعي بأن لبنان سيتعافى بين يوم وآخر. لبنان مريض، لبنان منهوب، لبنان لديه مشاكل عدة، وفي بعض الأحيان، هناك سياسيون يضعون العصي في الدواليب (الاطارات)، ونحن نعرف ان ثمة صعوبات كثيرة، لكننا نعرف أيضاً أن الرئيس عون لديه كل التصميم والارادة... وأنا زرت الرئيس عون أكثر من مرة، وكانت لنا جلسات حوارية كثيرة، وهو يعي كل المصاعب، خصوصاً انه خبير بمشاكل لبنان ويعرف أنه ليس باستطاعته تصليح كل شيء بين ليلة وضحاها، لكن لديه التصميم الكامل وهو أيضاً محاط بفريق ناجح، اضافة الى شعبية كبيرة تريد للعهد أن ينجح، لأن ثمة رهاناً كبيراً على هذا النجاح، وخلال المئة يوم، أعتقد ان الامور رائعة.
نحن لسنا بحالة رفاهية أو بحالة مثلى، لأنه كانت توجد نوايا سيئة، لا تريد للبنان أن يصبح دولة طبيعية، فكانوا قبل كل انتخابات نيابية، يفتعلون المشاكل، لإعادة انتخاب المجلس نفسه، ولكن اليوم ثمة اتجاه لكي يكون هناك قانون انتخابي عصري، واذا لم نصل اليه اليوم، فسنصل الى هذ ا القانون غداً.
لذلك، هّدد العماد عون بوضوح بأنه ممنوع المزاح في هذه القضية، فهو أطلق مواقف واضحة جداً وهو أيضاً مصمّم على تأسيس دولة.
• ما هو قانون الانتخاب الأمثل في رأيكم... الأكثري أم النسبي أم المختلط، وما الذي تريده الكنيسة من أي قانون انتخاب؟
- موقف الكنيسة واضح، وهي في الوقت نفسه، لا تتدخل في أي خيار، لكنها تؤمن بأن كل انسان يجب أن يعبّر عن رأيه بطريقة واضحة وديموقراطية،
ولكن بأي طريقة؟ الكنيسة تترك الأمر لأصحاب الاختصاص وللسياسيين وضع القانون الأنسب.
ثمة أفكار عدة لقانون الانتخاب، لكن أعتقد أنه من المهم أن يكون للبناني - بغض النظر عن أي مكان هو موجود - الحق في التعبير واختيار النائب الذي يراه فعلاً الشخص المناسب كي يمثّله.
أنا اعارض فكرة الدائرة الواحدة، وأنا مع أن يختار الانسان من يريد أن يمثّله في المجلس النيابي، ومن هذا المنطلق، ثمة الدوائر الصغرى مع النسبية وثمة افكارعدة، اعتقد انها يوما ما ستتبلور وستكون لخير لبنان.
• ما رأيكم بمواقف عون كتفضيله الفراغ في حال لم يقر قانون جديد أوالذهاب الى الاستفتاء ودعوته لاعتماد «النسبية الكاملة» في القانون العتيد؟
- الجنرال عون متألم جداً للوضع في لبنان، ولديه فرصة عمرها 6 سنوات، ويعتقد أن عليه أن يعمل ما يراه مناسباً وما هو مقتنع به لمصلحة لبنان. هو يهدّد؟ نعم. يقول للجميع (هناك عصا). فهو ليس خيال صحراء ولم يأت الى منصب الرئاسة، كرفاهية، بل انه جاء نتيجة نضال كبير من اجل لبنان ومن أجل كرامة لبنان ومن اجل كرامة اللبنانيين. من هذا المنطلق، نعم، هدد بالعودة الى الشعب في حال عجز السياسيون عن اقرار قانون انتخاب، اذن، عليه أن يستخدم اسلوب التهديد، ويقول للجميع: أنا الرئيس ولا مجال للمزح وممنوع على أي كان أن يلعب معي، ولكنه في الوقت نفسه، نراه يعطي كل السلطة للشعب ويعطي كل السلطة لممثلي الشعب ليتحملوا مسؤوليتهم، وزراء كانوا أم نوابا، واذا لم يتحملوا مسؤوليتهم، فهو هدّدهم باعادة السلطة الى الشعب... نعم ثمة عصا.
