استخدم «المصرية - الكويتية» نافذة للمرور

قورة... حكاية نائب مصري حصل على 110 ملايين متر في «العياط» بـ 85 ألف دينار!

1 يناير 1970 12:33 م
رجل الأعمال غيّر مع وزير الري نشاط 26 ألف فدان من «زراعية» لـ «مبانٍ»

صديق كويتي سابق لقورة ثار عليه بشكوى لـ «التجارة» اتهمه خلالها بالتزوير والتلاعب
أحمد عبدالسلام قورة، شاب مصري بدأ حياته بداية التسعينات بامتهان الأعمال الحرفية البسيطة في أحد مصانع الكويت مع والده، لكن سرعان ما انتقل إلى الواجهة خلال أكثر من عشر سنوات، ليصبح واحدا من أبرز أعضاء مجتمع الأعمال في مصر والكويت، في وقت تدرج خلاله في الحياة السياسية إلى أن بات عضوا في الحزب الوطني المنحل ونائبا في مجلس الشعب المصري من 2005 حتى سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك بداية 2011.

ربما لا تكون رغبة قورة في أن يمحى من ذاكرة التاريخ أي شيء يمكن أن يذكر ببدايته المحدودة جدا في الكويت - أهم عقدة في حياته - حيث يمكن أن يضاف إليها ما يعرف باسم قضية «أرض العياط» الشهيرة والتي أفقدته وهجه السياسي، وقادته في الوقت نفسه إلى السجن غيابياً 7 سنوات مشددة، مع وزير الري المصري السابق الدكتور محمد نصرالدين علام، على خلفية اتهامهما بإهدار 37 مليار و128 مليون جنيه على الدولة، رغم شرائها بمبلغ 5 مليون و200 ألف جنيه، بواقع 200 جنيه للفدان.

ووجهت محكمة الجنايات في الجيزة الى قورة، الذي يرأس مجلس ادارة الشركة المصرية الكويتية لاستصلاح الأراضي، وعلام، اتهامات بتغيير نشاط أرض منطقة العياط في جنوب القاهرة، البالغ مساحتها 26 ألف فدان، بما يقارب 110 ملايين متر مربع - أي ما يعادل 1.4 ضعف مساحة محافظة حولّي - من «زراعية» إلى أراض للمباني...

سجن قورة تصدر الصحف المصرية والخليجية أمس، واشتعل الحديث بخصوصه في أكثر من دولة خليجية رغم أن زملاء له، بعضهم وزراء سابقون على وزن وزير الزراعة الأسبق يوسف والي، كانوا متواجدين في محكمة مجاورة إلا أن محاكمتهم لم تحظ بالاهتمام الاعلامي نفسه.

فما القصة الكاملة لقورة وقضية «أرض العياط» التي نالت اهتماماً مصرياً وكويتياً واسعاً، والتي اشتهرت بـ «أرض المصرية - الكويتية»؟

في 25 يناير 2011 كان رجل الأعمال المصري المقيم في الكويت قورة، يراقب تطورات الأوضاع المصرية عبر شاشات التلفزة، باهتمام بالغ، فيما كان يحدق بهاتفه باستمرار وكأنه في انتظار مكالمة واردة من صديق تهدئ مخاوفه المكتومة... فمن الواضح أن ما يشغله لم يكن خروج مبارك من الحكم، بقدر ما سيترتب على تركه الحكم، من محاولات تفتيش في أوراقه الرسمية، يمكن ان تكشف للجهات الرقابية وللرأي العام عن موافقة حكومة أحمد نظيف وقتها، على تحويل الأرض من «زراعية» إلى «عمرانية».

فقورة استطاع من خلال «الكويتية - المصرية للتنمية والاستثمار» الحصول على أرض العياط الشهيرة بثمن زهيد قبل الثورة المصرية، والتي أخذت بعد ذلك أبعاداً سياسية واقتصادية مهمة، وفي مرحلة لاحقة لفتح مصر التحقيق حول كيفية حصوله على هذه الأرض، إذ تلقت وزارة التجارة والصناعة الكويتية شكوى رسمية توضح كيفية تصرّف قورة بأرض العياط، والتي أفادت بان أجزاء من تلك الأرض الشاسعة نُقلت ملكيتها إلى شركة كويتية بسعر يعادل 10 آلاف ضعف سعرها الأصلي، وتم إدخالها كمساهمة عينية في زيادة رأسمال شركة «منا للانشاءات»، ثم تبيّن أنها ما زالت مدرجة في ميزانية الشركة المصرية - الكويتية.