• قوبلت مواقف «السقف العالي» للرئيس عون بالدعوة الى تطبيق الطائف، كإلغاء الطائفية السياسية وانتخاب مجلس شيوخ، وما الطريق للخروج من هذه التشنّجات؟
- لبنان يجب ان يكون نموذجاً في التقدّم والسباق في تطوير نظامه، نحن نرى ان مجلس الشيوخ ضرورة، وهو موجود ومقرّ في الدستور اللبناني بالاساس، وكان أشقاؤنا الدروز موعودين بأن تكون رئاسة مجلس الشيوخ من نصيبهم. ان مجلس الشيوخ يمثّل كل الطوائف، وفي حال توصّلنا الى إلغاء الطائفية السياسية في المناصب النيابية وفي المناصب الوزارية وفي الوظائف، يبقى مجلس الشيوخ هو ضمير الأمة وضمير الشعب اللبناني، وهو الذي يعكس صورة كل المصالح اللبنانية.
أنا مع انشاء مجلس شيوخ في لبنان على غرار فرنسا وأميركا وبريطانيا وكل البلدان الراقية، فمجلس الشيوخ هو الذي يكون ضمير المجتمع وضمير البلد، وتعود له كلمة الفصل ويكون المرجع الأخير في مراقبة ومحاسبة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.
اذاً، المطلوب أن يكون لكل بلد «ضمير» ومجلس الشيوخ هو ضمير الأمة.
• الا تعتقدون أن المطالبة بانتخاب المسيحيين لنوابهم والمسلمين لنوابهم يزيد من حدّة الاصطفاف الطائفي على حساب نموذج العيش المشترك في «الوطن - الرسالة»؟
- المسيحيون شعروا بغبن كبير من «القانون الارثوذكسي»، وتعرّض المسيحيون في لبنان لحرب طاحنة لكي يتنازلوا عن كل امتيازاتهم، مع العلم ان دولة لبنان، وعندما كان المسيحيون أقوياء في السلطة، كان الجميع يعيش في ظل حرية وكرامة وكان ثمة دولة قوية، وكان المسيحيون يتسابقون لخدمة المسلمين. ولكن، انطلقت دعوات الى قلب النظام وإلغاء المارونية السياسية في حرب 1975 اضافة الى شعارات أخرى فارغة.
وأعتقد أن اليوم، المطلوب انتخاب نائب للبنان وليس نائبا للطائفة، لذلك، فالمطلوب استحداث قانون انتخابي لاختيار نواب للبنان، لأن اذا أصرّ «المتطرفون» على «تعيين» نوابهم، فعلى الدنيا السلام.
المفروض أن يكون النواب لكل لبنان، ويفترض أن ينتخب المسيحي نائباً مسيحياً والمسلم ينتخب نائباً مسلماً ولكن، نائب مسيحي ومسلم للبنان ككل، لان اذا وافقنا على «القانون الارثوذكسي»، فسيتطرّف المسيحي لمسيحيته للحصول على أصوات كما سيتطرّف المسلم للحصول على أصوات، وهنا نقسم لبنان الى دولتين.
• ثمة من يأخذ على «الثنائي المسيحي» استنساخ تجارب في الطوائف الأخرى على النحو الذي يؤدي الى استئصال التنوع والتعدّد في الوسط السياسي المسيحي... الا تعتقدون ان انتقال «المحادل الانتخابية» الى الوسط المسيحي سيكون على حساب احزاب تاريخية كـ «الكتائب» و«الأحرار» والبيوتات السياسية؟
- نحن المسيحيون حافظنا على الديموقراطية في هذا البعد، لكن اليوم، وبعد هذه الاصطفافات وبعد استفادة الكثيرين من هذه الديموقراطية المسيحية، اعتبروا اننا تمكنّا من انهاء لبنان بهذه الحجة من خلال التشعّب والتفكّك لدى الطرف المسيحي. وهنا أحيي رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون اللذين تخطّيا كل هذه الصعوبات، وقررا ان يتحالفا من أجل خير لبنان وانتخاب رئيس للجمهورية. ثم زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية ورئيس «حزب الكتائب» النائب سامي الجميل ورئيس حزب «الأحرار» دوري شمعون، ليسوا حزينين بالعمق، أكيد الجميع يبحث عن مكان في هذا «القطار» وهذا حقهم لكي يظلوا محافظين على وجودهم وحضورهم، ولكن هذا لا يعني ان «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» عليهما أن يختزلا كل المسيحيين وهذا لن يحصل ابدا.