وقد حصلت الشركة الكويتية - المصرية على الفدان الواحد بسعر أقل من 4 دنانير كويتية بأسعار اليوم (الفدان يعادل 4200 متر)، وبقيمة إجمالية 5.2 مليون جنيه مصري (نحو 85 ألف دينار بأسعار اليوم)، لكن الخطة كما اتضح قضائيا، أنه لم تكن هناك نية لزراعة هذه الأرض بل تحويلها إلى «عمرانية»، ما كان من شأنه أن يضاعف سعرها آلاف المرات.

واكتسبت القضية اهتماما محليا في ظل الاعتقاد السائد بأن الشركة التي استولت على أرض العياط، مصرية - كويتية، وهذا صحيح من حيث الشكل القانوني، لكن شهادات عاملين مع قورة تؤكد أن معظم الملكيات الكويتية صورية، وتعاكسها أوراق ضد (تنازل) لمصلحة قورة بشكل أو بآخر، علاوة على أنه استطاع قبل ان تتحول أرض العياط إلى قضية رأي عام، أن يبيع لشركات كويتية أراض في العياط بمبالغ تصل لـ 80 ألف دينار للفدان الواحد.

من ناحية ثانية، كان قورة يجني مكاسب أخرى من خلال صفقات البيع والشراء لأجزاء من تلك الأراضي لمصلحة شركات كويتية، علاوة على ما حملته هذه الصفقات من تغذية لنشاط التداولات على شركاته المرتبطة بالصفقة، خصوصا ما إن أُعلن عن ملكية «منا القابضة» لسبعة في المئة فقط من أسهم «المصرية - الكويتية للتنمية» حيث قفز السهم في بورصة الكويت، من 120 فلساً إلى نحو الدينارين. ولعل من أبرز أصدقاء قورة الثائرين ضده مدير شركة منا للإنشاءات (ذات مسؤولية محدودة) سعود بدر يوسف نقي، الذي وجه كتابا إلى وزير التجارة والصناعة وقتها أنس الصالح يطلب فيه إيقاف البيانات المالية للشركة، متهما قورة بالتزوير بالمستندات الرسمية والتلاعب والتدليس.

وكشف نقي في تصريح سابق لـ «الراي»، أن زيادة «وهمية» تمت لرأسمال «منا للانشاءات» قبل سنوات من 120 ألف دينار إلى 10 ملايين دينار، عبارة عن زيادة عينية من خلال عقدي بيع لـ 50 فداناً و71 فداناً من أرض العياط بقيمة تعادل نحو 83 ألف دينار للفدان الواحد.

وقال في معرض كتابه إلى الوزير «سبق وان نشرته الراي»، ان أسهم الزيادة المذكورة التي تمت على رأسمال «منا للانشاءات» وهمية وغير حقيقية ولم تعد ملكاً للشركة، بعد ان قام قورة ببيع ورقيا ما لا يملك اصول زيادة رأسمال «منا للانشاءات» التي تمت الزيادة بناء على استدخالها عينيا في رأسمال الشركة، ولم يقم بإلغائها بعد أن قام بارجاعها، ما يستدعى محاسبيا تخفيض رأسمال «منا للانشاءات» من 10 ملايين إلى 120 ألفا، وهو رأسمال الشركة الرئيسي قبل الزيادة.

وحسب الشكوى، فإن هذه المساحة تم تحويرها لزيادة نسبة وحصة الشريك الرئيسي (قورة) بما يعادل 9.88 مليون دينار. وتكشف كيفية تنفيذ عقود البيع كيف كان يتم التصرف بأرض العياط. فقد قام قورة (صورياً على ما يبدو) ببيع 71 فداناً من أرض العياط إلى نقي، في مقابل إقرار معاكس من نقي إلى قورة يفيد بملكية الأخير لتلك الأفدنة وما يترتب عليها من زيادة رأس المال لشركة منا للانشاءات، وبأن ملكيتها ستعود لقورة لأنه صاحب التصرف بكل أشكاله عن الأسهم كافة. وتم توثيق هذا الإقرار بمستند رسمي موثق لدى إدارة التوثيق بوزارة العدل. ومن ثم باع نقي الأفدنة نفسها بموجب عقد بيع ابتدائي لشركة منا للانشاءات لتدخل ضمن زيادة رأس المال.

إضافة إلى ذلك، باع قورة 50 فداناً الى «منا للانشاءات» بموجب عقد بيع أولي مباشرة وبذلك يكون إجمالي ما تم بيعه الى شركة منا للإنشاءات 121 فداناً يملكها قورة والذي تم بموجبه زيادة رأس المال من 120 ألفاً الى 10 ملايين دينار.