أنا اعتقد ان كل الذين ذكرتهم آنفاً، ليسوا بعيدين عن هذا الاتجاه، أي التفاهم المسيحي - المسيحي الذي يخدم مصلحة لبنان العليا، وأنا أجزم أن ليس لدى الرئيس عون أو جعجع أو وزير الخارجية جبران بسيل (رئيس التيار الحر) النية في اقصاء أو إلغاء أي طرف، ولكن على كل شخص معرفة حجمه.
على المسيحيين اذن الخروج من هذا التشرذم والانقسام العمودي... الديموقراطية موجودة، ونحن من المدافعين الأوائل عن هذه الديموقراطية، وعندما جاؤوا وقالوا لنا انهم يريدون «تعيين» رئيس للجمهورية، كنا ضد هذا الأمر، أي أن يأتي الرئيس من خارج التفاهم المسيحي - المسيحي. وعندما توصّل المسيحيون الى اتفاق حول انتخاب الرئيس، باركنا هذا الأمر.
أعود وأدعو جميع الأحزاب للتواجد والحضور... فلا يمكن لأحد أن يذوّب حضور «الكتائب» أو «المردة» أو «الأحرار»، وحتى الأحزاب اليسارية، لا يمكن لأحد أن يذوّبها. والمعروف أن في الوسط الشيعي، ان «حزب الله» و«حركة أمل» استطاعا الحصول على كل الأصوات الشيعية، كما تمكّن «تيار المستقبل» من الحصول على الأصوات السنية، كذلك الأمر بالنسبة للزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط الذي حصل على أصوات الدروز... فهذا الامر بات متعارفاً عليه في لبنان، ولكن اليوم، لا أحد يمكنه أن يمنع أحدا من اختيار ممثلين جدّد له، وليس بالضرورة الذهاب الى «المحادل»، وأعتقد انه آن الأوان لكي يقول اللبناني كلمته.
• هناك من يرى أن المسيحيين ارتضوا في التسوية الأخيرة التخلّي عن جزء من السيادة حين سلموا ببقاء قرار الحرب والسلم خارج الدولة رغم وجود «الرئيس القوي» في القصر... ما رأيكم في ذلك؟
- أفهم من هذا السؤال أنك تغمز من قناة «حزب الله» وقتاله في سورية، الرئيس اللبناني كان واضحاً والكنيسة كانت واضحة، ان تدخّل «حزب الله» في الحرب السورية ليس شأناً لبنانياً، بل هذا شأنه الخاص و(الحزب) هو من يتحمّل كامل المسؤولية، وليس لبنان.
نحن باتجاه أن يستعيد لبنان قرار السلم والحرب خصوصا ان الجميع يتّفق على أن اسرائيل عدوة.
اليوم، الدولة اللبنانية قادرة، واذا حصلت على مساعدة «الأصدقاء» خصوصا الكويت والمملكة العربية السعودية التي وعدت العماد عون بدعم الجيش اللبناني، وأنا متأكد أن المملكة ستفي بوعدها، فستكون لدينا دولة ومقومات الدولة التي بامكانها بدورها أن تفرض سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية، ولا يعود هناك أي حاجة لوجود أي عسكر أو أي سلاح سوى سلاح الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية، اذن، في حال حصلنا على المساعدة من كل دول العالم - وباخلاص - بامكاننا أن تكون لدينا دولة تُريح كل الدول العربية، وتُريح الجارة سورية وتُريح كل الدول الأوروبية وأميركا التي تنادي بمحاربة الارهاب.